فى حارة «النحاسين» هنا معقل «الشواية والسيخ»

معقل «الشواية والسيخ»
معقل «الشواية والسيخ»

علا نافع

فى حارة "النحَّاسين" بمنطقة «الجمالية»، تتعدد محلات بيع شوايات الفحم والأسياخ الحديدية.. أكثر من خمسين محلا وورشة لصناعة الشوايات الحديدية والصاج بمختلف أحجامها.. ورث أصحابها الصناعة أباً عن جد.. ويعمل الباعة على قدم وساق مع موسم عيد الأضحى، يرصون بضاعتهم من أسياخ الكفتة ومستلزمات الشوى كالهوايات الريش.. ينادون بصوت عالٍ لجذب الزبائن قائلين: «يا عيد اللحمة يا شوى يا».

يتبارى الباعة فى استقطاب زبائنهم من السيدات وربات المنازل وتقديم العروض لهن، ففى العام الماضى تدهورت بهم الحال بسبب أزمة كورونا، وتعرَّض أغلبهم لخسارة كبيرة، ما جعلهم يبذلون أقصى محاولاتهم لتعويض الخسارة هذا العام. يمسكون الشوايات ذات الغطاء العازل ويبدأون فى شرح ميزاتها، وأبرزها أنها تمنع تطاير النيران خارجها، فلا يتأذى مستخدمها، فضلاً عن سهولة تنظيفها، ولا يكتفون بذلك، بل يعطون شرحاً لأهم وصفات شواء اللحوم ونصائح للاستمتاع بمذاقها اللذيذ.

الصاج والإستانلس

يقول ماهر راشد، أحد أشهر صنَّاع الشوايات: "تزدهر صناعة الشوايات وأسياخ الشوى فى فترة عيد الأضحى من كل عام، ويتسارع الزبائن على شرائها، وتختلف أنواعها، فهناك الشوايات الصاج اليدوية التى يتراوح سعرها بين 60 و70 جنيهاً، وتعد الأرخص على الإطلاق، ما يجعلها الأكثر انتشاراً، أما الشوايات اللوكس وهى المصنوعة من الإستانلس فتعد الأغلى ويصل سعرها فى بعض الأحيان لأكثر من 500 جنيه، وتمتاز بأنها ذات مستويين لشى نوعين من الطعام فى الوقت نفسه، وأغلبها يكون مزوداً بغطاء خارجى لعزل النيران ومنع انتشار دخانها.

ويوضح: "أغلب أسياخ الكفتة يصنع يدوياً فى الورش، وتبدأ أسعارها من 5 جنيهات للسيخ الواحد وحتى 20 جنيهاً، وذلك بحسب نوعه وتزويده بمقبض خشبى أم لا"، مؤكداً أن الشوايات التى تتميز بجودة عالية يكون عمرها أطول لكن أسعارها مرتفعة.

وحول طريقة تصنيع الشوايات يقول: "يتم تقطيع ألواح الصاج بحسب الحجم المراد، ثم يتم تشكيلها ولحامها، ويمكن صناعة أكثر من عشر شوايات صغيرة فى اليوم الواحد، وشواية كبيرة فى يومين، لكن معظم الشوايات اليدوية يسهل تعرضها للصدأ إذا تعرضت للشمس والهواء بكثرة، لذا يجب حفظها فى مكان مغلق وجاف". وينصح ربات المنازل بتنظيف الشوايات فور الانتهاء من الشوى بمياه دافئة وقطرات الليمون لمنع تراكم الدهون عليها وللتخلص من آثار الفحم الضار.

الشواء المبكر

وفى المحل المجاور، يجلس ممدوح، الذى يقترب عمره من السبعين فى محله الصغير، يرتب الشوايات الصاج بحسب حجمها والهوّايات المصنوعة من الريش لجذب أنظار الزبائن، فهو ينتظر قدوم عيد الأضحى من كل عام للالتقاء بزبائنه الذين يأتون إليه خصيصاً لشراء مستلزمات الشوى والاحتفال معه، يبيع بضاعته بأسعار الجملة للتجار القطاعى كى يسترزقوا ويذوقوا هم أيضاً حلاوة العيد.

يقول ممدوح: "تعلمت مهنة بيع الشوايات والهوّايات الريش من والدى منذ أكثر من 40 عاماً، وكنا نصنعها يدوياً ونصهر الحديد فى أفران خاصة، لكن بمرور السنين بدأنا نستخدم ماكينات تشكيل الحديد ولحامه، وتعددت أنواع الصاج كالمقاوم للحرارة والإستانلس وغيره"، مؤكداً أن أهم لوازم الشوى هى جسد الشواية والشبكة الحديدية وأسياخ الكفتة والهوّاية الريش فضلا عن الفحم.

يتابع: "تعرضت أغلب المحلات العام الماضى لخسائر كبرى بسبب أزمة كورونا وقلة أعداد الأضاحى، لكننا نأمل أن نعوِّض تلك الخسارة هذا العام"، مشيراً إلى أن أغلب الزبائن يهرع لشراء احتياجاته يوم الوقفة وأول وثانى أيام العيد، ما يجعل الكثير من الباعة يباشرون عملهم خلال العطلة الرسمية.

وعن تصنيع الهوّايات الريش يقول: "يُصنع أغلبها من ريش الطيور القوية كالبط والأوز، ويتم رصها بجوار بعضها البعض فى تناغم، ثم ربط نهايتها بقطعة خشبية لسهولة الاستخدام، لكن مؤخراً تناقصت أعدادها بعد أزمات إنفلونزا الطيور وكورونا".

وينصح ربات المنازل بشواء اللحوم الطازجة، تجنباً لتراكم الفطريات عليها مع شويها على درجة حرارة فحم مناسبة حتى لا تحترق وتسبب أمراضاً مختلفة، ويمكن لفها بورق الفويل للحصول على مذاق شهى ودرجة تسوية مناسبة.

وعلى بعد خطوات منه، وقفت أم محمد، تعاين مدى قوة الشبكة الحديدية وتعرضها لنيران الفحم، والتقطت واحدة من الشوايات الصغيرة وقلّبتها بين يديها يميناً ويساراً لتسأل أحد الباعة عن سعرها وتبدأ معه رحلة الفصال فى السعر.

تقول أم محمد: "بسبب أزمة كورونا العام الماضى لم نستطع الاحتفال بالعيد أو ذبح الأضحية، وحرمنا من شراء الشوايات وأسياخ الكفتة، لكن تحسنت الأحوال هذا العام وأصبحنا قادرين على الاحتفال"، مؤكدة أن الأسعار فى العام الحالى ارتفعت بشكل كبير، حتى وصلت إلى 600 جنيه للشواية، وهو سعر مرتفع جداً لا تقدر عليه الأسر المتوسطة، ناهيك عن أسياخ الكفتة التى أصبحت معرَّضة للصدأ وفقدان بريقها.