زراعة الأشجار على السواحل.. لمواجهة التغيرات المناخية الصعبة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

كتب دعاء زكريا- محرم الجهينى

 

الخبراء: مصدر للمنتجات الخشبية.. وإنتاج عسل نحل عالى الجودة.. وتوفير فرص العمل 
زراعات مفيدة اقتصاديًا مثل «المانجروف والصبار والشيح والنباتات الطبية الأخرى والكراوية والبردقوش وأشجار البابونج» 

حماية للشواطىء من التآكل.. ومواجهة التغيرات المناخية الصعبة
تحقق الاكتفاء الذاتى من الخضراوات مثل الخرشوف والكرنب والقرنبيط والبصل والكرنب الأحمر والفجل والسبانخ وبنجر السكر والفلفل
تتجه الدولة إلى إنشاء المشروعات الزراعية التي تحقق التنمية المستدامة المنشودة, لخلق مجتمعات عمرانية جديدة لذا تم الإتجاه إلى زراعة الأشجار التى تنمو فى الأراضى الملحية أو التى يتم ريها بمياه البحر الأحمر، لتحقيق الهدف منها بإنتاج أنواع من الأخشاب التى يتم استخدامها في تصنيع الأثاث والديكور بجانب توفير فرص العمل للشباب، وإنتاج عسل نحل عالى الجودة ومواجهة التغيرات المناخية التى تتعرض لها البلاد بجانب حماية الشواطىء من تعرضها للتأكل، لذا تم إجراء هذا التحقيق لمعرفة أراء الخبراء الزراعيين والاقتصاديين فى إنشاء هذه المشروعات. 


فى البداية يقول الدكتور السيد خليفة نقيب الزراعيين والأستاذ بمركز بحوث الصحراء والمشرف علي استزراع غابات المنجروف: لقد اهتمت الحكومة المصرية ممثلة في وزارات الزراعة والبيئة والتعليم العالي ومحافظة البحر الأحمر، بأهمية الحفاظ علي غابات المنجروف من خلال تنفيذ مشروع بحثي لاستزراع وزيادة مساحات أشجار المنجروف علي ساحل البحر الأحمر, بمناطق سفاجا وحماطة وتمت إنشاء مشاتل وإنتاج الشتلات وزراعة مساحات بمناطق سفاجا وحماطة والقلعان، كما أن أشجار المنجروف، غابات طبيعية تنمو في مصر علي ساحل البحر الأحمر وخليج العقبة بمحمية رأس محمد ومحمية نبق بجنوب سيناء، وفوائدها البيئية والاقتصادية أنها تحمي الشواطي من عمليات المد والجزر، كما أن لها دورًا مهمًا في الحد من التغيرات المناخية لأنها تمتص الكربون أربع مرات مقارنةً بالغابات الاستوائية وهي البيئية الحاضرة لأسماك البشريات ودورها في السياحة البيئية، وكذلك تمت تجريب تربية خلايا نحل العسل على غابات المنجروف وتدريب الأهالى علي إنتاج العسل كأحد المشروعات الصغيرة للسكان في هذه المناطق.


ويؤكد الدكتور خالد شعبان طرحات، منسق عام التعاون بين وزارتى الرى والزراعة، أنه فى ضوء التحديات الكبيرة والجسيمة التى تواجهها مصر حالياً وباتت تفرض نفسها بقوة خلال هذه المرحلة التاريخية ضوء ما تواجهه إدارة المنظومة المائية فى مصر فى ظل محدودية الموارد المائية وزيادة الطلب عليها بسبب زيادة عدد السكان ومشروعات الاستصلاح الجديدة، فإن أفضل تركيب محصولى مستقبلى يحقق أقل استهلاك مائى وأكبر عائد اقتصادى فى ظل محدودية واتباع سياسة التركيب المحصولى الحر الحالى، وذلك من منطلق حرص الدولة المصرية أن يحكم أدائها فى مسيرة تطوير وتنمية القطاع المائى والزراعى، رؤية استراتيجية محددة تكون وليدة متطلبات المرحلة التنموية التى يمر بها هذا القطاع حالياً ومستقبلاً، ومحصلة تفاعلات المتغيرات المحلية والدولية المعاصرة التي تحقق أكبر قدر من التوازن التنموى بين مختلف الأقاليم الزراعية فى مصر مع الحرص على إعطاء الأولوية للمشروعات والأنشطة المرشدة الاستخدامات، لذا تم مراجعة جميع التقديرات والقياسات والأساليب المستخدمة فى تقدير الاستهلاك المائى للمحاصيل فى مصر بأساليب محددة وقياسات دقيقة لهذه التقديرات على مختلف مناطق الجمهورية ومختلف المحاصيل بهدف ترشيد الاستخدامات وتعظيم العائد الاقتصادى لوحدة الأرض والمياه وتحقيق التوازنات المطلوبة بتبنى سياسات زراعية مرشدة للمياه، والبحث عن أفضل تركيب محصولى يحقق أكبر عائد اقتصادى فى ظل محدودية حصة مياه النيل.


ويضيف الدكتور أبوغنيمة سعد فتح الباب شحاتة بمعهد بحوث أمراض النباتات بمركز البحوث الزراعية أن الأراضى الملحية هي تلك  الأراضي التي تحتوي على تركيزات عالية من الأملاح الذائبة والتى تؤثر بالسلب على نمو العديد من المحاصيل وإنبات البذور، كما تؤدى إلى زيادة معدل انتشار الإصابة بالأمراض النباتية، وقد تعرف على أنها الأراضي التي يزيد فيها التوصيل الكهربائي لمستخلص التربة (عجينة الأرض المشبعة) عن 4 ملليموز / سم  وهى أملاح بيضاء اللون متعادلة كيميائياً، لاتزيد النسبة المئوية للصوديوم المتبادل ESP عن 15% وعادة الــ PH لهذه الأراضي أقل من 8.5  وهذه النوعية من الأرض قد تكون ذات نفاذية للماء إلا أن بِنائها غير ثابت, لأن معظم الأملاح متعادلة ، وتتكون مثل هذه الأراضي في المناطق الجافة وشبه (القاحلة) الجافة والتي يقل فيها معدل الأمطار السنوي عن 10 ــ 20 بوصة في مثل هذه الظروف يكون غسيل وانتقال الأملاح من القطاع الأرضي إلى البحار والمحيطات بطيئا، كما أن زيادة البخر والنتح تحت ظروف الجفاف يساعد على تجمع الأملاح في القطاع الأرضي وبهذا ينشأ ما يسمى بالأراضي المتأثرة بالأملاح وعموماً تنقسم التربة على حسب تأثرها بالملوحة إلى (ملحية، ملحية قلوية  وقلوية) وذلك تبعاً لخواصها الكيميائية وقد يزداد تركيز الأملاح  وخصوصًا المتعادلة في المحلول الأرضي وفي هذه الحالة تسمى الأرض ملحية، بينما إذا احتوى المحلول الأرضي على زيادة في الأملاح إضافة إلى زيادة  فى تركيز الصوديوم المتبادل  كانت الأرض القلوية و تتكون الأملاح الذائبة عادة من الصوديوم والكالسيوم والمغنسيوم والكلوريد والكبريتات بصفة أساسية ومن البوتاسيوم والبيكربونات ، والنترات، البورون بصفة ثانوية ومصادر الأملاح في التربة معروف لأن الملوحة تنشأ كنتيجة لانتقال الأملاح بواسطة الماء من مكان إلى آخر ثم تجميعها نتيجة لظروف بيئية معينة أما عن علاقة الزراعة بالأراضى (التربة) ذات النسب المتوسطة أو العالية من الملوحة ومعدل الإصابة بالأمراض فمعروف أن هناك علاقة بين زيادة نسبة الإصابة بالأمراض والملوحة؛ حيث تؤدى الزراعة فى الأراضى الملحية إلى إرتفاع معدل الإصابة بالأمراض النباتية وزيادة انتشارها خاصة أعفان الجذور، كما تؤدى إلى زيادة نشاط الكائنات الضارة على حساب النافعة هذا فضلاً عن تعرض النبات إلى الإجهاد لزيادة الضغط الأسموزى وصعوبة امتصاص الماء والأملاح (العناصر) الغذائية وبالتالى حدوث وظهور الأضرار الفسيولوجية على النبات  مع مراعاة زراعة الأراضى الملحية بما يتناسب معها من محاصيل على حسب درجة الملوحة ونوعيتها.


ويقول الدكتور أحمد سعد الخبير الاقتصادى إن الزراعة باستخدام مياه البحـر ممكنـة جـدًا ولكن فى الأراضى الرمليــة والبيئــات الصــحراوية، وتعــرف الزراعــة بميــاه البحــر وتعد تلك الزراعة تنميــة للمحاصــيل المتحملــة  للملوحة فى أراضى تروى بمياه البحر. وهـذه الفكـرة تعتبـر حـل مثـالى؛ حيـث إن 97 %مـن ميـاه الكرة الأرضية مياه مالحة وكذلك فإن الأراضـى الصـحراوية واسـعة الانتشـار، وتشكل43 % من مساحة اليابس ولذلك  وبما أن العالم مقدم على نقص فى المياه العذبة من المستحب زراعة الزراعات التي تنبت فى التربة الملحية، ومن تلك الزراعات المفيدة اقتصاديا مثل المانجروف, والصبار بأنواعه المختلفة والشيح والنباتات الطبية الأخرى مثل الكراوية والكمون والزعتر والبردقوش وأشجار البابونج إضافة  إلى التين الشوكي أي يمكن اخضرار السواحل  وتلك الزراعات تتمتع بعوائدها الاقتصادية الكبيرة، هناك مردود اقتصادي جيد خاصة وأن الساحل الشمالي يبلغ طوله أكثر من 1000 كيلو متر والشرقي يقاربه أيضًا وإذا تم الزراعة فيهما علي مياه المطر مثل محصول القمح و الشعير والأرز والذرة والتى تتحمل ملوحة الأرض سيحقق اكتفاء ذاتي، كما أن هناك  خضراوات تتحمل ملحية الأرض مثل الخرشوف والكرنب والقرنبيط والبصل والكرنب الأحمر والفجل والسبانخ وبنجر السكر والفلفل، وتعد من أفضل المناطق لتلك الزراعات التى تتحمل الملوحة شمال الدلتا وأرض سيناء.