فوق الشوك

الهجرة إلى الساحل

شريف رياض
شريف رياض

مع دخول الصيف كل عام يبدأ موسم الهجرة إلى الساحل فإذا ما جاء عيد الأضحى تتضاعف أعداد المهاجرين إلى الساحل سواء الساحل القديم حيث المصايف التقليدية فى الإسكندرية ومطروح ورأس البر وجمصة وبلطيم وبورسعيد والعريش أو الساحل الجديد بطبقاته الاجتماعية المختلفة.. ساحل الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة من العجمى حتى ما قبل مارينا.. ثم تأتى مارينا أكبر قرى الساحل والممتدة ٢٠ كيلومترا والتى احتلت لسنوات طويلة القمة بعدما أصبحت مصيف كبار القوم والمسئولين حتى بدأ التوسع  يسارا فى اتجاه مطروح وهو ما يعرف الآن بالساحل الجديد الذى أدار سكانه ظهورهم للساحل القديم قبل مارينا.. وحتى مارينا هجرها سكانها أيضا تحت ضغط أبنائهم بحثا عن مصيف أرقى ومجتمع أشيك مهما بلغت التكلفة.. المهم أن يكون فى الساحل الجديد الذى يعيش سكانه نمطا مغايرا تماما.
نهارهم ليل وليلهم نهار.. يومهم لا يبدأ قبل الثانية ظهرا وبعد سويعات قليلة على البحر أو حمامات السباحة يبدأ الاستعداد للمساء والسهرة ـ وهو الأهم ـ حيث «تحلى القعدة والسمر» فى المطاعم والكافيهات الشهيرة أو تقام حفلات  Dj أو حفلات life لكبار الفنانين على فترات متقاربة لا تتجاوز أسبوعا.. طبعا الحفلات فى قرى مختلفة وشبابنا ـ ربنا يحميهم ـ «ما بيفوتوش حفلة» ويظلون يلهثون وراء هؤلاء الفنانين ويتوقف المرور تماما على الساحل.. أما الصورة من داخل هذه الحفلات فحدث ولا حرج.. عشرات الآلاف من الشباب يتمايلون ويرقصون وقوفا لعدة ساعات بعيدا عن أية إجراءات احترازية لتفادى الإصابة بفيروس كورونا «حتى مفيش كمامة»!!
ما حدث هذا الصيف ليس هجرة فقط إلى الساحل ولكنه هجوم غير مسبوق على الساحل بكل تصنيفاته.. ساعد على ذلك شدة الحر وطول فترة الإجازة.. الصور التى جاءت من الإسكندرية ومطروح تظهر أنه لم يكن هناك مكان لقدم على الشواطئ وزحام مرورى رهيب على الكورنيش وفى الشوارع الداخلية.
الإسكندرية استقبلت ٤ ملايين زائر ومطروح ٣ ملايين ورأس البر أكثر من مليون زائر فإذا أضفنا زوار المدن والقرى الأخرى سواء فى الساحل القديم أو الجديد نجد أنه ما لا يقل عن ١٢ أو ١٣ مليون مصرى من جميع المحافظات هجموا على الساحل بضراوة غير مسبوقة وهذا أمر لن يتراجع فى السنوات القادمة بل سيزداد خاصة فى الساحل الجديد الذى أصبحت تنميته وتطويره على أسس سليمة بعيدا عن العشوائية أمرا لا مفر منه.
ولهذا جاءت توجيهات الرئيس السيسى بضم مارينا إلى مدينة العلمين الجديدة والتوسع فيها غربا حتى الضبعة بطول ٦٠ كيلومترا إضافية، ربما لا يعرف كثيرون مغزى هذه التوجيهات التى ستتحول خلال أيام إلى قرارات وخطة تنفيذية تحقق أفضل استغلال للساحل بحيث يتحول إلى منطقة جاذبة للسكان والإقامة الدائمة على مدار العام مثلما تم التخطيط لمدينة العلمين الجديدة وذلك من خلال إتاحة فرص استثمارية وتنموية غير محدودة وتوفير فرص العمل لأبناء مطروح حيث ستقام الفنادق بكل مستوياتها لجذب السياحة العالمية وخاصة الأوروبية.
سيساعد على ذلك بلا شك دخول هذه المنطقة تحت ولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بفكرها المتطور بعيدا عن أسلوب الإدارة فى المحافظات ومواردها المحدودة  وهو ما تم فعلا بصدور قرار جمهورى العام الماضى بنقل تبعية حوالى ٧١٠ آلاف فدان بالساحل الشمالى الغربى لتبعية هيئة المجتمعات العمرانية لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة.
وستكون البداية بتطوير الطريق الساحلى الذى تمت مرحلته الأولى حتى مارينا ليمتد إلى مطروح بالإضافة إلى إقامة مدينة رأس الحكمة الجديدة على غرار مدينة العلمين الجديدة لتتوافر فيها المدارس والجامعات والمستشفيات وفرص العمل، وبذلك ينتقل الثلث الأخير من الساحل حتى مطروح «نقلة تانية خالص» وقد بدأ فعلا وضع المخطط العام للمدينة وسيبدأ التنفيذ خلال شهور.