«أسواق الفحم» تنتعش

أسواق الفحم
أسواق الفحم

علا نافع   

مع عيد الأضحى أو "عيد اللحمة"، كما يطلق عليه الكثيرون، يزيد الإقبال على شراء سلع بعينها، تضفى بهجة على أجواء العيد، وتجعل الكبار والصغار يشعرون بحلاوته، وتنشط الأسواق التى تباع بها تلك المستلزمات خاصة قبل حلوله بساعات قليلة، ويعد الفحم من أشهر المستلزمات التى تتصدر قائمة طلبات العيد، فلا طعم للعيد من دون تناول أطباق اللحوم المشوية التى تتوافر بكثرة فى ذلك الوقت، وبحلول يوم الوقفة تهرع السيدات لشراء أجولة الفحم الصغيرة، استعداداً لوليمة ما بعد صلاة العيد.

على مشارف منطقة «باب الشعرية» بالقاهرة القديمة، وتحديداً فى حارة «الدرب الأصفر»، تتراص دكاكين الفحم بجانب بعضها البعض، والتى يزيد عمرها على مائة عام، تحوّلت ألوان حوائطها العتيقة للون الأسود، كأنها تحكى قصة صناعة لم يستطع التطور التكنولوجى محوها. عمال قليلون يقفون وسط المخازن يرصون الأجولة الكبيرة التى ترتفع حتى السقف ويفرزون أنواعه المختلفة حسب الشجر المستخلص منه، فهناك «الجازورين» المخصص للشواء، والبرتقال والمانجو المستخدم فى الشيشة.. يستمعون بفرح لأغنية الست أم كلثوم «يا ليلة العيد»، فهم ينتظرون قدوم «عيد اللحمة» من العام للعام، حيث تنشط تجارتهم، ويزداد زبائنهم.

ينادى قطب، صاحب دكان «بخيت الفحّام» على «سعيد»، أقدم العمّال لكى يهيئ للزبون طلبه ويزن له عدة كيلوجرامات من الفحم، وينصح قطب الزبون بألا يقترب من البضاعة أو يمد يده إليها، لأن «هباب» الفحم يصعب محوه من اليد والملابس، ويخرج الزبون مبتهجاً وفى يده أكياس ثقيلة محملة بالفحم الجيد ذى السعر الزهيد.

ويعد قطب واحداً من أشهر تجّار الفحم فى «باب الشعرية»، فقد ورث دكانه الصغير عن آبائه وأجداده، وعمل بمهنته منذ أن تجاوز عامه الحادى عشر، إذ كان والده يصطحبه معه إلى مكامير قرى القليوبية وكفر الشيخ كى يختارون الفحم البلدى الممتاز دون أن يعبأ بالدخان الأسود المتصاعد الذى كان يثير دموعه، وعرف طريقة صناعة قطع الفحم السوداء من أشجار الموالح وحرقها داخل «المخافر» تحت سطح الأرض فى درجة حرارة معينة حتى يتم تركها فى الهواء، لتعبأ داخل الأجولة وتنتقل لدكان والده.

يقول قطب: «تنشط تجارة الفحم فى مواسم بعينها، على رأسها عيد الأضحى، فمعظم الأسر يتفنن فى إعداد أطباق اللحوم الشهية، خاصة المشوية، وقبل العيد بأيام تتوافد ربات البيوت لشراء حاجاتهن من فحم وأدوات الشوى مصطحبات أطفالهن معهن ليشعروا بحلاوة العيد».

يتابع: «هناك أنواع عديدة للفحم، منها (الحجري) المستخدم فى شى اللحوم، وهو مصنوع من شجر الجازورين، ويعد أفضل الأنواع لصعوبة احتراقه وارتفاع درجة حرارته كما لا تصدر عنه أدخنة أو روائح كريهة، وهذا يجعل عملية الشواء سهلة وآمنة»، مشيراً إلى أن سعره ارتفع العام الحالى من 10 إلى 20 جنيهاً ثم زاد إلى 40 جنيهاً بسبب أزمة كورونا وتناقص أشجار الموالح بسبب التغيُّرات المناخية.

وعن فحم الشيشة يقول: «تستخدم أشجار الموالح مثل الليمون والبرتقال فى صنع فحم الشيشة وتقبل على شرائه المقاهى والكافيهات الكبرى ولا يزيد سعره على 30 جنيهاً للكيلو الواحد»، مؤكداً أنه يزيد من خطر الإصابة بالربو وحساسية الصدر ولا يستخدم فى إعداد الأطعمة.

أما سعيد زيان، أحد العاملين بالدكان فيقول: «يعد الحجم المتوسط للفحم الأفضل فى الاشتعال مقارنة بالأحجام الكبيرة التى لا تشتعل سريعاً، كما أنها تؤدى لتصاعد دخان كثيف يسبب تهيجاً للعينين والرئتين، ونفس الأمر بالنسبة إلى الأحجام الصغيرة التى قد تتساقط من الشواية مما يجعل عملية الشواء صعبة».

وعن طريقة إشعال الفحم يوضح: «يجب اختيار قطع متوسطة ويتم تسخينها على البوتجاز أولاً وتقلب على كافة الاتجاهات حتى تأخذ لون النار المشتعلة، ثم توضع فى الشواية على باقى القطع غير المشتعلة دون أن تكون متقاربة مع بعضها البعض»، مشيراً إلى ضرورة إعطائها الوقت الكافى للاشتعال مع توزيعها على مسافات متساوية.