المشروع القومي للبلازما.. نهر خير في «عروق» المصريين| فيديو

بلازما الدم
بلازما الدم

◄ أستاذ أمراض الدم بالقصر العيني: تكلفة علاج مريض «الهيموفيليا» من بلازما الدم المستوردة 1200 جنيهاً.. ومرضى نقص المناعة 70 ألف للمريض في شهرين.

◄ عضو لجنة الشؤون الصحية بالنواب: لا تؤثر عملية التبرع على صحة المتبرع لانها تتعوض خلال 48 ساعة.


مرت مصر وما زالت باختبار صعب، خلال  جائحة «كورونا» تعلم المصريون خلالها عدة دروس اجتماعية وعلمية من بينها أهمية وجود بنك للبلازما يوفرها طوال الوقت ..  فدائما ما كنا نسمع عن التبرع بالدم، دون معرفة أهمية التبرع ببلازما الدم وتلك المادة السائلة الشفافة التي تميل إلى الاصفرار، وتمثل 55% من دم الإنسان، وبها 92% من الماء و 8% بروتين وأجسام مضادة.

«بلازما الدم» تدخل في علاج الكثير من الأمراض التي تستخدم مشتقاتها كعلاج، حيث أثبتت جائحة فيروس كورونا أهمية توطين الصناعات الدوائية بمختلف أنواعها داخل الدولة المصرية لتحقيق الأمن الصحي للمواطنين، لذا أطلقت مصر تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي المشروع القومي الأول في مصر للتبرع بـ«بلازما الدم»..«بوابة أخبار اليوم» ترصد حالات مواطنين تسبب عدم توافر البلازما في تدهور حالتهم الصحية:

«لا بلازما ولا علاج» 

بعد مرور 6 أشهر من ميلاد إبراهيم عادل رزق، وتجهيزات الأسرة للاحتفال بالمولود الصبي وإجراء عملية الختان له، اكتشفت أسرته بإصابته بمرض «الهيموفيليا»، وهو أحد الأمراض التي تسبب عدم تجلط الدم، لتبدأ رحلة العلاج مبكراً.

ارتضى إبراهيم بالوضع وقرر متابعة حالته وأخذ جرعات الدواء في مواعيدها  لمدة أكثر من  10 سنوات بمستشفى الأطفال بالمنصورة، ثم انتقل بعد ذلك إلى مستشفى العبور لمدة 5 سنوات، حيث عانى كثيراً طيلة فترة العلاج بسبب عدم تواجد دواء (الفاكتور)، مما جعله يلجأ إلى العلاج بمشتقات بلازما الدم (العنصر 8) وهو عبارة عن (جلايكوبروتين خامل).


وبرغم من تنقل إبراهيم بين أكثر من مستشفى لتوفير العلاج اللازم، إلا أنه تعرض لنزيف في مفصل الحوض، منذ أكثر 5 سنوات، حينها حاول البحث عن أي مستشفى توفر له بلازما لوقف النزيف، ولكن دون فائدة فجميع الأبواب أغلقت بوجهه وكانت الإجابة واحدة «لا يوجد بلازما» لينتظر قرابة 3 أيام حتى توفير العلاج، مما تسبب له ضمور في أعصاب القدم، وإصابته بفيروس سي.

«التئام تشوهات.. دون فائدة» 

جدة مرهقة أعيتها أحمال السنين، وغلبتها أوجاع الزمن بالكاد لا تزال تقف على قدميها لتحمل حفيدها المصاب بالحروق وتعينه على ألمها.

لا تنسى الجدة "أ.م" دوي الإنفجار الحاد الذي وقع على أذنها أربك كل شئ، كان لأنبوب موقد بدائي قديم، أنفجر مهشما كل شئ، راح ضحيته 17 شخصاً فقدوا حياتهم في الحال، والبعض الأخر لا يزال يقاوم ضراوة الحروق.

تحكي الجدة "أ.م" رحلة البحث الطويلة لعلاج حفيدها - محمد ربيع - الذي رحلت والدته ضحية أمام عينه فأغلب المستشفيات غير معد جيداً لعلاج الحروق، والبعض الأخر يقدم العقاقير الخاطئة لمصابي حوادث الحروق.

تقوله الجدة لـ«بوابة أخبار اليوم»: «كان من ممكن جلده يتحلق من 10 سنين، لو كان في حقن بلازما عشان تصلح طبقة الجلد اللي في الوجه واليد، وتساعد على سرعة الالتئام، لكن مكنش في علاج وتعامل كويس مع مرضى الحروق أو حتى توافر بلازما في مستشفى، وبرغم من عمليات التجميل الكثيرة لكن التشوهات مازالت ظاهرة بشكل ملحوظ جدا».

«الآن ندخل مرحلة التصنيع»
الدكتورة ميرفت مطر أستاذ أمراض الدم بالقصر العيني، توضح لـ«بوابة أخبار اليوم» أهمية بلازما الدم والتي تحتوي على بروتينات مهمة وحيوية جداً للجسم، مثل الألبيومين والذي يستخدم في حالات التورمات والفشل الكلوي والتخثر، ويحتوي إيضاً على مواد التجلط والتي تستخدم في علاج مرضى الهيموفيليا، بجانب احتوائه على الأجسام المضادة والتي يستعملها مرضى فاقدي المناعة.

وتابعت، أن الوضع قبل إطلاق المشروع القومي للتبرع بـ«بلازما الدم»، كان مقتصراً فقط على التبرع بالدم بشكل كامل، ثم يتم فصل البلازما في بعض الأحيان لتغطية العجز لدى المستشفيات، وسرعة معالجة بعض المرضى، منوهة أن الكميات حينها كانت ضعيفة، لذا كان يتم استيراد البلازما ومشتقاتها من الخارج، مما يسبب حمل ثقيل على المريض.

وتشير أستاذ أمراض الدم بالقصر العيني، إلى بدأ تصنيع مشتقات بلازما الدم في مصر بعد ذلك المشروع الوطني، حيث ستوفر كميات كبيرة جداً من البلازما يمكن فصلها وتصنيع مشتقاتها وتوفيرها للمرضى، قائلة : (أحنا مع الوقت ممكن نصدر بلازما ومشتقاتها للخارج مثل الهند ).

ونوهت ميرفت عن معاناة مرضى «الهيموفيليا» إحدى الأمراض المستفادة كلياً من إطلاق المشروع القومي للتبرع بـ«بلازما الدم»، لمعاناة هؤلاء المرضى منذ الولادة وحتى الوفاه من  نقص أو غياب أحد عوامل التجلط في الدم، مما يعرضهم لنزيف حتى الموت إذا لم يتم المواظبة على العلاج مرتين إلى 3 مرات أسبوعياً، وعلاجهم يتمثل في العنصر 8 في بلازما الدم وهو عبارة عن جلايكوبروتين خامل، وكان يتراوح سعر العبوه المستوردة بين 500 لـ 1200 جنيهاً.

بينما مرضى فاقدي المناعة، يحتاجون إلى جرعات كبيرة جدا من الأجسام المضادة كل شهرين، بسبب عدم توافر كرات الدم البيضاء المسؤولة عن الأجسام المضادة لذا يكونوا عرضة دائماً للفطريات والفيروسات والالتهابات البكتريا وتصل تكلفة العلاج للشخص البالغ 70 ألف جنيه.

ويصرح دكتور محمود حسن مدير عام خدمات نقل الدم لـ«بوابة أخباراليوم» أن مصر سوف تدشن أول مصنع خاص في مصر والشرق الأوسط  لتصنيع مشتقات البلازما في عام 2023.

ويتابع محمود أن مصر كانت تقوم بإرسال المادة الخامة «البلازما» لإسبانيا لتصنيعها ثم إستيراد مشتقاتها المصنعة ولكن بأسعار مرتفعة جداً، ومن جانب أخر قد يسبب أرتفاع أسعارها إلى عدم استيراد كميات كبيرة مما يؤثر على توافر مشتقات البلازما في المستشفيات، بالإضافة إلى جائحة «كورونا» التي انتشرت في العالم وتأثر بها حركات الإستيراد والتصدير، وألقت أثارها على البلازما وعدم تواجدها بشكل كافي.


ويوضح «حسن» أن مصر حالياً تعمل على أكتفاء ذاتي للأدوية لتأمين المرضى من حدوث أي كوارث طبيعية، وذلك سوف يتم من خلال إطلاق المشروع القومي للتبرع بالبلازما، فنستهدف في البداية جمع 100 ألف لتر ثم نتوسع ليكون 200 ألف لتر وبعد ذلك 300 ألف لتر من بلازما الدم.


ونوه محمود، أنه يوجد حالياً 6 مراكز للتبرع  ببلازما الدم بينهم 3 مراكز في القاهرة فقط، بالإضافة إلى مركز بالمنيا  ومحافظة الإسكندرية، وسيتم إضافة 14 مركز آخرين خلال هذا العام، حيث جاري أعمال الإنشاءات وتوفير الاجهزة الطبية، مشيراً إلى أماكنهم والتي تقع في منطقة الزقازيق بمحافظة الشرقية،  والمنصورة بمحافظة الدقهلية،  وشبين الكوم ومحافظة بنها، ومحافظة بني سويف، ومحافظة أسيوط ومحافظة سوهاج، ومحافظة الإسماعيلية، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومنطقة حلوان سنصل للاكتفاء الذاتي بمشروع القومي. 

بينما تشير الدكتورة إيناس عبد الحليم عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، إلى الاختلافات الجذرية بين عملية التبرع بالدم، وعملية التبرع بالبلازما، فالمتبرع البلازما دائم التبرع وقد يصل إلى مرتين أو 4 مرات في الشهر، على عكس المتبرع بالدم فيكون بحد أقصى 4 مرات فقط في السنة، ويتم التبرع بالدم بدون مقابل، ويتم بشكل طوعي، طبقاً للمعاهدات والمواثيق الدولية.

وأوضحت عبدالحليم، أن  المواطن الذي سيخضع للتبرع بالبلازما سوف يطمئن على صحته من خلال إجراء التحاليل و للتأكد من صحته ومن خلو الدم من أي فيروسات، ولا تؤثر عملية التبرع على صحة المتبرع لانها تتعوض خلال 48 ساعة، مؤكدة أن  تستهدف الوصول للاكتفاء الذاتي من بلازما الدم.

وأضافت عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، أن استخدامات البلازما تتمثل في الأفراد الذين يعانون من صدمة شديدة أو حروق والبالغين أو الأطفال المصابين بالسرطان ، والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الكبد أو عامل التخثر، أو في بعض الحوادث، و يمكن تجميدها وتخزينها لمدة تصل إلى عام واحد.

وافق نواب البرلمان مؤخراً، على التزام مركز تجميع بلازما الدم بمنح المتبرع عوضًا يتناسب مع نفقات الانتقال ومقابل التغذية وساعات العمل، وأي نفقات أخرى يتحملها المتبرع في سبيل تبرعه، وتحدد اللائحة التنفيذية قواعد احتساب هذا العوض.

ونشرت وزارة الصحة والسكان فوائد التبرع بالبلازما أهمها تنشيط النخاع العظمي لإنتاج خلايا دم جديدة، وتنشيط أجهزة الجسم المسئولة عن تجديد بروتينات البلازما، بالإضافة إلى إجراء فحص دورى بالمجان للمتبرع يشمل جميع الأمراض والفيروسات، للاطمئنان على صحته، بجانب أن المتبرع لا يتحمل أية أعباء مادية، حيث يتم تعويضه عن الفترة التى يستغرقها للتبرع، بالإضافة إلى تكاليف الانتقال للمركز.

وحددت وزارة الصحة والسكان أبرز شروط التبرع بالبلازما، حيث لا يقل سن المتبرع عن 18 عام، وحالته الصحية تسمح له بالتبرع ولم يتبرع بالدم خلال الـ3 شهور الماضية.