وقفة مع النفس.. نحن فى أيام الله

ممدوح الصغير
ممدوح الصغير

هذه الأيام فرصةٌ لأن تعود نفوسنا لفِطرتها، كما خلقها الرحمن.. العشر الأوائل من ذى الحِجَّة؛ هى التى أقسم عليها الخالق فى كتابه الكريم: "والفجر وليالٍ عشر"، أقسم بها لأنها أفضل أيام العام، وبعض العلماء فضَّلوها عن العشر الأواخر من شهر رمضان، التى بها ليلة القدر، التى بإمكانها تغيير أقدار العباد؛ لو ظفر الإنسان بها، فعبادتها تُعادل ألف شهرٍ.

 وحتى نفوز بنعيم أفضل أيام العام ومكاسبها، مطلوبٌ منَّا فعل أشياءٍ عديدةٍ، أصعبها تنقية النفوس من الشرِ الساكن داخل أعماق قلوبنا، ونزع  بُؤر الكراهية، والتحلَّى بصفة  الحُبِّ، تتمنَّى لأخيك ولزميلك ما تُحبُّه لنفسك، الصدق مع النفس هو أول الطريق الصحيح؛ للفوز بمكاسب ومغانم العشر الأوائل من ذى الحِجَّة.

 قبل أن نُفكِّر فى صيامها والتصدُّق وصلوات التهجُّد ليلًا، علينا مهمةٌ ثقيلةُ؛ وهى تنقية النفوس، كيف تلجأ إلى الله وتتذَّلل وقلبك تسكن فيه الكراهية لمَنْ حَولك؟!، كيف تطلب العفو من الرحمن وأنت تسعى للأذي لمَنْ يُجاورك فى المنزل والعمل؟!، تغتاب مَنْ يُنافسك حتى لا يتقدَّم عليك رغم جَنحه للسِّلمِ ونقاء قلبه نحوك؟!.

 

فى هذه الأيام المُباركة يُستجاب لدعائك، ويتحقَّق لك كل الخير، فلابد أن تسكن الثقة داخل قرارة نفسك؛ بأن رِزقك معلومٌ فى السماء لن يُغيِّره التقرُّب لرئيسك أو لمديرك أو لأى أحدٍ، ليس مطلوبًا منك سوى العمل والسعى، واترك الأمر كله لخالق العباد.

 

الصيام أمرٌ يستطيع فعله الجميع، والتصدُّق قادرٌ عليه كل مُقتدرٍ، لكن تنقية القلوب من شرورها لا يستطيع فعله إلا المُتصالح مع نفسه، المُحب لغيره.. هناك بشرٌ حولنا حصدوا كل شىءٍ من خلال الزُهد فى مكاسب الدنيا، عندما زهدوا  ما فى أيدى الناس أحبَّهم الناس، وزهدوا فى الدنيا فأحبَّهم الخالق، وحكايات التراث الأصيلة  تروى لنا قصصًا عن بشرٍ زهدوا كل شىءٍ فى الدنيا، فأصبحوا مالكين لها.

 

وأعود لأجمل أيام العام التى علينا جميعًا السعى للفوز بمكاسبها، وقبل أن أنصح مَنْ يقرأ حروف سطورى، أنصح نفسى بالصدق مع النفس وتنقيتها من كل الضغائن، قلوبنا لا تعرف سوى تصدير الحُب، وحتى يتقبَّل الله دُعاءنا، يجب أن تكون نفوسنا خاليةً من الكراهية.. كيف يقبل الله صيامك وصدقتك، وأنت بدأت يومك بزرع أشواك الشر لمن يُنافسك؟!.

 

 كلنا يعلم ويعرف بأن الله قريبٌ ويستجيب لدعائنا، فعلينا أن نعى استجابة الدعاء لا تكون إلا من إنسانٍ شَعر خالق العباد بصدق كلماته، فهو يعلم ما داخل نفوسنا وما نخفيه، وهذه الأيام فرصةٌ لنا جميعًا، والفوز بمغانمها فى استطاعتنا.. فلنرجع إلى الله فيها.