إنها مصر

نسجد لله حمدا وشكرا

كرم جبر
كرم جبر

الدول مثل الأفراد إذا لم تتخلص من عوامل ضعفها ركبتها الشيخوخة المبكرة، وفقدت عوامل قوتها وازدهارها، وصارت مطمعاً للجميع.

ومن أهم أسباب قوتها أن يكون الشعب واعياً بما يدبر له فى الخفاء، ليس استحضاراً لنظرية المؤامرة، والأقدار كتبت على مصر ان تكون محطاً للأطماع والمؤامرات.، لأنها قلب الشرق النابض، وإذا هبت فيها ثورة انتشرت رياحها فى سائر الدول، وإذا نهضت ثقافتها أشعت نوراً على العقول المظلمة، وإذا انتصرت تسرى عدوى الانتصار فى بقية الأجزاء.

جمال عبد الناصر مثلاً، كانت شعبيته ضخمة، فصار صوته فى الشرق والغرب وهو يقول «ارفع رأسك يا أخى فقد انتهى عهد الاستعباد»، ولم يحاول الاستعمار إسكات صوت عبد الناصر فقط، بل تمكنوا من وأد الحلم الناصرى فى إعلاء شأن القومية العربية، وضُربت الثورة التى كانت ملهمة للشعوب التواقة للحرية .

أوقعوا عبد الناصر فى النكسة، وتمكنوا من القضاء على أحلام الوحدة العربية، ومن ساعتها صارت العروبة هدفاً ثابتاً تصوب إليها البنادق والصواريخ، وتتلقى الضربات من الداخل والخارج .

وجاءت الطامة الكبرى من الجماعات الإرهابية التى طعنت العرب والمسلمين فى مقتل ، وأوقعت المنطقة كلها فى براثن الشياطين، وكسروا ظهر دول كانت واقفة ، ومصر بإذن الله لن تنحنى أبداً ولن يركب أحد ظهرها.

من يعمل حسابك ويخاف غضبك يتقرب منك، ومن يستهين بك يسعى إلى انحناءة ظهرك، والمثل يقول «لا يستطيع أحد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً»، وهذا ما قاله مارتن لوثر كينج، وهو زعيم أمريكى تم اغتياله سنة 1968 بسبب التمييز العنصري.

فى الشرق الأوسط ازداد عدد الدول مكسورة الظهر، وتعددت حالات الغزو، إما من القوى الاجنبية من الخارج، أو من أبناء البلد أنفسهم الذين كانوا أشواكاً فى ظهر دولهم.

حالة مصر مختلفة، واقفة وشامخة بإذن الله، طالما ظل شعبها متماسكاً، ورافضاً الفتن والمؤامرات، وملتفاً حول دولته ومدافعاً عنها لأنها الملاذ والمأوى، وأنجزت فى سنوات قليلة ما لم يتحقق فى عشرات السنين،  واستطاعت الدولة أن تحمى المصريين من مد اليد والمعونات التى تأتى من الخارج .

عالم اليوم يأكل الكبير الصغير، وتدوس الأفيال العشب، وفى عالم السياسة ليس هناك حب وكراهية، وإنما «أعمل حسابك » أو «أستهين بك»، وعاد الاستعمار الذى كنا نقرأ غزواته باستهجان فى كتب .التاريخ ، مرتديا ألف قناع.. نظرة على أوضاع الدول والشعوب حولنا تجعلنا نسجد لله حمدا وشكرا .