خبير ضرائب: المشاريع الصغيرة هي السبيل للنهوض بالاقتصاد 

رجل الأعمال الأمريكي يوسف بطرس
رجل الأعمال الأمريكي يوسف بطرس

 

الطيور المهاجرة: مصر في قلوبنا لها دين في أعناقنا ونحلم بيوم السداد

 

المصريون في الولايات المتحدة يستعدون للاحتفال بـ 23 يوليو 

 

 

 

يقول الشاعر، مشينـــاهَا خطًى كُتبتْ علينَــــا ومن كُتبتْ عليه خطًى مَشاهَا، هكذا ساق شاعر عربي زاهد، في أبيات بليغة عن القضاء والقدر الذي يتحكم في مصائر العباد. دون أن يدرك أو يعي المرء الأسباب والحكمة التي تدفع به إلى هذا الاتجاه أو تلك، حتى تكشف له الأيام الحكمة التي خفيت عنه.

 

رجل الأعمال الأمريكي الجنسية السكندري المولد يوسف بطرس، عندما سافر للولايات المتحدة الأمريكية في مهمة أْسرية في نهاية السبعينيات، لم يكن يدرك أن المقادير تدفع به إلى هدف خفي لا يعلمه، فجاءت الأهداف والنجاحات سهلة وسلسلة واحدة تلو الأخر في زمن قياسي، حتى انجلت الحقيقة وضوح الشمس أمام عينيه، فالأقدار تدفع به لأقصي بقاع العالم من أجل سلامة زوجته وأم ولديه. 

 

ويعترف رجل الأعمال المصري أن في عنقه دين لوطنه الأم مصر، ويتمنى أن يرد لها الجميل، بعد أن قامت بتعليمه مجانا، وساعدت على نجاحاته في القارة الجديدة ويحتل مكانة بارزة في المجتمع الأمريكي ويحظى بثقة العديد من السياسيين الجمهوريين في نيويورك.

 

يوسف بطرس، أو جو، كما يلقبه الأصدقاء هو خبير ضرائب شركات، عمل في مبني الوول تريد سنتر حتى سقوطه في التاسع من سبتمبر، أنقذته العناية الإلهية يوم الحادث المشئوم عندما تأخر في الاستيقاظ في موعده المعتاد، ليذهب بعد سقوط البرجين، كون مع عائلته الصغيرة سلسلة من المطاعم تبلغ في مجملها ثمانية مطعم، ويقيد عائد أحد تلك المطاعم كاملا للأعمال الخيرية والأبحاث العلمية لمرض السرطان و لخدمة البشرية جميعا.

 

  لا ينكر ابن الإسكندرية، أنه لم يخطط للهجرة قط، فبعد تخرجه من كلية التجارة في السبعينيات أنشأ شركة للمقاولات لاقت روجا كبيرا حيث كانت مصر في بداية عصر الانفتاح. وأخذ يخطط لمشوار حياته الذي يحلم به في مجال الأعمال الحرة. 

 

وبينما هو يخطو في طريقه للاستقرار والعيش في ربوع الإسكندرية التي بناها الإسكندر المقدوني في 332 ق.م، يرسم له القدر مسارً أخر، بعدما أرسل له شقيقه الأمريكي الجنسية يستعين به لمساعدته في العثور على شريكة لحياته بما لديه من خبره، وكان القرار صعبا علي يوسف المتزوج حديثا، وينعم بحياة هانئة في وطنه، ولأن يوسف لا يسعى إلى "الشقي" في بلاد الغربة وهو على مشارف الأربعينيات، قرر أن يلحق بأخيه في أمريكا على سبيل التجربة والتعرف على العالم الخارجي واكتساب مهارات جديدة تطور من أدائه في العمل. وسافر بمفرده تاركا عروسه بالإسكندرية. علي وعد بالعودة سريعا.

 

وفي الولايات المتحدة، الحياة ليست وردية كما يزعم البعض، رغم كونه ضيفا على أخيه، إلا أنه اعتاد العمل والاعتماد على النفس، فشرع في البحث عن عمل في مجاله، و صادفه الحظ، عندما تقدم للالتحاق بالعمل الحكومي في نفس تخصصه المحاسبة والضرائب، ولكن في مركز حكومي وهو لم يخضع من قبل لهذا النوع من الأعمال، ولأنه مدفوع دفعا من جانب القدر، لم يخطر على باله ولا يدري لماذا يخطو تلك الخطوات. لم يكد جو يستقر في عمله الجديد، حتى بادرته عروسه فيوليت بقدومها خلال يومين، وهو ما رفضه شقيقه تماما واقترح عليه، أن يصطحب عروسه في جولة سياحية بأمريكا، ثم يعودا معا إلى مصر.

 

ومرة أخري تلعب الصدفة في حياته دورا كبيرا عندما يلتقي بالسيدة المصرية "عطيات" وتعلم بنيته العودة إلى مصر مع وزوجته، وتقترح عليهما التقدم للبنك الذي تعمل فيه، حيث يعلن عن حاجته لموظفين جدد، وفيوليت لها خبرة في ذات المجال اكتسبتها من عملها السابق في مصر. 

 

كان القدر رحيما بالزوجين، يدفع بهما إلى مسارا تم تخطيطه بيد رحيمه، تعدهما لما هو أت من أهوال الحياة ومصائبها. ويستقر الحال بأبناء الإسكندرية، وينجبا ولدين، ولم تكد تبتسم لهما الحياة حتى تسقط الزوجة فريسة لمرض السرطان، ويخبرهم الأطباء أن فرصتها في الحياة مستحيلة. 

 

هنا أيقن بطرس لماذا زج به القدر للانتقال للولايات المتحدة، كي تلقي زوجته الرعاية الصحية من هذا المرض اللعين، في مرحلة كان السرطان متسيد علي البشر وفرص النجاة منه مستحيلة، ورغم اقتناع الأطباء بأن وقت العلاج قد انقضى، إلا أن مشيئة الله وإرادته تقول آمرا أخر، ليمتد العمر بالزوجة أربعة عشر عاما لا تخلو من مشاكل صحية غير أنها كانت بين أطفالها واستطاعت أن تصل بهم إلى بر الأمان.

 

ويشير يوسف بطرس أن عمله في مجال الضرائب الحكومية أطلعه على المجتمع الأمريكي من الداخل، وكيف يسير الاقتصاد الذي يعتمد في المقام الأول على رجال الأعمال. الضرائب الأمريكية تعتمد على التخصص، فنجد ضرائب على الشركات والتركات والبترول والمبيعات والدخل، فضلا على ضرائب الفيدرالية وضرائب الولاية وهكذا، ولأن الضرائب دائما متغيرة تحتاج دائما إلى دراسة متجددة واطلاع، فالهدف الرئيسي من الضرائب هو تنمية الاقتصاد، وكله مرتبط ببرنامج الانتخابات. 

 

يرى رجل الأعمال المصري يوسف بطرس أن عظمة الولايات المتحدة في اعتمادها على المشاريع الصغيرة، وهوما يجب أن نشجعه في مصر، وأن تقوم هيئة لتنشيط المشاريع الصغيرة ويتولاها رجال ممكن خرجوا على المعاش، وبذلك يتم الاستفادة من خبراتهم إلى جانب أنهم لن يتقاضوا رواتب كبيرة.  

 

ويؤكد بطرس أن لديه كل الاستعداد إذا كان هناك رغبة لدي المسئولين أو أي جهة ما في الاستفادة من خبرته في مجال الضرائب لن يتأخر أبدا عن بلده مصر.  

 

لا ينكر رجل الأعمال المصري يوسف بطرس أن عشق مصر وترابها ينبض في قلوب المغتربين، يزداد حنينا مع الذكريات وتقدم العمر، ولا يتوانى كل مهاجر علي الدفع باسمها عاليا في كل محفل، ويذكر بطرس كيف تضافرت جهوده مع أصدقائه من المصرين، عندما شعروا بالغيرة من جراء عدم إلمام الأمريكان في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، بمكانة مصر وحضارتها، وعلى الفور هب جو مع صديقيه، محمد السعدني، وباهر شعراوي بإعداد يوم مصري، وصارا تقليدا يتبع، حيث يقيم الاحتفالات مع كل مناسبة مصرية، ويدعو إليها السياسيين ورجال الإعلام، لأنه واجب عليه نحو وطنه الأم التي يدين له بكل الحب. ويستعد بعد أيام للاحتفاء بذكري 23 يوليو.