البُستانيَّة الوَفِيَّة.. لويز جلوك

لويز‭ ‬جلوك
لويز‭ ‬جلوك

مايكل‭ ‬روبنز ترجمة‭: ‬بسمة‭ ‬ناجى

لويز‭ ‬جلوك‭ ‬شاعرة‭ ‬أمريكية‭ ‬هامة‭ ‬ومؤثرة‭. ‬رمز‭ ‬تتعمق‭ ‬غرابته‭ ‬كلما‭ ‬قرأتَ‭ ‬أعمالها‭. ‬فازت‭ ‬جلوك‭ ‬بكل‭ ‬جائزة‭ ‬كبرى،‭ ‬ووصفت‭ ‬دائمًا‭ ‬بكونها‭ ‬أميرة‭ ‬شعراء‭ (‬كم‭ ‬غريب‭ ‬مجرد‭ ‬التفكير‭ ‬فى‭ ‬شاعرة‭ ‬كئيبة‭ ‬ومنعزلة‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬العام‭ ‬الباسم‭). ‬تمثل‭ ‬أعمالها‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬نشوة‭ ‬الطرب‭ ‬بين‭ ‬معجبيها‭. ‬تصف‭ ‬مورين‭ ‬ماكلين‭ ‬التوهج‭ ‬الذى‭ ‬أخذتها‭ ‬به‭ ‬أعمال‭ ‬جلوك‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بعبارات‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭: ‬اكان‭ ‬عمل‭ ‬لويز‭ ‬جلوك‭ ‬االسوسنة‭ ‬البَرِّيَّةب‭ ‬رفيقًا‭ ‬أكثر‭ ‬أُنسًا‭ ‬من‭ ‬أى‭ ‬صديق‭ ‬حى،‭ ‬همهمة‭ ‬وصرير‭ ‬وجنون‭ ‬فى‭ ‬عقلك‭ ‬لشهور‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬هياكل‭ ‬الحياة‭ ‬التى‭ ‬أقمتها‭ ‬تنهار‭ ‬الآن،‭ ‬تنهدِمُ‭ ‬أُسسها‭ ‬بيديكب‭.‬

لقد‭ ‬واجهت‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬المتجرد‭ ‬فى‭ ‬مواضع‭ ‬غير‭ ‬متوقعة،‭ ‬شعور‭ ‬مشترك‭ ‬ومتناقض‭ ‬بأن‭ ‬شعر‭ ‬جلوك‭ ‬القاسى‭ ‬الباهت‭ ‬يخبرك‭ ‬بصلابة‭ ‬أنك‭ ‬أسوأ‭ ‬عدو‭ ‬لنفسك‭.‬

الآن‭ ‬بعدما‭ ‬أصبح‭ ‬بإمكاننا‭ ‬قراءة‭ ‬شعر‭ ‬جلوك‭ ‬باعتباره‭ ‬تجربة‭ ‬مكتملة،‭ ‬صارت‭ ‬عظمتها‭ ‬وحدودها‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭. ‬يمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬كلاهما‭ ‬فى‭ ‬سطور‭ ‬من‭ ‬مجموعتها‭ ‬الأكثر‭ ‬شهرة‭ ‬االسوسنة‭ ‬البَرِّيَّةب‭ ‬التى‭ ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬1992‭.‬

أروع‭ ‬الأمور

ألا‭ ‬تملك‭ ‬عقلاً‭.‬

أمَّا‭ ‬المشاعر‭..‬

آه،‭ ‬لديَّ‭ ‬هذه؛

وتقودني‭.‬

تأتى‭ ‬هذه‭ ‬السطور،‭ ‬مثل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬االسوسنة‭ ‬البَرِّيَّةب‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬زهرة؛‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬كتبها‭ ‬إنسان‭ ‬عاقل‭. ‬نقطة‭ ‬الضعف‭ ‬الرئيسية‭ ‬لدى‭ ‬جلوك‭ ‬هى‭ ‬أنها‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تترك‭ ‬نفسها‭ ‬لمشاعرها‭ ‬فتحكمها‭ ‬حتى‭ ‬تُنسيها‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬عقلًا‭. ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬بهذه‭ ‬النزعة‭ - ‬والأسطر‭ ‬أعلاه‭ ‬تثبت‭ ‬أنها‭ ‬كذلك‭ ‬ذ‭ ‬لكانت‭ ‬لا‭ ‬تطاق‭. ‬فى‭ ‬المقابل،‭ ‬هى‭ ‬شاعرة‭ ‬رائدة‭ ‬ذات‭ ‬نسق‭ ‬محدد‭. ‬كل‭ ‬قصيدة‭ ‬هى‭ ‬شغف‭ ‬لويز‭ ‬جلوك،‭ ‬تجسد‭ ‬حزنها‭ ‬ومعاناتها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يُنتج‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يعرف‭ ‬حقًا‭ ‬كيف‭ ‬يكتبه‭.‬

هذا‭ ‬التوتر‭ ‬هو‭ ‬المحرك‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬قصائدها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬تقريبًا‭. ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬عملها‭ ‬شمولودٌ‭ ‬بِكرص‭ ‬ذ‭ ‬الذى‭ ‬أعلنت‭ ‬جلوك‭ ‬أنها‭ ‬تشعر‭ ‬فيه‭ ‬بـ‭ ‬زرقة‭ ‬مرتبكةس‭ ‬فحسب‭ ‬ذ‭ ‬ظهر‭ ‬فى‭ ‬أسلوبها‭ ‬تماسك‭ ‬مثير‭ ‬للأعصاب‭. ‬ربما‭ ‬يغرينى‭ ‬أن‭ ‬أسميه‭ ‬مَوات‭ ‬لولا‭ ‬أنه‭ ‬يندفع‭ ‬أحيانًا‭ ‬نحو‭ ‬قممٍ‭ ‬مُنذِرة‭ ‬ووديان‭ ‬توحى‭ ‬بحياة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬واهنة‭. ‬من‭ ‬البداية،‭ ‬كانت‭ ‬جلوك‭ ‬مغرمة‭ ‬بفكرة‭ ‬الموت‭ ‬المُريح‭. ‬كتبت‭ ‬فى‭ ‬شمولودٌ‭ ‬بِكرص‭: ‬اهذا‭ ‬سيكون‭ ‬موتىب،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أبدًا‭. ‬بعدها‭ ‬بأربعين‭ ‬عامًا‭ ‬كتبت‭ ‬امن‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬تشقى‭ ‬على‭ ‬الأرضب‭.‬

لميلودراميتها‭ ‬تلك،‭ ‬وترنمها‭ ‬بالحميمية،‭ ‬وتمسكها‭ ‬بالذاتية،‭ ‬تُصنّف‭ ‬جلوك‭ ‬غالبًا‭ ‬ضمن‭ ‬شعراء‭ ‬الاعتراف‭. ‬لكن‭ ‬أعظم‭ ‬شعراء‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ (‬سيلفيا‭ ‬بلاث،‭ ‬وروبرت‭ ‬لويل،‭ ‬وجون‭ ‬بيريمان‭) ‬كانوا‭ ‬متشبعين‭ ‬بالكلمة،‭ ‬وفى‭ ‬مواجهةِ‭ ‬الجمهور‭ ‬دومًا‭. ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يسعون‭ ‬للبراءة،‭ ‬لتحقق‭ ‬الاعتراف،‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬بطريقة‭ ‬مسرحية‭: ‬فخورون،‭ ‬وعاجزون‭ ‬عن‭ ‬التوبة‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تفعله‭ ‬جلوك؛‭ ‬بعكس‭ ‬بلاث‭ ‬أو‭ ‬بيريمان،‭ ‬إنها‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أدب‭ ‬العزلة‭. ‬تَخرج‭ ‬قصائدها‭ ‬بوهمِ‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬تأتى‭ ‬على‭ ‬لسانه‭ ‬لا‭ ‬يخاطب‭ ‬أحدًا‭ ‬سواها،‭ ‬وربما‭ ‬بعض‭ ‬الزهور‭.‬

بالطبع‭ ‬هذا‭ ‬أدب‭: ‬قصائد‭ ‬كُتبَت‭ ‬ليقرأها‭ ‬الآخرون‭. ‬لكنه‭ ‬أدب‭ ‬يعزز‭ ‬النبرة‭ ‬الحبيسة‭ ‬للقصائد،‭ ‬وحميميتها‭ ‬المتحررة‭ ‬الغريبة‭. ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬شعراء‭ ‬الاعتراف‭ ‬هو‭ ‬عنايتهم‭ ‬بالكلمات،‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬تشبههم‭ ‬جلوك،‭ ‬لكنها‭ ‬تختار‭ ‬المفردات‭ ‬التى‭ ‬تقوم‭ ‬بلعبة‭ ‬التجرد‭: ‬زكل‭ ‬شيء‭ ‬عارٍ‭.‬س‭. ‬حتى‭ ‬أعمالها‭ ‬المبكرة‭ ‬السابقة‭ ‬لدُرتيها‭ ‬السوسنة‭ ‬البرية‭ ‬وميدولاندز،‭ ‬تضم‭ ‬أبيات‭ ‬تجعلك‭ ‬تقف‭ ‬عاجزًا‭ ‬لفرط‭ ‬إعجابك‭ ‬بضبطها‭ ‬لكل‭ ‬كلمة‭ ‬فى‭ ‬موضعها‭ ‬تمامًا‭. ‬زخَفَق‭ ‬القمر‭ ‬فى‭ ‬وَقْبه‭.‬س‭ ‬كما‭ ‬تقول‭ ‬فى‭ ‬قصيدتها‭ ‬12.6.71‭.‬،‭ ‬القصيدة‭ ‬المتجردة‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬عنوانًا‭ ‬غير‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭. ‬تقدم‭ ‬أدقَّ‭ ‬مثال‭ ‬للكمال،‭ ‬كإحدى‭ ‬غُرَف‭ ‬ثورن‭ ‬المنمنمة‭:‬ت

والجليد

الذى‭ ‬لم‭ ‬ينقطع

منذ‭ ‬بدأ

تنجح‭ ‬جلوك‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬وحدة‭ ‬البنية‭ ‬مع‭ ‬المضمون‭ ‬حتى‭ ‬يبدو‭ ‬كأنه‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬الهايكو‭ ‬لولا‭ ‬نزقه‭ ‬البالغ؛‭ ‬لم‭ ‬ينقطع‭ ‬الجليد‭ ‬بالطبع،‭ ‬حتى‭ ‬الطقس‭ ‬يمثل‭ ‬لها‭ ‬معضلة‭. ‬زلا‭ ‬شيء‭ ‬سوى‭ ‬المطر،‭ ‬مطرٌ‭ ‬لا‭ ‬ينقطعس،‭ ‬من‭ ‬قصيدة‭ ‬فى‭ ‬ختام‭ ‬مجموعة‭ ‬زحياة‭ ‬قرويةس‭.‬

فى‭ ‬مجموعتها‭ ‬أرارات،‭ ‬التزمت‭ ‬جلوك‭ ‬أسلوبًا‭ ‬صارمًا‭ ‬لجلد‭ ‬الذات‭. ‬تلوى‭ ‬أعناق‭ ‬الأسماء‭ ‬والأفعال‭ ‬الضعيفة‭ ‬لتنقلب‭ ‬فجأة‭ ‬بشكل‭ ‬مخادع،‭ ‬فتلهث‭ ‬ورائها‭ ‬الأنفاس‭. ‬كتبت‭ ‬زمنذ‭ ‬اللحظة،‭ ‬لن‭ ‬يتغير‭ ‬شيء‭.‬س،‭ ‬وهذا‭ ‬صحيح‭. ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تصبح‭ ‬أجمل‭ ‬وأكثر‭ ‬غرابة‭. ‬فى‭ ‬زالسوسنة‭ ‬البريةس،‭ ‬انسلخت‭ ‬جلوك‭ ‬من‭ ‬جلدها،‭ ‬تقدم‭ ‬الحذاقة‭ ‬الفنية‭ ‬الساخطة‭ ‬أخيرًا‭ ‬تعويضها‭ ‬لملذات‭ ‬الشعر‭ ‬التى‭ ‬ترفضها،‭ (‬النعوت،‭ ‬والوصف،‭ ‬والوزن‭). ‬كتاب‭ ‬صغير‭ ‬ساحر‭ ‬دام‭ ‬ذِكره‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عام‭ ‬بعد‭ ‬صدوره‭. ‬حافظ‭ ‬صوت‭ ‬الشاعرة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬صيغ‭ ‬الرثاء‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬القديم،‭ ‬مع‭ ‬السماح‭ ‬لأحاسيس‭ ‬أخرى‭ ‬بتلطيفها‭. ‬هناك‭ ‬أزهار‭ ‬متكلمة‭ ‬وإله‭ ‬ماكر،‭ ‬كلاهما‭ ‬يهوِّل‭ ‬من‭ ‬وعى‭ ‬جلوك‭ ‬لشعورها‭ ‬بالشفقة‭ ‬للذات‭. ‬الشاعرة‭ ‬نفسها‭ ‬بستانية،‭ ‬ينهار‭ ‬زواجها،‭ ‬معطوبة‭ ‬كالطماطم‭ ‬التى‭ ‬ترعاها‭. ‬تسمح‭ ‬لنفسها،‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬بأن‭ ‬تمزح‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة‭: ‬زلابد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭/ ‬أخفقت‭ ‬فى‭ ‬مهمتي،‭ ‬وخصوصًا‭ / ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بنباتات‭ ‬الطماطمس‭). ‬مكروبة،‭ ‬تخاطب‭ ‬الرب‭ ‬بمرارة‭:‬

ماذا‭ ‬يمثل‭ ‬لك‭ ‬قلبى‭..!‬

ألابد‭ ‬أن‭ ‬تحطمه‭ ‬مرارًا،

كما‭ ‬يختبر‭ ‬البستانيت

سلالته‭ ‬الجديدة؟

جرِب‭ ‬شيئا‭ ‬آخر‭..‬

تتيح‭ ‬سخرية‭ ‬النباتات‭ ‬للشاعرة‭ ‬البستانية‭ ‬مخاطبة‭ ‬الإله‭ ‬بتهكم،‭ ‬واستخفاف‭. ‬إنها‭ ‬مستاءة‭ ‬من‭ ‬اغياب‭ ‬كل‭ ‬حُنوٍب‭ ‬إلهى‭.‬

ربما‭ ‬أظَلُّ‭ ‬هكذا

أخاطب‭ ‬أشجار‭ ‬السَّندر

كما‭ ‬فى‭ ‬حياتى‭ ‬السابقة؛

أدعها‭ ‬تُخرِج‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬لديها،

أدعها‭ ‬تدفننى‭ ‬مع‭ ‬الرومانسيين،

أوراقها‭ ‬الصفراء‭ ‬المدببة

تتساقط،‭ ‬وتغطينى‭.‬

يرتقى‭ ‬هذا،‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬جلوك‭ ‬الهزيلة،‭ ‬للسخرية‭ ‬اللطيفة‭. ‬هى‭ ‬بالطبع‭ ‬تعلم‭ ‬أنها‭ ‬تستدعى‭ ‬تهمة‭ ‬الرومانسية‭ ‬بينما‭ ‬تتمدد‭ ‬نازفة‭ ‬على‭ ‬أشواك‭ ‬الحياة‭. ‬هذه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬معرفة‭ ‬تبرئها‭.‬

هكذا‭ ‬تسمح‭ ‬جلوك‭ ‬للرب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬غاضبًا،‭ ‬كالقارئ،‭ ‬بسبب‭ ‬هَوَس‭ ‬خليقته؛‭ ‬تقدم‭ ‬القصيدة‭ ‬القصيرة‭ ‬اأبريلب‭ ‬ملخصًا‭ ‬للحالة‭ ‬الدرامية‭ ‬بأكملها‭:‬

 

لا‭ ‬يشبه‭ ‬يأسى‭ ‬يأس‭ ‬أحد‭..‬

لا‭ ‬مكان‭ ‬لك‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحديقة

التفكير‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬كهذه،

يُوَلِد‭ ‬آثاراً‭ ‬متعِبة؛

يُقلَّم‭ ‬الرجل‭ ‬عُشب‭ ‬غابة‭ ‬بأكملها،ت

تتقدم‭ ‬المرأة‭ ‬بثِقَل،‭ ‬رافضةً‭ ‬تبديل‭ ‬ثيابها

أو‭ ‬غسل‭ ‬شعرها‭.‬

هل‭ ‬تحسبنى‭ ‬سأكترثت

لو‭ ‬تحدثتما‭ ‬معًا؟ت

أريدك‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬تعرف

أننى‭ ‬توقعت‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أفضل

من‭ ‬مخلوقين‭ ‬لَبيبَين؛

لو‭ ‬أنكما‭ ‬لا‭ ‬تهتمان‭ ‬ببعضكما‭ ‬حقًا

فعلى‭ ‬الأقل‭ ‬تتفهمانت

أن‭ ‬الحزن‭ ‬مبعثرٌ‭ ‬بينكما،

بين‭ ‬كل‭ ‬أشباهكما،‭ ‬أما‭ ‬أنا

فأعرفك،‭ ‬كالأزرق‭ ‬الغامقت

الذى‭ ‬يُميّز‭ ‬الخُزيمة‭ ‬البرِّيَّة،

والأبيض‭ ‬فى‭ ‬بنفسَج‭ ‬الغابات‭.‬

من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإله‭ ‬النزق‭ ‬الغضوب،‭ ‬يُكِّنُ‭ ‬شيئًا‭ ‬لليهودية‭ ‬التى‭ ‬تتنصل‭ ‬منها‭ ‬جلوك‭ ‬عمومًا،‭ ‬لكنه‭ ‬يُلمِّح‭ ‬أيضًا‭ ‬بالتزام‭ ‬نحو‭ ‬صوفية‭ ‬ريلكه‭ ‬المتأرجحة‭ ‬بين‭ ‬اليهودية‭ ‬والمسيحية‭. ‬فى‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬المُلغاة‭ ‬من‭ ‬مرثية‭ ‬دوينو‭ ‬العاشرة،‭ ‬يصف‭ ‬ريلكه‭ ‬عجز‭ ‬الملائكة‭ ‬عن‭ ‬فعل‭ ‬أى‭ ‬شيء‭ ‬سوى‭ ‬محاكاة‭ ‬االآثار‭ ‬المتعِبةب‭ ‬للحزن‭:‬

قد‭ ‬تستنزل‭ ‬اللعنات،

أو‭ ‬تهتف،

على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يظلوا‭ ‬مهتمين،

أحد‭ ‬الملائكة‭ ‬ذ‭ ‬تلك‭ ‬المخلوقات‭ ‬التى‭ ‬تضعف‭ ‬حين‭ ‬يمسها‭ ‬الحزن‭ ‬ذت

حين‭ ‬يسوَد‭ ‬وجهه،‭ ‬سيحاول‭ ‬مرارًا

أن‭ ‬يصف‭ ‬لها‭ ‬نحيبك،‭ ‬الذى‭ ‬طال‭ ‬أمده‭.‬ت

يا‭ ‬مَلاك،‭ ‬كيف‭ ‬بدا‭ ‬الأمر؟

سيقلدك‭ ‬ولن‭ ‬يفهم‭ ‬أبدًا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ألمًا،

كما‭ ‬ينوح‭ ‬طائر،

فتحاول‭ ‬محاكاة‭ ‬الصوت‭ ‬العذب

الذى‭ ‬يفيض‭ ‬من‭ ‬أعماقه‭.‬

‭*‬ترجمها‭ ‬للانجليزية‭. ‬ستيفين‭ ‬ميتشيل

حين‭ ‬تُميز‭ ‬أثر‭ ‬ريلكه،‭ ‬ستراه‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬موضع‭ ‬من‭ ‬كتابة‭ ‬جلوك‭: ‬الهوس‭ ‬بالأسطورة‭ ‬الكلاسيكية؛‭ ‬التوق‭ ‬للميتافيزيقي؛‭ ‬تقديس‭ ‬الموت‭ ‬الضجِر‭ ‬من‭ ‬الحياة‭. ‬فى‭ ‬مراجعته‭ ‬لـ‭ ‬صحياة‭ ‬قرويةش،‭ ‬وصف‭ ‬ويليام‭ ‬لوجان‭ ‬جلوك‭ ‬بأنها‭ ‬زمتحرى‭ ‬الأساطير‭ ‬السريس،‭ ‬لكن،‭ ‬بينما‭ ‬تميل‭ ‬لغة‭ ‬ريلكه‭ ‬للزخرفة‭ ‬فى‭ ‬الغالب‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬دى‭ ‬اتش‭ ‬لورانس،‭ ‬فإن‭ ‬لغة‭ ‬جلوك‭ ‬عادية‭ ‬كلغة‭ ‬جورج‭ ‬أوبِّن‭. ‬يشغلها‭ ‬تجنب‭ ‬الشطحات‭ ‬البلاغية‭ ‬زكم‭ ‬هو‭ ‬تَرِف‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ / ‬مكتظ‭ ‬بأشياء‭ ‬لا‭ ‬تخصنيس‭ ‬فتمكنت‭ ‬جلوك‭ ‬من‭ ‬تنميق‭ ‬الكلمة‭ ‬دونما‭ ‬زركشة،‭ ‬تُقَلِص‭ ‬اللغة‭ ‬وتكثف‭ ‬المشاعر،‭ ‬وتعارض‭ ‬تَرَف‭ ‬العالم‭ ‬بالكلمات‭ ‬القليلة‭ ‬التى‭ ‬تخصها‭.‬

هذه‭ ‬مجازفة‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬قِلة‭ ‬من‭ ‬الشعراء‭. ‬تظهر‭ ‬ثمارها‭ ‬لدى‭ ‬جلوك‭ ‬فى‭ ‬صورة‭ ‬الكوميديا‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬ترحم،‭ ‬السوداء‭ ‬فى‭ ‬مجموعتها‭ ‬ميدولاندز‭ ‬والتى‭ ‬ينهار‭ ‬فيها‭ ‬الزواج‭ ‬أخيرًا،‭ ‬فوظفت‭ ‬الشاعرة‭ ‬اليهودية‭ ‬شعر‭ ‬هوميروس‭ ‬مجازيًا؛‭ ‬فحوى‭ ‬سفر‭ ‬التكوين‭ ‬حول‭ ‬الغربة‭ ‬فى‭ ‬الشتات،‭ ‬والأوديسة‭ ‬تتركز‭ ‬أحداثها‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬إيجاد‭ ‬طريقك‭ ‬إلى‭ ‬وطن‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تعرفه‭. ‬تصيغ‭ ‬جلوك‭ ‬أبياتًا‭ ‬هزلية‭ ‬من‭ ‬المشاحنات‭ ‬التى‭ ‬تهيمن‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬حال‭ ‬إنهاء‭ ‬العلاقة‭. ‬تبدأ‭ ‬زطقسس‭ ‬فى‭ ‬خضم‭ ‬جدال‭ ‬مزعوم،‭ ‬بين‭ ‬جلوك‭ ‬وزوجها‭ ‬آنذاك‭ ‬جون،‭ ‬حول‭ ‬العشاء‭: ‬زكففت‭ ‬عن‭ ‬حب‭ ‬الخرشوف‭ ‬حين‭ ‬توقفتُ‭ ‬عن‭ ‬تناول‭ ‬الزبدة‭. ‬أما‭ ‬الشمر‭ ‬فلم‭ ‬أحبه‭ ‬قط‭.‬س‭. ‬الإبدال‭ ‬التالى‭ ‬هو‭ ‬انتصار‭ ‬صغير‭ ‬للواقعية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ردود‭ ‬أحد‭ ‬الشريكين‭ (‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الزوجة‭) ‬تأتى‭ ‬بطيئة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لاتهامات‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭:‬

شيء‭ ‬واحد‭ ‬كرهته‭ ‬فيك‭ ‬دومًا؛

رفضك‭ ‬استقبال‭ ‬ضيوف‭ ‬بالمنزل‭.‬

كان‭ ‬لفلوبير‭ ‬أصدقاء‭ ‬أكثر،‭ ‬وفلوبير

كان‭ ‬متوحدًّا‭.‬

فلوبير‭ ‬كان‭ ‬مهووسا؛ت

عاش‭ ‬مع‭ ‬أمه‭.‬

العيش‭ ‬معك‭ ‬كالإقامة‭ ‬فى‭ ‬مدرسة‭ ‬داخلية،

يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬دجاج،

والثلاثاء‭ ‬سمك‭.‬

لديَّ‭ ‬صداقات‭ ‬عميقة‭.‬

لديَّ‭ ‬صداقات‭ ‬مع‭ ‬متوحدين‭ ‬آخرين‭.‬

‭>>>‬

ثمة‭ ‬شيء‭ ‬آخر؛

اذكر‭ ‬لى‭ ‬شخص‭ ‬غيرك

لا‭ ‬يملكُ‭ ‬أثاثا‭.‬

نأكل‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬سمكا،ت

لأنه‭ ‬يكون‭ ‬طازجًا‭.‬

لو‭ ‬الأمر‭ ‬بيدي

ربما‭ ‬أكلناه‭ ‬فى‭ ‬أيام‭ ‬أُخَر‭.‬

لم‭ ‬أعرف‭ ‬نصًا‭ ‬آخر‭ ‬فى‭ ‬الشعر‭ ‬المعاصر،‭ ‬بخلاف‭ ‬مجموعة‭ ‬جيمس‭ ‬ماكمايكل‭ ‬زكلٌ‭ ‬منا‭ ‬منعزل‭ ‬فى‭ ‬مكانٍ‭ ‬قَصِيِّس،‭ ‬يصور‭ ‬التفاصيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬لهذا‭ ‬العراك‭ ‬السخيف‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬ضياع‭ ‬الحب‭. ‬الكثير‭ ‬منه‭ ‬مختلقٌ‭ ‬بالتأكيد،‭ ‬لكنه،‭ ‬حسب‭ ‬قول‭ ‬سيلفيا‭ ‬بلاث،‭ ‬يبدو‭ ‬حقيقي‭.‬

هذا‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬غير‭ ‬كافٍ‭ ‬لكتابة‭ ‬قصيدة‭ ‬جيدة،‭ ‬بالطبع،‭ ‬لكنى‭ ‬أرى‭ ‬القصائد‭ ‬فى‭ ‬ميدولاندز‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬كتبت‭ ‬جلوك‭. ‬وكأنها‭ ‬هضمت‭ ‬انتقادات‭ ‬زوجها؛‭ ‬سماحها‭ ‬لصوته‭ ‬أو‭ ‬انطباعها‭ ‬هى‭ ‬عن‭ ‬صوته‭ ‬بأن‭ ‬يخرج‭ ‬فى‭ ‬قصائدها‭ ‬يتيح‭ ‬لها‭ ‬تعزيز‭ ‬المنظور‭ ‬النقدى‭ ‬الذى‭ ‬اكتسبته‭ ‬فى‭ ‬شالسوسنة‭ ‬البريةص‭: ‬زأنتِ‭ ‬لا‭ ‬تحبين‭ ‬العالم‭. ‬لو‭ ‬أحببتِه‭ ‬حقًا؛‭ ‬لكان‭ ‬لديكِ‭ ‬صور‭ ‬فى‭ ‬قصائدك‭.‬س‭. ‬لذلك،‭ ‬فى‭ ‬القصيدة‭ ‬التالية،‭ ‬سنرى‭ ‬صورة‭ ‬مُفككة،‭ ‬مرفقة‭ ‬بتشبيه‭ ‬مُفكك‭: ‬زتشبه‭ ‬البراعم‭ ‬البيضاء‭ ‬مصابيح‭ ‬أمامية‭ ‬كاشفة‭ ‬تنبت‭ ‬من‭ ‬جسد‭ ‬أفعى‭.‬س‭.‬

هذه‭ ‬هى‭ ‬الطريقة‭ ‬التى‭ ‬تنفُذُ‭ ‬بها‭ ‬خفة‭ ‬جلوك‭: ‬فى‭ ‬لفتات‭ ‬متقنة‭ ‬وبسيطة،‭ ‬نقاط‭ ‬وفواصل‭ ‬فى‭ ‬رحلة‭ ‬التعلم‭ ‬الدائمة‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭. ‬عشبٌ‭ ‬فى‭ ‬ضوءِ‭ ‬القمر‭ ‬يصيرُ‭ ‬زعالمًا‭ ‬كاملاً‭ ‬منفياً‭ ‬على‭ ‬القمر‭. [...] ‬شعلة‭ ‬بيضاء،‭ [...] ‬تثبُ‭ ‬من‭ ‬الجبال‭ ‬الصارخة‭.‬س‭. ‬يمكنك‭ ‬تخيلها‭ ‬وهى‭ ‬تحول‭ ‬صفة‭ ‬قد‭ ‬يستخدمها‭ ‬أى‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬ترميز‭ ‬لنظرية‭ ‬المعرفة؛‭ ‬أو،‭ ‬عندما‭ ‬تبدأ‭ ‬فى‭ ‬تمنى‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تقرأ‭ ‬كلمة‭ ‬من‭ ‬شعر‭ ‬هوميروس‭ ‬أو‭ ‬أوفيد‭ ‬قط،‭ ‬حينها‭ ‬قد‭ ‬تسمح‭ ‬بدخول‭ ‬بصيص‭ ‬ضوء‭ ‬من‭ ‬قرن‭ ‬مضت‭ ‬فيه‭:‬

كيف‭ ‬لجاينتس

أن‭ ‬تُسمى‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬ميدولاند؟

لا‭ ‬يشبه‭ ‬المروج‭ ‬أكثر

مما‭ ‬يشبهها‭ ‬قلبَ‭ ‬تنور‭.‬

تبدأ‭ ‬قصيدة‭ ‬قديمة‭ ‬فى‭ ‬مجموعة‭ ‬ميدولاندز،‭ ‬اسيدةٌ‭ ‬تنتحب‭ ‬فى‭ ‬نافذة‭ ‬مظلمةب‭. ‬حسنًا،‭ ‬بالطبع‭ ‬هى‭ ‬كذلك؛‭ ‬سيدة‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬امرأة؛‭ ‬لا‭ ‬تبكى‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تنتحب‭. ‬نافذة‭ ‬مظلمة،‭ ‬وليس‭ ‬برجر‭ ‬كنج‭. ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬أسطر،‭ ‬اعند‭ ‬جيرانى،‭ ‬تعزف‭ ‬ذا‭ ‬لايت‭ ‬موسيقى‭ ‬كليزمير‭. ‬ليلة‭ ‬سعيدة؛‭ ‬نغمة‭ ‬الكلارينيت‭ ‬مضبوطة‭.‬ب‭. ‬ميدولاندز‭ ‬كتاب‭ ‬مؤلم‭ ‬لكنه‭ ‬هزلي‭. ‬تبدأ‭ ‬زذكرى‭ ‬سنويةس‭ ‬بـ‭ : ‬اقلتُ‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تستدفئي‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬تضمى‭ ‬قضيبى‭ ‬بقدميك‭ ‬الباردتين‭.‬ب،‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يستخرج‭ ‬منها‭ ‬الرد‭ ‬الحاد‭:‬

عليك‭ ‬أن‭ ‬تنتبه‭ ‬لقدمَيّ‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬تتخيلهما‭ ‬فى‭ ‬المرة‭ ‬القادمة،

حين‭ ‬تلتقى‭ ‬بفاتنة‭ ‬فى‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭.‬

فكثيرة‭ ‬تلك‭ ‬الأماكن

التى‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬هاتين‭ ‬القدمين‭.‬

يقول‭ ‬جون‭ ‬للشاعرة‭: ‬زيمكن‭ ‬للجميع‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬الألم‭ ‬بأعينٍ‭ ‬مغمضة‭.‬س،‭ ‬فتُعَرِض‭ ‬به‭ ‬جلوك،‭ ‬بعينين‭ ‬مفتوحتين‭:‬ت

أريد‭ ‬أمرين‭:‬

أن‭ ‬أطلب‭ ‬اللحوم‭ ‬من‭ ‬لوبيلز،

وأن‭ ‬أقيم‭ ‬حفلًا‭.‬

أنت‭ ‬تكره‭ ‬الحفلات‭.‬

تكره‭ ‬أى‭ ‬مجموعة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬أربعة‭.‬

لو‭ ‬أنا‭ ‬من‭ ‬أكرهها

سأقصد‭ ‬الطابق‭ ‬العلوي‭.‬

كما‭ ‬أنى‭ ‬أدعو‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬يمكنهم‭ ‬الطهي‭.‬

طهاة‭ ‬مهرة،‭ ‬وكل‭ ‬عشاقى‭ ‬القدامى‭.‬

وربما‭ ‬أيضًا‭ ‬عشيقاتك‭ ‬السابقات،

إلا‭.. ‬مستعرضى‭ ‬العُري‭.‬

لو‭ ‬كنتُ‭ ‬مكانك،

سأبدأ‭ ‬بطلب‭ ‬اللحوم‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬أقول،‭ ‬إنى‭ ‬آسف‭ ‬لانفصالهما‭. ‬يعجبنى‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭.‬

تتجلى‭ ‬براعة‭ ‬جلوك‭ ‬فى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬كوجه‭ ‬آخر‭ ‬لميلها‭ ‬إلى‭ ‬الألفاظ‭ ‬الفخمة‭. ‬تملك‭ ‬جلوك‭  ‬أذناً‭ ‬حساسة‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬مألوف،‭ ‬تلتقط‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يصدم‭ ‬شاعرًا‭ ‬أقل‭ ‬أهمية‭ ‬فيعتبره‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬الانتباه؛‭ ‬اسم‭ ‬ملعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬أو‭ ‬نِكاتاً‭ ‬بين‭ ‬زوجين‭. ‬غالبًا،‭ ‬نتغاضى‭ ‬عما‭ ‬هو‭ ‬ماثلٌ‭ ‬للعيان،‭ ‬ونركز‭ ‬على‭ ‬التفاصيل‭ ‬الأصغر‭ ‬فى‭ ‬الصورة‭ ‬زيتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬عبقرية‭ ‬كى‭ ‬تنسى‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء،‭ [...] ‬الحياة‭ ‬غريبةٌ‭ ‬جدًا،‭ ‬مشبَعةٌ‭ ‬بالأحلام،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬شكل‭ ‬نهايتها‭.‬س‭. ‬هذا‭ ‬صحيح‭ ‬حتى‭ ‬إنه‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬جلوك‭ ‬لنسيان‭ ‬أن‭ ‬الشعر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مكتوبًا‭ ‬بجودة‭ ‬بطاقة‭ ‬معايدة‭ ‬هولمارك‭ ‬على‭ ‬الأقل‭:‬

يمكننى‭ ‬الجزم‭ ‬أن‭ ‬جمال‭ ‬الشمس،

عند‭ ‬غروبها‭ ‬فى‭ ‬الشتاء،ت

لا‭ ‬يضاهى،

ذكراها‭ ‬تدوم‭ ‬طويلًا‭.‬

حين‭ ‬تكتب‭ ‬هكذا،‭ ‬فهى‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتركك‭ ‬للإحباط،‭ ‬بل‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة،‭ ‬تربكك‭ ‬فحسب‭. ‬زماذا؟س‭ ‬صِحتُ‭ ‬فى‭ ‬وجه‭ ‬الصفحة‭.‬ت

لكن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬بديعٌ‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الإخلاص‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬مألوف،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬قراءة‭ ‬ذلك‭ ‬الغثاء‭ ‬حول‭ ‬جمال‭ ‬غروب‭ ‬الشمس‭ ‬الشتوى‭ ‬ثمنًا‭ ‬زهيدًا‭ ‬تدفعه‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬جلوك‭ ‬فى‭ ‬أنقى‭ ‬صورها‭. ‬فى‭ ‬أعمالها‭ ‬الأخيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬أفيرنو‭ ‬وحياة‭ ‬قروية،‭ ‬تبنت‭ ‬صيغة‭ ‬حوار‭ ‬تعارض‭ ‬بنجاح‭ ‬انجذابها‭ ‬إلى‭ ‬خلاصة‭ ‬الحكمة‭: ‬زبدأ‭ ‬الجليد‭ ‬يتساقط،‭ ‬كسا‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬بالكامل‭. ‬هذا‭ ‬مستحيلٌ‭ ‬بالطبعس‭. ‬إنها‭ ‬تعرف‭ ‬الأشياء‭ ‬البسيطة‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬الانتباه‭ ‬إليها،‭ ‬كما‭ ‬تعرف‭ ‬كيف‭ ‬تنتبه‭ ‬إليها‭: ‬زيصير‭ ‬عمود‭ ‬الإنارة‭ ‬محطة‭ ‬للحافلات‭.‬س‭ ‬فى‭ ‬الفجر؛‭ ‬جارةٌ‭ ‬تنادى‭ ‬كلبها‭. ‬زالكلب‭ ‬مهذب،‭ ‬يرفع‭ ‬رأسه‭ ‬حين‭ ‬تنادي،س،‭ ‬لكنه‭ ‬مشغول‭ ‬بالنبش‭ ‬فى‭ ‬الحديقة،‭ ‬زمحاولًا‭ ‬معرفة‭ ‬مصير‭ ‬الزهور‭ ‬الميتة‭.‬س‭. ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬محظوظون،‭ ‬سنتلقى‭ ‬قصيدة‭ ‬تترك‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬على‭ ‬حالها،‭ ‬غير‭ ‬مُثقلة‭ ‬بالوعظ‭ ‬المميت‭:‬

يصحو‭ ‬طفلٌ‭ ‬فى‭ ‬غرفةٍ‭ ‬مظلمة،

صارخًا‭ ‬بلغة‭ ‬لا‭ ‬يفهمها‭ ‬أحد؛

أريد‭ ‬استعادة‭ ‬بطتى،

أريد‭ ‬بطتى‭.‬

لا‭ ‬توجد‭ ‬أى‭ ‬بطة‭.‬

لكن‭ ‬الكلب،‭ ‬المخملى‭ ‬الأبيض،‭ ‬المحشو،

قابع‭ ‬هناك‭ ‬بجواره‭ ‬فى‭ ‬السرير‭.‬

سنوات‭ ‬وسنوات،‭ ‬هكذا‭ ‬يمر‭ ‬الزمن‭.‬

كأنه‭ ‬حُلم‭.‬

لكن‭ ‬البطة؛

لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬لها‭.‬

قراءة‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬بأكملها‭ ‬أمر‭ ‬مُرهق،‭ ‬لكنها‭ ‬مُنَقِية‭ (‬أسلوبها‭ ‬مُعْدٍ‭ ‬كما‭ ‬ترى‭)‬،‭ ‬كالمشاركة‭ ‬فى‭ ‬ماراثون‭ ‬أفلام‭ ‬روبرت‭ ‬بريسون‭. ‬يحب‭ ‬النقاد‭ ‬استخدام‭ ‬استعارات‭ ‬كالمِبضَع‭ ‬لوصف‭ ‬أثر‭ ‬القصائد‭ (‬يعرف‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬والد‭ ‬جلوك‭ ‬شارك‭ ‬فى‭ ‬ابتكار‭ ‬سكين‭ ‬اكس‭ - ‬اكتو‭). ‬جلوك‭ ‬تَبضَعُ،‭ ‬ثم‭ ‬تُسْلِم‭ ‬الروح؛‭ ‬إنها‭ ‬تجرح‭ ‬وتطعن‭ ‬نفسها‭ ‬وقراءها،‭ ‬والكلمات‭ ‬التى‭ ‬تضطر‭ ‬لاستخدامها‭ ‬رغم‭ ‬ارتيابها‭ ‬فيها،‭ ‬والخيال‭ ‬الذى‭ ‬تزدريه‭ ‬رغم‭ ‬اعتمادها‭ ‬عليه‭. ‬مِبضَعٌ‭ ‬يبتر‭ ‬ليشفى‭. ‬فى‭ ‬قصيدة‭ ‬حديثة،‭ ‬تحلم‭ ‬جلوك‭ ‬بـ‭:‬

قيثارة،

تنغرس‭ ‬أوتارها‭ ‬عميقًا‭ ‬فى‭ ‬راحتى‭.‬

فى‭ ‬الحلم،

تجرحُ‭ ‬وتُقَطب‭ ‬الجرح‭ ‬فى‭ ‬آن‭.‬

سأل‭ ‬أستاذها‭ ‬ستانلى‭ ‬كونيتز‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬اكيف‭ ‬يتصالح‭ ‬القلب‭ ‬مع‭ ‬مأدبة‭ ‬خسائره؟ب،‭ ‬لكن‭ ‬صديق‭ ‬كونيتز‭ ‬المقرب‭ ‬ثيودور‭ ‬روثكى‭ ‬الذى‭ ‬يُشبهه‭ ‬جلوك،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬روحيًا،‭ ‬كتب‭:‬

أعرف‭ ‬نقاء‭ ‬اليأس‭ ‬الخالص،

حيث‭ ‬يَعلَق‭ ‬ظلى‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬ناضح‭ ‬بالرطوبة‭.‬

هل‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬بين‭ ‬الصخور‭ ‬كهف،

أم‭ ‬ممشىً‭ ‬متعرج؟

ليس‭ ‬لديَّ‭ ‬سوى‭ ‬الحافة‭.‬

أعمال‭ ‬جلوك‭ ‬كلها‭ ‬حواف،‭ ‬بعضها‭ ‬مُصقَل،‭ ‬هذا‭ ‬صحيح‭. ‬لكن‭ ‬أكثرها‭ ‬دهاءً،‭ ‬حيث‭ ‬تكمُن‭ ‬المعاني،‭ ‬تتسبب‭ ‬فى‭ ‬أشد‭ ‬الألم‭. ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الشعر‭ ‬الأمريكى‭ ‬فى‭ ‬الخمسين‭ ‬سنة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فأنت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬هذه‭ ‬القصائد‭.‬