يوميات الأخبار

30 يونيو.. والاحتلال الإخوانى

جمال حسين
جمال حسين

رأيتُ ذلك المهندس الزراعى أيمن هدهد خريج السجون الذى زَرعه مرسى فى وزارة الداخلية ليكون وزير داخلية مكتب الارشاد فى لاظوغلى !!

لم يكن الطريق إلى 30 يونيو مفروشًا بالورود؛ بل كان وعرًا وشائكًا، سالت فيه دماءٌ زكيةٌ لخير أجناد الأرض؛ من أبطال قواتنا المسلَّحة والشرطة، الذين دفعوا حياتهم؛ لتخليص مصر من الاحتلال الإخوانى، الذى جثم على صدور نا سنةً كبيسةً ضاربًا عَرض الحائطِ بكل دروس الجغرافيا والتاريخ.

بالتأكيد أنقذت ثورة ٣٠ يونيو وطنًا، وصحِّحت مسارًا، وفتحت آفاقًا رحبةً للتنمية والرخاء.. 

لم ولن ينسى الشعب المصرى لجماعة الإخوان، أنها تحالفت مع شياطين الفريق القومى للخيانة بالداخل والخارج، عبدة الدرهم والدولار لإسقاط أرض الكنانة.. 

الرئيس السيسى هو مَنْ حمل روحه على أكفه، وتقدَّم الصفوف مُلبِّيًا نداء الشعب؛ لينقذ مصرَ مما حِيك لها بليلٍ على موائد اللئام.. وهو الذى حقَّق  الإعجاز فى كل مناحى الحياة، ويقود ثورةالتنمية والبناء والعمران لتشييد الجمهورية الجديدة التى نحلم بها.. 

لا يختلف اثنان على أن ثورة 30 يونيو كانت طُوق النجاة؛ لاسترداد مصر من براثن جماعة الإخوان، التى اختطفتها فى غفلةٍ من الزمنِ وحاولت تفكيك مفاصل الدولةِ و أخْونتها، وتهديد أمنها واستقرارها.. وبالتأكيد لازالت ثورة 30 يونيو حُبلى بالأسرارِ والخبايا، التى لم يِرفع عنها الستار بعد؛ ليعرف المصريون حجم المؤامرة التى شاركت فيها جماعة الإخوان ؛ لإسقاط مصر وتقسيمها وهى أسرارٌ يشيب من هوْلها الولدان..

لم ولن ينسى الشعب المصرى مشاهد حصار ميليشيات الإخوان لمدينة الإنتاج الإعلامى، وللمحكمة الدستوريَّة العليا، واحتلال ميدانى رابعة والنهضة، ومحاولة إنشاء إمارة داعش بسيناء، والاعتداء على الكنائس وأقسام ومراكز الشرطة، والمنشآت الحيويَّة المهمَّة..

لم ولن ينسى الشعب المصرى التعديل الوزارى الأخير فى حكومة هشام قنديل؛ بتعيين 17 وزيرًا، و15 محافظًا،محسوبين على التيارات الإرهابيَّة، ووصل بهم الفُجر لتعيين الإرهابى عادل الخيَّاط، عضو الجماعة الاسلامية التى نفَّذت مذبحة السُيَّاح، بالدير البحرى، وقتلت  58 سائحًا بمحافظًة الأقصر، وقُوبل ذلك بموجة غضبٍ عارمةٍ، ومُنع المُحافظ من دخول المحافظة.

لقد عشنا أيامًا عصيبةً؛ ونحن نرى الجماعةَ الإرهابيَّة، تُحاول إحكام قبضتها على مقاليد الأمورِ، بمباركةٍ أمريكيةٍ،وعندما خرج ملايين المصريين إلى الشوارعِ والميادينِ، يهتفون بأعلى أصواتهم: "يسقط يسقط حُكم المُرشد"،كشف الإخوانُ عن وجههم القبيح، وحوِّلوا مصرَ إلى ساحات للمعارك والدماء.. 

اعتبر نفسى من المحظوظين لتواجدى خلال أحداث الثورة فى قلب الأحداثِ مُتابعًا ومُراقبًا ومُوثِّقًا، بحُكم عملى فى ذلك الوقت مُحرِّرًا أمنيًا لجريدة الأخبار، ومندوبًا للجريدة لدى وزارة الداخليَّة.. كنتُ شاهدًا على دموية الإخوان،ورأيتُ الأخطارَ التى تتهدَّد وطنى، والمُؤامرات التى تُحاك ضد بلدى ليل نهار.. 

لا يمكن أن أنسى غضْبة اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخليَّة، فى أول حكومةٍ إخوانيَّةٍ، برئاسة هشام قنديل، وهو يكشف لى عن كواليس تلك المُكالمة العاصفة، التى تلقَّاها من محمد مرسى، رئيس الجمهوريَّة الإخوانى الذى طالبه بإرسال قوات الشرطة، لإنقاذ مكتب الإرشاد بالمقطَّم، الذى يُحاصره المتظاهرون، بعد قتل الإخوان 10 من زملائهم.. قال الوزير إنه رفض، وطالب مرسى بإصدار تعليماتٍ لقيادات الجماعة، بإيقاف إطلاق الرصاص أولًامن داخل مكتب الإرشاد؛ حتى لا يتم اتهام الداخليَّة بقتل المتظاهرين.. وهنا ثار محمد مرسى ثورةً عارمةً، وصرخ فى الوزير؛ وقال بحدَّةّ: "اسمع يا محمد يا إبراهيم".. أنا اللى جبتك وزير داخليَّة، أُوعى تكون فاكر إن 30 يونيوهتنجح.. أنا بقولك 30 يونيو هتفشل ومش هتنجح، وساعتها مش هارحمكم !!

سألتُ اللواء محمد إبراهيم: كيف كان تعامل مرسى ومكتب الإرشاد مع وزارة الداخليَّة بعد أن كانوا ضيوفًا دائمين على سجونها؟

قال: الإخوان كان هدفهم الأول الانتقام من وزارة الداخليَّة، وإحداث حالةٍ من الانفلات الأمنى؛ عن طريق استهداف أقسام ومراكز الشرطة، واقتحام مقار أمن الدولة، وتنفيذ العديد من التفجيرات والاغتيالات.. كما سعوا بكل قوةٍ لهيكلة الشرطة منذ اللحظة الأولى لوصولهم إلى سدة الحُكم، وكشفت وثائق تابعة لوزارة الخارجيَّةالأمريكيَّة خطة واشنطن؛ لتفكيك الداخليَّة فى عهد مرسى، وإعادة هيكلتها تحت إشراف خبراء أمنٍ أمريكيين، ونشرت صحيفة "فرى بيكون" الأمريكية، أن هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجيَّة آنذاك، أجرت محادثات مع محمد مرسى، عرضت خلالها "مساعدة سرِّيَّة"؛ لتحديث وإصلاح جهاز الشرطة، بزعم خدمة "الأسس والمعاييرالديمقراطيَّة"، وتضمَّنت تلك الخطة؛ إرسال فريقٍ من الشرطة الأمريكيَّة، وخبراء أمنٍ إلى مصر، وتحدَّث معها مرسى عن خطتهم لهيكلة الشرطة!. 

سألتُ اللواء محمد ابراهيم عن مخطط الإخوان لاعتقاله، يوم إلقاء مرسى خطابه الأخير، قبل ساعاتٍ من ثورة 30 يونيو، بعد أن نقض مرسى اتفاقه مع الفريق أول عبدالفتاح السيسى على عددٍ من النقاط؛ لنزع فتيل الأزمة التى كادت تعصف بمصر.

 قال بعض الناس اتصلوا بى، وقالوا لى لا تذهب لحضور الخطاب فى هذا اليوم؛ لأن الإخوان يُدبِّرون شيئًا لك وللسيسى.. لكنى كنت متاكِّدًا أنهم لن يستطيعوا عمل شىءٍ وذهبت، وعندما دخلت قاعة الاحتفال، قابلونى بعاصفةٍ من الغضب والشتائم؛ لرفضى تأمين مقار الإخوان!!. 

سألتُ الوزير عن محاولات الإخوان الاستحواذ على قواعد بيانات الرقم القومى السرِّيَّة.. قال: اتصل بى ياسرعلى، المُتحدِّث باسم الرئاسة، وأبلغنى رغبة الرئاسة مد خط نهاية طرفيَّة من قاعدة بيانات الرقم القومى؛ بحُجَّةالاستعلام عن الشكاوى، التى يتلقَّاها ديوان رئاسة الجمهوريَّة، عبر "ديوان المظالم"، الذى أنشأه مرسى، لكننى رفضت، وقلت لهم إذا أردتم الاستعلام عن شىءٍ؛ أرسلوا لنا، ونحن نمدَّكم بالمعلومات المطلوبة، أمَّا مد خط نهاية طرفيَّة، فهذا مرفوضٌ؛ حفاظًا على الأمن القومى المصرى.

هدهد فى مكتب وزير الداخليَّة

رأيتُ بأُم عينى ذلك المهندس الزراعى، أيمن هدهد، الذى زَرعه مرسى ومكتب الإرشاد فى مكتب وزير الداخليَّة، وعيَّنه مستشارًا أمنيًا له؛ ليكون عينًا لمكتب الإرشاد، واعتبروه وزير داخليتهم فى لاظوغلى.

ما زلت أتذكَّر ثورة اللواء هانى عبداللطيف، المُتحدِّث الرسمى لوزارة الداخليَّة، وهو يقول لى بانفعالٍ: تصوَّر،مرسى عيَّن مهندسًا زراعيًا اسمه أيمن هدهد "لسه خارج من السجن"، مستشارًا أمنيًا له، وزرعه داخل ديوان الوزارة؛ ليكون عينًا له ولمكتب الإرشاد، ليُراقب تحركاتنا ولقاءات وزير الداخليَّة وقيادات الوزارة؟!. 

تخيَّل أنه تطاول على حرس البوَّابة، أثناء دخوله ديوان الوزارة؛ وقال لهم: أنا المستشار الأمنى للسيد الرئيس والمفروض تعطونى التحيَّة العسكريَّة، وطلب تغيير شكل ومضمون الخطاب الإعلامى لوزارة الداخليَّة، والبيانات الرسميَّة للوزارة؛ لأن الرئيس مرسى مستاءٌ أن يقول المتحدِّث الرسمى فى نهاية كل بيانٍ أمنىٍّ جملة: "وتُناشد وزارة الداخليَّة القوى السياسيَّة بأن تضع مصلحة مصر فوق كل اعتبارٍ"، وطالب بأن يتم استبدال هذه الجملةبعبارة: وتُناشد وزارة الداخليَّة القوى السياسيَّة والشعب المصرى بمساندة الشرعيَّة، والحفاظ على الاستقرار فى البلاد، لكن وزير الداخليَّة رفض تنفيذ ذلك؟!. 

لا يُمكن أن ننسى مخطط مكتب الإرشاد لأخْونة وزارة الداخليَّة واختراقها؛ عن طريق "ضباط اللحية"، وإصرارهم على سرعة إصدار تعديلٍ تشريعىٍّ؛ لهيكلة الشرطة، وغضْبة مرشد الجماعة محمد بديع، عندما عَلم بقرار اللواءمحمد إبراهيم بفصل ضباط اللحية؛ وقال: غريب أمر وزير الداخليَّة، يُريد أن يُواجه الذقون فى زمن الذقون!!. 

لن ينسى التاريخُ الموقفَ البطولىَّ للواء أحمد جمال الدين، الذى رفض بكل قوةٍ وإصرارّ، إعادة ضُبَّاط اللحية، رغم الأحكام القضائيَّة، ورفض تنفيذ تعليمات مرسى؛ بتدخُّل الشرطة لفض المظاهرات أمام قصر الاتحاديَّة إلَّا بأمرٍكتابىٍّ من الرئيس؛ حتى يتحمَّل تبعاته. 

لن ينسى التاريخُ ابتزاز الإخوان لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، داخل سجن طرة؛ لإجْباره على التنازل عن"مدينتى"، حيث أرسلوا له بالسجن القيادى الإخوانى حسن مالك، الذى ضغط عليه حتى يُوافق على بيع "مدينتى للإخوان"، لكن هشام طلعت رفض بإصرارٍ، وهنا قرَّر الإخوان التضييق عليه داخل السجن، وتفتيش زنزانته يوميًا؛حتى يُوافق، وعندما أصرَّ على الرفض، طلب المستشار محمود مكى، نائب رئيس الجمهوريَّة حينئذ، من قطاع السجون إيداعه فى زنزانةٍ انفراديَّةٍ؟!. 

لا يُمكن أن أنسى خُطبة الجمعة، التى تسبَّبت فى أزمةٍ كبيرةٍ داخل سجن طرة، حين قام 6 من قيادات الإخوان؛هم: "بديع، وأبوالعلا ماضى، وعصام سلطان، وأيمن هدهد، وخالد الأزهرى"، بأداءِ صلاة الجُمعةِ فى مسجدالسجنِ، وقام أحمد عبدالعاطى − مدير مكتب مرسى − بإلقاء  خُطبة الجُمعة، بالمخالفة للوائح السجون التى تشترط ان يلقى خطبة الجمعة واعظ من وزارة الاوقاف وكان عنوان الخطبة "الصبرُ على البلاءِ"، وعندما عَلم وزيرالداخليَّة، أحال قيادات السجن للتحقيق، وأطاح بمساعد وزير الداخليَّة لقطاع السجونِ فى ذلك الوقت، ونقله إلى قطاع الوثائق بالوزارةِ، رغم أنه لم يكن يتبقَّى له سوى شهرين لبلوغ سن الستين. 

فى ذكرى ثورة 30 يونيو، تحية تقديرٍ واعتزازٍ وإعزازٍ إلى كل مصرىٍّ ومصريَّةٍ نزلوا إلى ميادين الشرف؛ للإطاحةبحُكم المرشد.. 

وتحية تقديرٍ واعتزازٍ وإعزازٍ  إلى الرئيس البطل عبدالفتاح السيسى، الذى حَمل روحه على أكفه؛ من أجل إنقاذمصر من حُكم المرشد والفاشيَّة الدينيَّة.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي