نحن والعالم

لا عزاء لحقوق الانسان

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

قد تختلف دول العالم فى انحيازاتها لأطراف أزمة السد الاثيوبى ما بين متفهم لمخاوف مصر والسودان المشروعة، ومتعاطف مع المظلومية التى تدّعيها اثيوبيا، وقد لايتفقون حول تصنيف الأزمة وهل هى قضية تنموية، أم تهديد حقيقى للأمن والسلم الدوليين، ولكن.. هل يمكن أن يختلف اثنان على ما شهده اقليم التيجراى الاثيوبى من حرب أهلية بدأتها حكومة آبى أحمد منذ ٨ أشهر وكانت سببا فى    تشريد حوالى ١٫٧ مليون شخص ونزوح أكثر من ٦٠ ألفا للأراضى السودانية وتجويع ما يقرب من نصف مليون مواطن. وهل يمكن ان يختلفوا على ان الانتهاكات وحملات التطهير العرقى التى قامت بها أديس أبابا فى الإقليم ترتقى لمرتبة جرائم الحرب كما أقرّت المؤسسات الحقوقية الدولية؟! الإجابة لا.. رغم ذلك اخفق مجلس الأمن حتى اليوم فى إصدار قرار يدين حكومة آبى أحمد، رغم ان نفس هذا المجلس انتفض فى 2011 ضد نظام الرئيس الليبى معمر القذافى وأصدر قرارا بعد شهر واحد من اندلاع الاحتجاجات ضده، بفرض حظر جوى فوق البلاد وتنظيم هجمات جوية ضده لإعاقة حركته ومنعه من وقف الاحتجاجات بزعم ارتكابها لانتهاكات ثبت زيفها فيما بعد. ونفس هذا المجلس غض الطرف عن تقويض امريكا وبريطانيا لسلطات الأمم المتحدة عام 2003،بغزوهما للعراق دون تفويض دولى، ولم تصدر منه أى ادانة لهذا الغزو الذى كان المقدمة لخلق داعش وجر المنطقة إلى وبال الفوضى والإرهاب لسنوات.
اخفاق المجلس لا يعكس فقط ازدواجية معاييره وكذب ادعاءات الغرب بحماية حقوق الإنسان، ولكنه يكرس حقيقة أن قرارات المجلس هى انعكاس لمصالح وتوجهات الدول الكبرى المتحكمة فى قراراته، فتوافق المصالح كان سببا فى التعجيل بقرار بالتدخل العسكرى ضد القذافى، وغياب هذا التوافق هو السبب فى عجز المجلس على اتخاذ موقف مناهض لحكومة آبى أحمد والتى من الواضح انها تحتمى خلف المصالح الاقتصادية والاطماع السياسية لبعض الدول الكبرى بالمجلس، والتى عرقلت قراراته فى هذا الشأن حتى الآن.. ولا عزاء لحقوق الانسان.