ذكرنا أن غيبة الديمقراطية وتداول السلطة، وغياب الحياة الكريمة في ظل حقوق الانسان وسيادة القانون، واتساع الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة وطأة ورقعة الفقر والمعاناة علي الفئات الضعيفة والمهمشة، بما يعني غياب العدالة الاجتماعية،...، كانت علي رأس الاسباب التي أدت الي ما جري وما كان في الدول التي تعرضت لما اطلق عليه «الربيع العربي».وقلنا انه لو توافرت هذه الأسس والقواعد السياسية والاجتماعية بقدر كبير او حتي معقول في هذه الدول، لما كانت شعوبها قد انجرفت في التيار الرافض لما كان قائما، ولما كانت هذه الشعوب قد انضمت للاصوات المطالبة بالتغيير او الساعة إليه.ولكننا أكدنا في ذات الوقت، ان ذلك لا يعني عدم وجود مخطط لقوي دولية، يهدف لنشر الفوضي في المنطقة تمهيدا لتغيير الخريطة القائمة، واقامة الشرق الاوسط الجديد علي انقاض الدول القائمة حاليا،...، حيث تؤكد كل القرائن والشواهد الوجود المسبق لهذا المخطط، ولكنه ما كان يمكن ان ينجح في تحقيق اهدافه لولا وجود مناخ وظروف داخلية مواتية تسمح بذلك وتساعد عليه.
هذه الشواهد وتلك القرائن جاءت علي ألسنة أصحابها الواضعين لهذه المخططات، وظهرت إرهاصاتها الأولية مع الايام الاولي لتولي الرئيس الامريكي «بوش الأبن» ثم تبلورت وأعلنت رسميا علي لسان وزيرة خارجيته «كوندا ليزا رايس» التي بشرت خلال وبعد الغزو الامريكي للعراق بان المنطقة العربية ستشهد موجات من «الفوضي الخلاقة» كوسيلة عملية لتغيير خريطة المنطقة واقامة الشرق الاوسط الجديد.وفي اطار هذه «الفوضي المدمرة» رأينا ما جري في العراق من دمار وخراب وتقسيم طائفي وإرهاب،..، وبعدها بدأت تسريبات عدة في الخروج والانتشار من مراكز الابحاث الامريكية والغربية، وعلي السنة العديد من المسئولين السابقين واللاحقين في الإدارة الامريكية، تشير وتبشر ايضا بقرب وقوع ما بشرتنا به «كوندا ليزا رايس» قبل ذلك بسنوات ليست بعيدة.
والقراءة الموضوعية لما جري ويجري بالمنطقة العربية الآن ومنذ السنوات القليلة الماضية، تقول بأننا أمام واقع جديد، يؤكد خروج العراق وكذلك سوريا، وليبيا، واليمن من دائرة حساب القوة العربية بفعل فاعل، ومع سبق الاصرار والترصد.والسؤال الآن: هل يتوقف الأمر عند ذلك الحد،..، أم أن هناك ما هو قادم في الطريق؟!
«وللحديث بقية»