بين الارتجال والتخطيط.. كيف يقضي الأدباء إجازة العيد ؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب: محمد سرساوى

بين الارتجال والتخطيط تمضى حياة البشر، والكثيرون للأسف لا يرتبون أمورهم بصورة مدروسة، تجلب إليهم أقصى استفادة ممكنة من الوقت ومن المناسبات، والمبدعون والأدباء من المفترض أنهم فئة من الناس تتمتع بقدرات عقلية استثنائية، فالروائيون مثلا لابد وان يمتلكوا قدرة فذة على تشكيل عوالم على الورق، ونسج سياق فارق يصنع من الوجوه والأحداث معنى كليا ودنيا نابضة بالحياة، وكذلك الشعراء والقصاصون يتمتعون بعقل منظم، وتفكير قادر على التكوين المذهل، فهل المبدعون والأدباء يخططون لقضاء أوقاتهم فى حيواتهم الطبيعية، بصورة تنفى عنهم الارتجال أو مايسمى بفوضية الفنانين والمبدعين؟، وعلى اعتبار أن العيد زمن خاص، يخطط سائر البشر العاديين للاحتفال به بصورة استثنائية فى حياتهم، فماذا عن الأدباء والمبدعين وكيف يخططون للاستمتاع بأيام العيد؟، وهل هم كبقية الناس، يعدون للاحتفال به قبله بشهور أوأسابيع فى السطور التالية نتعرف على الإجابات: 

د. يوسف نوفل

فى البداية يقول الناقد الكبير د.يوسف نوفل: المبدع لا يستعين بالتخطيط أو الإرادة الإبداعية فى العيد حيث ينتظر الإلهام الذى يظهر فى عقله فى تلك المناسبات السعيدة، ويراها فرصة لالتقاط الأفكار الإبداعية الجديدة عبر أحاديثه مع الشخصيات الحميمة التى لم يشاهدها منذ فترة طويلة، ويكون العيد راحة من الأعباء اليومية، ويساعد على تنشيط ذهن المبدع

شيرين العدوى

وتقول الشاعرة د.شيرين العدوى: على مدار ثمانى سنوات لم أذهب إلى العيد، ولم يأتنى العيد، فقد كنت مشغولة جدا بتقديم بحث علمى؛ لذلك كنت أنتظر أيام العيد لأخلو إلى نفسى وعملى، يذهب الأولاد لقضاء العيد مع والدهم بين أحضان العائلة التى تنحدر جذورها من مدينة المنصورة الجميلة، بينما أقبع أنا فى مكتبتى وبين كتبى، أرصد وأقرأ وأنقح ، ومن الأيام القاسية التى مرت على عدة أعياد: منها الذى شهد وفاة أعز صديقاتى د فاطمة العراقى أستاذ الزراعة بمركز البحوث بكفر الشيخ حيث قضيت من عمرى ثلاثة عشر عاما هناك.

والثانى الذى رحل فيه والدى، ثم العيد الذى رحل فيه ابنى بعده مباشرة، هذا العيد بالذات كنت أود أن أذهب معه إلى المنصورة حيث الأهل، صور لى الأضحية التى زكى بدمائها أعماله وتقرب بها إلى الله، وكان سعيدا  بكثرة لحمها، فالتقرب بها إلى الله سيكون أكثر وأكثر خصوصا أنه حكى لى أنها ذهبت راضية للقصاب أى الجزار دون أدنى إبطاء وكأنها تود أن تتقرب إلى الله بلحمها ودمها، ومن كثرة الأعياد التى لم أقضها مع الأهل أصبحت بهجتى فى الحصول علي معلومة جديدة للبحث .

زد على ذلك تغير شكل العيد فى البداية كانت الناس تذهب إلى بعضهم البعض، تدخل عليهم البهجة بالهدايا و«العيديات» للصغار، ثم مع ظهور المحمول أصبحت التهنئة عبر الهاتف والرسائل، ومع ظهور «الواتساب» أصبح الجميع يتفنن فى عمل بطاقات المعايدة عبره، ثم مواقع التواصل الاجتماعى، وأخشى ما أخشاه بعد عدة سنوات هو أن ننسى أن لدينا عيدا وأن أجمل ما فيه المودة بالزيارات وإدخال البهجة على الكبير والصغير. 

راحة وترفيه

د. أحمد سمير سعد

ويقول الأديب والمترجم د.أحمد سمير سعد: حقيقة ليس لدي روتين ثابت للأعياد. صلاة العيد وزيارات الأهل والإفطار عند والدتي هي أمور ثابتة بالتأكيد لكن كل ما دون ذلك مختلف، أحيانا يكون جدولي مثقلا بالنوبتجيات لأنني بالأساس طبيب، وأحيانا تكون الإجازة ممتدة والوقت طويل، أحيانا أخطط لاستغلال الوقت فى إنجاز مشروع كتابة مؤجل أو مشروع يلح علي، وأحيانا أخرى أكون بحاجة ماسة للراحة ولا شيء غيرها فأستغل إجازة العيد فى الراحة والترفيه، إلا أن الأكيد أن الكتابة ليست وظيفة أو مهنة لها مواعيد دوام ثابتة، فالعقل يعمل طوال الوقت متصيدا الأفكار، وبعض تلك الأفكار تحتاج إلى الوقت كي تختمر، أتركها هناك فى سراديب عقلي حتى أشعر بأنه قد حان موعد قطافها، والبعض يأتي ملحا زاعقا، يسأل الميلاد من فوره، وساعتها حتى لو كنت أخطط للراحة فلا مفر من تسجيل تلك الفكرة الملحة.. بينما تقول الأديبة إسراء إمام: أقضي العيد فى بيت عائلتى ، ويكون معى بعض الأفلام حتى نشاهدها معا، وأتمنى أن أكتب هناك لأنني أعمل على مشروع إبداعى جديد يجب أن ينجز بأقصى سرعة.

أجواء الرواية الجديدة

سالى مجدى

أما الأديبة د. سالى مجدى فتقول: العيد بشكل عام بالنسبة إلى الأدباء يختلف، فهو عندى إجازة هادئة اقتنصها بعيدا عن العمل والمرضي والألم - فأنا طبيبة فى الأساس- للتركيز فى أحداث الرواية والكتابة، فاقضي فقط أول يوم فى المعايدات وزيارة الأهل، ومن ثم حتي وأن سافرت لقضاء العيد فى أية مدينة ترفيهية أخصص وقتا للكتابة يوميا ويكون الحاسب المحمول «اللاب توب» هو الصديق الملازم، فهو وقت مثالي لكي أعيش فى أجواءأي عمل جديد لي ، وبالمناسبة ليس العيد فقط، فانا اقتنص عادة أية إجازة حتي يوم الجمعة لأتفرغ للكتابة و هي أولا وأخيرا حالة نفسية وروحية وفكرية وليست مهنة، فإن ألحت الفكرة لا تنتظر الإجازة، وإن اختفت الفكرة والرغبة حتي وان تفرغت فلن تنتج شيئا

فرصة لسماع الموسيقي

إسراء عبد الحميد

وتقول الأديبة إسراء عبد الحميد: العيد يكون بالنسبة إلي فسحة من الكتابة حيث أكتب عملا إبداعيا جديدا فى هذه الفترة، وأضع لنفسي توقيتا حتى انتهي من جزء كبير منها وأستريح فى أيام العيد ثم استأنف الكتابة حتي ينتهي العمل 

حسين عبد الرحيم

وفى الختام يقول الأديب حسين عبد الرحيم: أجده فرصة لتجديد رؤيتي للعالم وجدوى الكتابة والتطلع لأحوال البشر وملامحهم ، وأرى أن فترة العيد فرصة عظيمة للتروي وسماع الكثير من الموسيقى ومشاهدة السينما وقراءة أكثر حدة ويقظة للواقع.