فى المليان

قـيـس سـعـيد أستاذ الـقـانـون يواجه النهضة بدعم الشعب التونسي3

حاتم زكريا
حاتم زكريا

أدي انفجار الصراع السياسي واحتدام الخلاف بين أركان النظام إلى اتخاذ الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد تدابير استثنائية منها تجميد عمل البرلمان وحل الحكومة طبقاً للمادة 80 من الدستور التونسي ساعد على ذلك المظاهرات والاحتجاجات الصاخبة التي شهدتها المدن التونسية يوم الأحد الماضي الذى صادف اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى 64 لعيد الجمهورية بعد تردى الأوضاع الاقتصادية خاصة فى ظل أزمة جائحة كورونا التي تشهدها البلاد .. 
ويبدو أن ما وصلت إليه الأحوال فى الشقيقة تونس كان من فعل الإخوان وفى المقدمة منهم حزب النهضة وبعض الأحزاب المتحالفة معه ، وكان الرئيس السابق الباجي قائد السبسي قد استطاع التعامل مع هذه الجماعة بــ « كاريزما « خاصة كانت توحد التونسيين ضد مشروعات التيار الإخواني .. وحول وفاة السبسي قال الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق والذى كان أحد مؤسسي « نداء تونس « من قبل : إن وفاة الرئيس السبسي خبر سيئ ومحزن والصدفة ذات المعني أنه توفي يوم عيد الجمهورية فهو رئيس دولة كبير وأنقذ تونس مرتين على الأقل عندما كانت مهددة بالفوضي والتفريق بعد 2011 ..
وقد يكون انتخاب قيس سعيد كرئيس للجمهورية التونسية - كما أشرت فى مقال لي يوم 16 إبريل الماضي - وسط محاولات شديدة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء هو الذى أعطي الأمل فى استمرار الصحوة التونسية - التي عززها السبسي - للخروج من براثن المخططات الظلامية الدولية التي تمتد أصابعها وتأتي من الخارج .. 
والطريقة التي جاء بها قيس سعيد إلى كرسي الرئاسة التونسية لم يتوقعها أحد ، فقد كان يعتمد على ذكاء وفطنة المواطن التونسي الذى يرفض أن يكون أسيراً لتكتلات سياسية تعمل لتحقيق أهداف خاصة بها فى الوقت الذى نجح فيه قيس سعيد فى مخاطبة وجدان المواطنين التونسيين ، واقترب من قلوبهم ضارباً كل التوقعات والتكتلات فكان الرقم الصعب وأصبح ظاهرة تستحق دراسة خاصة ما زال الأكاديميون يعلقون عليها .. وقد يكون كونه أستاذاً جامعياً فى القانون هو الذى أعطاه القدرة على مواجهة كثير من المواقف الشائكة التي ظلت تصاحبه حتي قام بحركته الإصلاحية الأخيرة تصحيحاً للمسار وإيقاف للمهاترات التي تعمد مناصرو النهضة القيام بها ومنها ضرب إحدى النائبات فى البرلمان التونسي الى جانب رفض غالبية الشعب تدني الأحوال الاقتصادية والصحية .. 
وإذا كنا نتناول ما جرى فى تونس الشقيقة من الناحية التحليلية الصحفية فإننا نعرف تماماً أن الشعب التونسي لديه من الوعي لتقدير ما يضره وما ينفعه .. ولذلك فإننا نضع أكثر من علامة استفهام على التصريحات التركية حول قرارات الرئيس قيس سعيد فقد استنكرت الرئاسة التركية تعليق العملية الديمقراطية فى تونس جراء الأحداث الأخيرة ، وفى تغريدة له عبر « تويتر « قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن تعليقاً على إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد اختصاصات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه « نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب فى تونس الصديقة والشقيقة « . وأضاف قالن : ندين المحاولات الفاقدة للشرعية الدستورية والدعم الشعبي ، ونثق أن الديمقراطية التونسية ستخرج من هذا المسار .. 
وكان للموقف التركي ردود فعل مضادة من عدد كبير من النشطاء منهم من قال إن على تركيا أن تعلم إن الإجراءات المتخذة فى تونس هي إجراءات قانونية وتم اتخاذها من رئيس منتخب من الشعب التونسي .. وهو نفس الكلام تقريباً الذى قاله الرئيس التونسي لرؤساء عدد من المنظمات الوطنية يوم الثلاثاء الماضي إلى جانب قوله إن هذه الإجراءات الاستثنائية مؤقتة بسبب تعمق الأزمة وأن الحريات والحقوق لن تمس بأى شكل .. 
وخاطب النشطاء تركيا : ليس لتركيا حق التدخل فى تونس ولا فى ليبيا ولا فى أى دولة عربية وعليها النظر فى أعداد السجناء الأتراك فى السجون التركية بدلاً من التدخل فى الدول العربية .. والأراضي العربية ليست من أحلامكم فليفهم أردوغان هذا الكلام .. 
والغريب أن تخرج علينا اليمنية توكل كرمان - الإخوانية -  التي تعيش على ذكرى جائزة نوبل التي فازت بها وتقول لكي يكون لها دور فى الاتجاه العكسي : قيس سعيد مجرد انقلابي خان ناخبيه !! .
هذا ما قالته كرمان دون أن تتوكل علي الله وبلدها يعاني أشد المعاناة ! 
وأعتقد أن الرئيس قيس سعيد يحاول أن يستعيد ذكرى الرئيس السابق الباجي قائد السبسي وأن يكون حجر عثرة أمام مشروعات التمكين الإخواني والشعب التونسي منتبه للجماعة .. ولا شك أن تجربة الشعب المصرى فى ثورة 30 يونيو 2013 ليست بعيدة عن الشعب التونسي بما يملك من إرادة جبارة للعيش فى أمان وسلام تحقيقاً لأمانيه وتطلعاته التي اختطفت منه فى فترة ظلامية لا تتوافق أركانها مع ملامح وأبجديات هذا الشعب الأبي .
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي