حكاية الطفلة إيمان ضحية زواج القاصرات بالصعيد.. رفضها والدها وأنصفتها الدولة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

فتاة لم تبلغ من العمر 17 عامًا، من أسرة فقيرة مكونة من الأب والذي لا يعمل، وأم ربة منزل، وشاب يبلغ من العمر 24 عامًا، وفتاة 20 عامًا، وفرحة "الضحية"، وطفل لقي مصرعه منذ سنوات غرقًا.

هنا في قرية دندرة التابعة لمركز ومدينة قنا، تعيش هذه الأسرة، التي عانت كثيرًا سواء من الفقر، أو من الموافقة على زواج ابنتهم زواج سنة، لتستمر معاناتهم التي لم تنته بعد.

فرحة نصر برعي، اسمها لم يدل على حياتها بالمرة، فلقد ذاقت مرارة الحياة مبكرًا، عندما وافقت على زواجها من أول شاب يتقدم لخطبتها، وهي لم تكمل السابعة عشر من عمرها، بسبب ظروفها المادية التي دفعتها لذلك.

"فرحة"، تقطن في شقة في الدور الأرضي، بمنطقة الشؤون بقنا، استأجرتها هي وأسرتها بمبلغ 570 جنيها شهريًا، بعدما تركت الأسرة القرية، بعد معاناتها من نظرات أهالي القرية، وحالة الاستعطاف التي اتخذوها سبيلًا للوقوف بجانبها.

تقول فرحة، تركت التعليم عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي، بسبب ظروف أسرتي المادية، وحاولت مساعدة الأسرة على قدر المستطاع، ومع ظروف الحياة الصعبة، وافقت على الزواج عن طريق السنة، لعدم بلوغي السن القانوني للزواج، وكان من أحد أقاربي، والذي يكبرني ببضعة سنوات، على أمل أن أنتقل من الحياة التي أعيش فيها إلى حياة أخرى، ولكن وقتها لم تشعر بأن زواجي عن طريق السنة، مع عدم توثيق عقد الزواج، سيدخلني في مشاكل لا حصر لها.

وتابعت : تزوجت دون وعي ودون أوراق تثبت وتوثق هذه العلاقة، خاصة لأن الشاب الذي تقدم للزواج مني أحد أقارب والدتي، وتعهد أمام الجميع بأنه سيصونني ويحافظ على حقوقي وكرامتي.

عشنا سويًا قرابة أشهر، وبعدها بدأت المشاكل الزوجية بيننا، شعرت أنني مهانة في كافة حقوقي، إنسانة ضعيفة لا تملك أن تتحدث أو تطالب بحقوقها، ضرب بشكل مستمر، ضغوط شديدة منه ومن أسرته، معاملة سيئة، كان منها الذل والإهانة، وكلماته المتكررة أنه من الممكن أن يتركني في أي وقت، لا يعترف بالعقد المكتوب بيننا أو حتى بقائمة المنقولات التي بلغت 80 ألف جنيه، والتي حصل عليها أيضًا بمباركة محاميه.

وتابعت : حاولت كثيرًا أن أحافظ على حياتي الجدية بالرغم من قدر المعاناة التي لا يستطيع أن يتحملها بشر، ولكن مع الضغوط الشديدة، تركت المنزل بعد 3 أشهر وذهبت إلى منزل والدي، وبعدها شعرت بتعب وألم شديد وهبوط، ذهبت إلى الطبيب فأخبرني أنني حامل، أرسلنا إلى أسرته لنخبرهم بذلك، ولكن لم نجد منهم أي اهتمام.

بدأت محاولاتي بشدة لتوثيق عقد الزواج، عندما بلغت السن القانوني، خاصة لأنني سأضع الجنين بعد أشهر، ولكنه رفض، تدخل الجميع من الشيوخ والأقارب، لتوثيق العقد، ولكنه كان يرفض بشدة، تواصلت معه أكثر من مرة لإقناعه بتنفيذ عهده، كان يرفض أيضًا، وكان دائمًا ما يقول " لسه بدري بعد سنتين مش وقته دلوقتي مش معاية فلوس"، لدرجة أنني قلت له سأبيع الدبلة حتى نوفر مصاريف عقد القران ورفض.

وبعد جهود بذلها الأهل وشيوخ القرية والضغط عليه، وافق على كتابة عقد القران، ذهبنا والفرحة تملأ قلوبنا وأعيننا، ولكن في الوقت التي عقد قرانه، قام بتطليقي في عقد آخر.

بدأت مرحلة أخرى من المعاناة، عندما وضعت ابنتي " ايمان" داخل مستشفى قنا العام، وطلبنا منه أن يقوم بكتابتها على اسمه، ولم ينكر أنها ابنته إلا أنه أخبرني وأخبر الوسطاء رفضه قائلًا " بنتي ومش هكتبها"، وبذلك لم أستطع تسجيل الطفلة في دفاتر المواليد، حتى تتمكن من الحصول على التطعيمات اللازمة.

لم أجد حلًا وقتها إلا المحكمة، بعدما طرقت كافة الأبواب، فحياتي الأسرية تدمرت، ولم أستطع أن أحمل أسرتي مشقة أخرى وعبء إضافي، ورفعت قضية اثبات نسب، في المحكمة التي أنصفتني وقضت بثبوت نسب ايمان لأبيها.

الحكم كان بمثابة فرحة كبيرة لي، حفاظًا على حق ابنتي فقط، لأنها ضحية زواج السنة مثلها مثلي، ولكن لم ولن أعود إليه مرة أخرى " لو قطعوني حتت"، ولكن لا بد وأن يعي الجميع سواء الأب أو الأم أو الأخ، أضرار زواج السنة، فكل بنت وفتاة عليها أن تتعظ، وأن لا تتزوج مبكرًا حتى تقي نفسها مما حدث لي، فعشت أسواء العذاب في حياتي بسبب موافقتي على الزواج مبكرًا دون وعي، لا تأخذكم الفرحة بزواج السنة فعواقبه تكسر القلب الحزين.

مروة عبدالرحيم، محامية متطوعة للدفاع عن المجني  عليها، قالت إن حكم إثبات نسب الطفلة لوالدها يعد الأول في دائرة الاستئناف الشرعي بمحكمة استئناف قنا، لعدم تداول هذه الأنواع من القضايا بصعيد مصر.

وأشارت المحامية، إلى أن الدائرة قضت بتأييد حكم أول درجة في القضية التي رفعتها فرحة  نصر برعى" والدة الطفلة" ضد زوجها بإثبات نسب طفلته، وذلك بعد رفضه إجراء تحليل" DNA".

ووصفت المحامية الحكم،  الحكم بمثابة انتصار للمرأة المصرية في صعيد مصر من قضاء مصر الشامخ، مطالبة القضاء و المجتمع بالتكاتف للقضاء على عادة زواج القاصرات.

وقالت قالت فرحة نصر برعي، والدة الطفلة ايمان،  ضحية زواج القاصرات في قنا، بعد تسلم شهادة ميلاد لابنتها ، اليوم الأحد " حق بنتي رجع".

وأضافت أنها عانت كثيرا، من زواج القاصرات، وكانت من ضمن الضحايا، اللاتي حكمت عليهن الظروف، المتعلقة بزواج القاصرات، والتي كان من أهمها عدم اعتراف والد الطفلة بثبوت نسبها اليه.

وتابعت: رفعت قضية اثبات نسب لابنتي ، بعد عدم اعترافه بها،  وقضت المحكمة بثبوب نسب ابنتي له، بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة، والتي أثبتت ذلك، بعد ٣ سنوات من الواقعة، وعدم قدرتي على استخراج شهادة ميلاد لها.

ووجهت والدة الطفلة،  الشكر للقضاء المصري،  واللواء أشرف الداودي محافظ قنا،  الذي سلمها شهادة ميلاد لابنتها اليوم، بعد الانتهاء من الإجراءات اللازمة.

و سَلَّمَ اللواء أشرف الداودي محافظ قنا شهادة ميلاد الطفلة إيمان أحمد إلى والدتها فرحة نصر برعي عقب صدور حكم بإثبات نسب الطفلة إلى والدها أحمد حداد على محمود، وذلك بحضور المهندسة فاطمة إبراهيم سكرتير عام مساعد المحافظة ، و سميحة سعد محمد مدير الوحدة العامة لحماية الطفل، و حمادة بدوي مدير إدارة حقوق الإنسان بقنا ، ومروة عبد الرحيم المحامية بالاستئناف العالي. 

 ناشد محافظ قنا جموع المجتمع القنائي ضرورة القضاء على عادة زواج القاصرات قبل بلوغ السن القانوني بدون توثيق رسمى كتابي، لما يسببه في إهدار حقوق المرأة والطفل ، جاء ذلك بعد واقعة تهرب الزوج من إثبات صحة نسب الطفلة، مستغلا عدم وجود أي أوراق تثبت الزواج، ورفضه لإجراء تحليل ال (DNA).

وأضافت سميحة سعد مدير الوحدة العامة لحماية الطفل أنه تم استخراج شهادة الميلاد للطفلة بعد رفض الأب المتعنت استلامها، حيث لجأت والدة الطفلة إلى الوحدة العامة لحماية الطفل بالديوان العام للمحافظة لمساعدتها في استخراج شهادة الميلاد لطفلتها، وعلى الفور وجه محافظ قنا بتسهيل كافة الإجراءات لاستخراج شهادة ميلاد الطفلة في أسرع وقت ممكن حفاظا على حقوقها.

 اقرأ أيضا | بعد رفض والدها الاعتراف بها.. «حماية الطفل» يستخرج شهادة ميلاد لطفلة بقنا

ومن جانبه قال " حمادة بدوى " أن الاجهزة التنقيذية  بالمحافظة تلعب دورا مهما فى الحفاظ على حقوق الإنسان و الأسرة ، وواجبات كل من أفرادها وعلاقاتهم ببعضهم البعض، ورعاية الأطفال من خلال دور لجان حماية وحقوق الإنسان بالتنسيق مع مختلف الجهات التنفيذية والشعبية المعنية بالمحافظة. 

وأشارت مروة عبد الرحيم محامية المدعية بالحق المدني أن هذا الحكم هو مختلف عن غيره من القضايا في دائرة استئناف محكمة الأسرة بقنا، بسبب عدم انتشار قضايا بنفس الصورة في صعيد مصر، وجاري رفع دعوة نفقة للصغيرة، وبدل فرش وغطا، وأجر حضانة ومسكن على والد الطفلة.