شبهات وردود

هل القرآن من كلام النبى محمد (صلي الله وعليه وسلم) - ٣

القرأن الكريم
القرأن الكريم

‭ ‬حسين‭ ‬الطيب‭ ‬

‭ >‬يرد‭ ‬أعداء‭ ‬الإسلام‭ ‬بأن‭ ‬القرآن‭ ‬هو‭ ‬كلام‭ ‬النبى‭ ‬محمد‭ ‬وأنه‭ ‬أخذه‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬السابقة‭ ‬التوراة‭ ‬والإنجيل‭ ‬يفند‭ ‬هذه‭ ‬الأكاذيب‭ ‬الكاتب‭ ‬والباحث‭ ‬مسعود‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الحلف‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬ادحض‭ ‬دعوى‭ ‬المستشرقين‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬النبى‭ ‬محمد‭.‬

يقول‭: ‬هذه‭ ‬نفس‭ ‬الدعاوى‭ ‬التى‭ ‬قالها‭ ‬من‭ ‬قبلهم‭ ‬مشركو‭ ‬مكة،‭ ‬الذين‭ ‬انطلقوا‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المنطلق‭. ‬فقد‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬أشد‭ ‬الناس‭ ‬عداوة‭ ‬للنبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬ودعوته‭ ‬وأصحابه،‭ ‬ولم‭ ‬يتركوا‭ ‬وسيلة‭ ‬يمكنهم‭ ‬بها‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬أو‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬دعوته‭ ‬إلا‭ ‬سلكوها‭.‬

لقد‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬القرآن‭ ‬على‭ ‬نبيه‭ ‬ورسوله‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬اوإنَّهُ‭ ‬لَتَنْزِيلُ‭ ‬رَبِّ‭ ‬العالَمِينَ،‭ ‬نَزَلَ‭ ‬بِهِ‭ ‬الرُّوحُ‭ ‬الأمِينُ،‭ ‬عَلى‭ ‬قَلْبِكَ‭ ‬لِتَكُونَ‭ ‬مِنَ‭ ‬المُنْذِرِينَ،‭ ‬بِلِسانٍ‭ ‬عَرَبِيٍّ‭ ‬مُبِينٍب‭ [‬الشعراء‭:‬١٩٢‭-‬١٩٥‭].‬

فأعلن‭ ‬فى‭ ‬الناس‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬الله‭ ‬وليس‭ ‬كلامه،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬التبليغ‭.‬

والأدلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كلام‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬كثيرة‭ ‬جدًا،‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬بعضها‭:‬

أولًا‭: ‬أن‭ ‬الرسول‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬صادق‭ ‬أمين،‭ ‬وصفه‭ ‬بذلك‭ ‬أعداؤه،‭ ‬كما‭ ‬روى‭ ‬البخارى‭ ‬فى‭ ‬قصة‭ ‬أبى‭ ‬سفيان‭ ‬مع‭ ‬هرقل،‭ ‬فقال‭ ‬هرقل‭ ‬لأبى‭ ‬سفيان‭: ‬فهل‭ ‬كنتم‭ ‬تتهمونه‭ ‬بالكذب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬قال؟‭ ‬قلت‭: ‬لا،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭ ‬هرقل‭ ‬مبينا‭ ‬مراده‭ ‬من‭ ‬السؤال‭: ‬وسألتك‭ ‬هل‭ ‬كنتم‭ ‬تتهمونه‭ ‬بالكذب‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬ما‭ ‬قال،‭ ‬فذكرت‭ ‬أن‭ ‬لا،‭ ‬فقد‭ ‬اعرف‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليذر‭ ‬الكذب‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬ويكذب‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬ا‭. ‬وكيف‭ ‬يكتب‭ ‬القرآن‭ ‬وهو‭ ‬أمي‭.‬

وقد‭ ‬أكد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬فى‭ ‬مرات‭ ‬كثيرة‭ ‬ومواقف‭ ‬عديدة‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬كلام‭ ‬الله،‭ ‬وأنه‭ ‬يوحى‭ ‬إليه‭ ‬ما‭ ‬يقول،‭ ‬وهذا‭ ‬موجب‭ ‬لتصديقه‭ ‬من‭ ‬وجهين‭:‬

الوجه‭ ‬الأول‭: ‬أنه‭ ‬صادق،‭ ‬وقد‭ ‬عرف‭ ‬عنه‭ ‬ذلك‭ ‬واشتهر‭.‬

والثاني‭: ‬أن‭ ‬فى‭ ‬نسبة‭ ‬القرآن‭ ‬إليه‭ ‬إبرازا‭ ‬لمواهب‭ ‬نفسه،‭ ‬وإحرازا‭ ‬للمقام‭ ‬الأعلى‭ ‬فى‭ ‬قوة‭ ‬الفصاحة‭ ‬والبيان‭ ‬والعلم،‭ ‬ونحو‭ ‬ذلك،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬القوم‭ ‬كانوا‭ ‬يتباهون‭ ‬فى‭ ‬قوة‭ ‬التعبير،‭ ‬والفصاحة‭ ‬والبيان،‭ ‬ويعدونه‭ ‬من‭ ‬أعظم‭ ‬مفاخرهم،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تنصل‭ ‬منه،‭ ‬وقال‭: ‬إنه‭ ‬كلام‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وليس‭ ‬كلامه،‭ ‬ولم‭ ‬تختلف‭ ‬عنه‭ ‬هذه‭ ‬الدعوى‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬من‭ ‬الأوقات،‭ ‬لا‭ ‬فى‭ ‬أول‭ ‬بعثته‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬آخرها‭.‬

ثانيًا‭: ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متيسرًا‭ ‬للنبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬تنزيل‭ ‬من‭ ‬حكيم‭ ‬حميد،‭ ‬ينزل‭ ‬به‭ ‬الروح‭ ‬الأمين‭ ‬حسب‭ ‬مشيئة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بذلك،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬عنده‭ ‬لفاضت‭ ‬به‭ ‬نفسه،‭ ‬وجاشت‭ ‬به‭ ‬قريحته‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬يشاء،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬الأوقات‭ ‬العصيبة،‭ ‬التى‭ ‬مر‭ ‬بها‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭. ‬من‭ ‬ذلك‭:‬

‭< ‬اشتراط‭ ‬المشركين‭ ‬للإيمان‭ ‬أن‭ ‬يبدل‭ ‬القرآن‭ ‬أو‭ ‬يغيره،‭ ‬وذلك‭ ‬فى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬اوإذا‭ ‬تُتْلى‭ ‬عَلَيْهِمْ‭ ‬آياتُنا‭ ‬بَيِّناتٍ‭ ‬قالَ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬لا‭ ‬يَرْجُونَ‭ ‬لِقاءَنا‭ ‬ائْتِ‭ ‬بِقُرْآنٍ‭ ‬غَيْرِ‭ ‬هَذا‭ ‬أوْ‭ ‬بَدِّلْهُ‭ ‬قُلْ‭ ‬ما‭ ‬يَكُونُ‭ ‬لِى‭ ‬أنْ‭ ‬أُبَدِّلَهُ‭ ‬مِن‭ ‬تِلْقاءِ‭ ‬نَفْسِى‭ ‬إنْ‭ ‬أتَّبِعُ‭ ‬إلّا‭ ‬ما‭ ‬يُوحى‭ ‬إلَيَّ‭ ‬إنِّى‭ ‬أخافُ‭ ‬إنْ‭ ‬عَصَيْتُ‭ ‬رَبِّى‭ ‬عَذابَ‭ ‬يَوْمٍ‭ ‬عَظِيمٍ،‭ ‬قُلْ‭ ‬لَوْ‭ ‬شاءَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬ما‭ ‬تَلَوْتُهُ‭ ‬عَلَيْكُمْ‭ ‬ولا‭ ‬أدْراكُمْ‭ ‬بِهِ‭ ‬فَقَدْ‭ ‬لَبِثْتُ‭ ‬فِيكُمْ‭ ‬عُمُرًا‭ ‬مِن‭ ‬قَبْلِهِ‭ ‬أفَلا‭ ‬تَعْقِلُونَب‭ [‬يونس‭ ‬١٥‭-‬١٦‭].‬

فمشركو‭  ‬مكة‭ ‬طلبوا‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يبدل‭ ‬القرآن‭ ‬أويغيره‭.‬وهذا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭.‬