ما حكم الإشتراك في الأضحية بأكثر من نية ؟.. «الافتاء» تُجيب   

الاشتراك في الأضحية
الاشتراك في الأضحية

ورد سؤال الي دار الافتاء يقول فيه صاحبه ما حكم الاشتراك في الأضحية بأكثر من نية،وأجابت الأمانة العامة للإفتاء قائلة أن كثيرًا ما يحدث أن يرغب شخص في الاشتراك مع غيره في ذبيحة كبيرة كالبقرة أو الناقة؛ ليحصل على سهم منها، وتختلف دوافع الناس في هذا، فمنهم من يرى طيب لحم البقرة أكثر من الشاة مثلًا، وقد يكون ذلك لأنه أرخص، وغير ذلك.
وأوضحت الأمانة العامة أن هذا النوع من الشركة يُسمى شركة الأملاك، وهي مشروعة كأصلها.. والشركة: هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف. وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقول الله تعالى: ﴿فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ [النساء: 12]. وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص: 24]، والخلطاء هم الشركاء.

ومن السنة: ما روي "أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهُمَا أَنَّ مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ، وَمَا كَانَ بِنَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ" أخرجه الإمام أحمد في "مسنده". وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أيَقُولُ اللهُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا». رواه أبو داود. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «يَدُ اللهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا». وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة...، والشركة على ضربين: شركة أملاك، وشركة عقود. 

وأشارت دار الإفتاء أنه قد وردت النصوص صريحة في هذه المسألة:
منها: ما روي عن جابر رضي الله عنه قال: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ" متفق عليه.
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: أَيَشْتَرِكُ فِي الْبَقَرِ مَا يَشْتَرِكُ فِي الْجَزُورِ؟ فَقَالَ: مَا هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: "شَرَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي حِجَّتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، ووجه الدلالة التصريح بالأمر والإقرار بالشراكة في الأضاحي والهدايا، ورواية أحمد الأخيرة في لفظ "المسلمين" وهي كلمة تدل في أصلها على الاستغراق، ومعلوم أن الناس في حجة الوداع كانوا أصنافًا شتى؛ فمنهم المتمتع والقارن والذابح عن الأضحية، والمكفر عن ما فعله من محظورات النسك، ومعلوم أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وبمثل ما ذهبنا إليه صرح بعض أهل العلم:
ولفتت "الإفتاء" أنه سواء كان المشتركون من أهل بيت أو لم يكونوا، مفترضين أو متطوعين، أو كان بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم؛ لأن كل إنسان منهم إنما يجزئ عنه نصيبه، فلا تضره نية غيره في عشره] اهـ.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 397-398، ط. دار الفكر): [(فرع): يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية، سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد أو متفرقين، أو بعضهم يريد اللحم فيجزئ عن المتقرب، وسواء أكان أضحية منذورة أم تطوعًا، هذا مذهبنا وبه قال أحمد وداود وجماهير العلماء.
وقال: ويجوز أن ينحر الواحد بدنة أو بقرة عن سبع شياه لزمته بأسباب مختلفة، كتمتع وقران وفوات ومباشرة ومحظورات في الإحرام ونذر التصدق بشاة مذبوحة، والتضحية بشاة] اهـ بتصرف.
واختتمت دار الافتاء فتواها أنه ومما تقدَّم يتبين جواز اشتراك أكثر من شخص في ذبح بقرة واحدة بنيات مختلفة -كما هو مذهب جماهير العلماء-، كما يجوز أن يذبح الشخص الواحد بقرة واحدة بنيات متعددة