أحمد عز: «هجمة مرتدة» يوثق لبطولات جهاز مخابرات عظيم | حوار

أحمد عز
أحمد عز

 مصطفى حمدي

أثبت الفنان المصري فى ثورة 30 يونيو أنه أحد حراس الهوية المصرية على مر التاريخ، اختلفت الأجيال تبدلت الظروف، ولكن نهر الإبداع لم يغير مساره الممتد فى قلب الوطن وبين شرايين شخصيته المتفردة منذ مصر القديمة.

الفنان المصرى القديم هو الذى علم البشرية النحت والرسم والموسيقى، وهو الذى جاء بعد سبعة آلاف عام لينتفض رافضًا محاولات طمس تلك الهوية المصرية بأيدى تجار الدين والدم، شرارات ثورة 30 يونيو التى اندلعت فى شوارع المحروسة وميادينها، علت معها أصوات الفنانين المطالبة باستعادة مصر مرة أخرى، بنى أهل الفن والثقافة جدارا شاهقا يحمى «التركيبة» الاجتماعية المصرية من الدخلاء والمتآمرين، ولعبوا دورا كبيرًا فى صياغة المشهد السياسى والاجتماعى عقب ثورة 30 يونيو.

ويبقى أحمد عز واحدًا من الوجوه المصرية التى ساهمت فى معركة الوعى الممتدة حتى الآن، كان من المبادرين بتقديم الاعمال الوطنية بفيلم «الممر»، ثم فيلم «الخلية»، وعاد هذا العام ليقدم مسلسل «هجمة مرتدة» الذى يعد عملًا متفردًا فى عرض بطولات المخابرات العامة المصرية فى زمن حروب الجيل الرابع.. بين 30 يونيو عام 2013 و30 يونيو 2021.. رحلة وطن من المجهول إلى المستقبل، نبحث عن سيناريو وعنوان فنى يليق بها يصيغه نجم كبير يمتلك شعبية ممتدة من المحيط إلى الخليج.


- دعنى أبدأ معك من المشاهد الأخيرة لمرحلة ماقبل ثورة 30 يونيو التى جاءت لتكون بمثابة طوق النجاة للهوية المصرية، كيف كنت ترى المشهد على الساحتين الفنية والثقافية قبل 30 يونيو؟

أذكر جيدًا تلك المرحلة، أيام النزول للشارع فى مظاهرات بميادين مصر المختلفة، لإعلان المصريين رفضهم لحكم الجماعة الإرهابية، المسألة لم تكن مقتصرة على يقين لدى الفنانين بضرورة استعادة الهوية المصرية مرة أخرى، بالعكس الأمر كان اتفاقا شاملًا بين كل أطياف المجتمع، الجميع اتفق على ضرورة تغيير المشهد من منطلق واحد وهو إنقاذ البلد.

- ولكن الفنان تحديدًا قد تكون له حسابات مختلفة تتعلق بعمله وفنه، والمخاوف التى أحاطت بالفن فى عهد الجماعة الإرهابية كانت أكبر بكثير مقارنة بأى فئة أخرى؟

الهاجس الذى تملكنى شخصيا فى هذه الفترة هو الحفاظ على البلد كمواطن مصرى قبل ان أكون فنانا، تحرك نابع من الخوف على البلد قبل الفن، وإيمانا منى بأن صلاح حال البلد سينعكس إيجابيا على كل المجالات بما فيها الفن، كنا نفكر أنا وزملائى أن البلد أهم كثيرًا من الفن، لم نفكر فى أرزاقنا وعملنا، أنا عن نفسى مؤمن بأن الأرزاق بيد الله وهى مقدرات مكتوبة لكل إنسان مهما كانت الظروف والأحوال، لكن عودة الوطن، واستعادة بلدنا كانت أهم من أى حسابات أخرى.

- إلى أي مدى كنت ترى حالة الانهيار.. هل فقدت الأمل وتملكك الإحباط؟

منذ عام 2011 وحتى بدايات عام 2013 كنا على يقين أن هذه ليست مصر التى نعرفها، شخصيا كنت متأكدًا أن الوطن سيستعيد عافيته مهما حدث وأن الوضع لن يستمر، حتى جاءت ثورة 30 يونيو والتى اعتبرها نقطة انطلاق لبناء مصر من جديد، بناء نهضة حقيقية ظهرت فى التغيير الذى طرأ على ملامح البلد، الشوارع والطرق والمواصلات، لقد استعدنا قيمة الجمال والآدمية التى افتقدناها لسنوات طويلة.

- يمكننى وصف فنانينا فى 30 يونيو بحراس الهوية المصرية.. اعتصام وزارة الثقافة الذى كان من أهم شرارات الثورة، وكذلك مواقف أغلب الفنانين مما حدث خلال عام حكم الجماعة الإرهابية هل أعادت ثورة 30 يونيو قيمة الفنان مرة أخرى وتأثيره فى المشهدين الاجتماعى والسياسى؟

أتفق معاك تماما، بل وأزيد على ذلك أن الدور الذى لعبه الفنانون خلال ثورة 30 يونيو يحتم علينا التأكيد على فكرة المحافظة على الرموز وحمايتها، ليس رموز الفن فقط، بل رموزنا فى الثقافة والأدب والرياضة والعلم.

- إلى أي مدى تجد انعكاس تلك الحالة الوطنية التي انطلقت في 30 يونيو على المنتج الفني؟

عندما أصبح لدينا دولة مؤمنة بقيمة الفن ودوره، تغير الفكر الانتاجى، وبالتالى انتجنا أعمالا وطنية مثل «الممر»، قبل ظهور هذا الفيلم لو سألت أى منتج أو فنان عن النجاح الجماهيرى لأى عمل وطنى كان الرد فى الغالب أننا أمام مغامرة غير مضمون نجاحها جماهيريا، أنت لديك الآن جيل يشاهد «نتفليكس» والأعمال الأجنبية، كيف سيذهب فى العيد للسينما ويدفع ثمن تذكرة لمشاهدة فيلم تدور أحداثه عام 1967، قبل أن يولد هو وربما قبل ميلاد والديه، هنا السؤال الأهم : ما الدافع الذى سيحرك مراهقا أو شابا لمشاهدة فيلم وطنى؟

والإجابة ببساطة أن الجمهور المصرى لديه حس وطنى بالأساس، ولو قدمت له هذا العمل بتقنيات تحترم عقله ومشاهداته سيدعمك ويؤمن بك.

- هل النجاح نابع من الانتاج الضخم واستقطاب النجوم الكبار أم الجمهور متعطش لهذا النوع من الأعمال؟

النجاح نابع من الاتقان والدقة والمصداقية فى كل مراحل العمل، مثلا فى «هجمة مرتدة» عكسنا التطور الذى طرأ على عمل اجهزة المخابرات، والتطور الكبير الذى طرأ على أساليب عمل المخابرات المصرية تحديدا هذا الجهاز العظيم الذى حقق العديد من البطولات والملاحم فى العصر الحديث دون أن نعرف، هذا هو دورهم أن يعملوا فى صمت.

ربما كان مسلسل «هجمة مرتدة» بتفاصيله يمثل سلسلة مفاجآت للمشاهد الذى عايش تلك الأحداث على أرض الوقع لكنه الآن أعاد قراءتها بشكل مختلف ورأى الزاوية الخفية من كل حدث.. هل فوجئت أنت الآخر بذلك؟

وهذا الأمر الذى جعلنى اتمسك بتقديم هذا المسلسل، وهو أننى أرى الحقيقة المجردة مع المشاهد، لدينا جهاز مخابرات عظيم يعمل دون البحث عن مجد شخصى، رجال تعمل فى الظل، وأهمية المسلسل أنه يصحح مفاهيم عديدة انتشرت منذ عام 2007، صدروا لنا لعبة تغيير الانظمة تحت مسمى الحريات ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما، هذه كانت حربا للسيطرة على مقدرات الشعوب والدول.. هناك جملة مهمة توقفت أمامها كثيرا فى المسلسل وهى: اللى هيعدى كل ده ويوصل لـ 2030 هيبقى وصل بر الأمان وهو اللى هيكمل.. هناك حرب كبيرة لتغيير شكل العالم ونحن كمواطنين لم نعرف عنها شيئا، حرب عن طريق الاعلام والثقافة أى ما يسمى بحروب الجيل الرابع.

- أعود معك إلى فكرة تقدير الدولة للفن والفنانين، الرئيس السيسى حريص دائمًا على تأكيد تلك الفكرة وحتى قبل توليه الرئاسة وخلال حملة ترشيحه التقى بالفنانين وأكد اهمية دورهم للارتقاء بوعى المواطن، هل ترى أن الدولة المصرية اعترفت أخيرا بقيمة الفنان ودوره أم أن الأمر يحتاج دعما أكثر؟

أتفق معك مليون فى المائة، الرئيس عبد الفتاح السيسى أعاد للفنان قيمته فى المجتمع، وأعاد للفن قيمته وقدره فى تشكيل وعى المواطن، وأكبر دليل على ذلك تكريمه لصناع الأعمال الوطنية.

- الدراما المصرية أصبحت قوة كبيرة مسيطرة على المشهد العام فى صناعة الدراما عربيا خلال السنوات الأخيرة ما تفسيرك لذلك؟

هذا انعكاس لفهم الدولة لقيمة الفن وبالتالى أصبح لدينا اعمال كبيرة وجيدة على مستوى الفكر وكذلك على مستوى التنفيذ والتقنيات والصورة.

- هناك مفارقة مهمة فى اعمالك حاليا وهى انك قدمت مسلسل هجمة مرتدة وتناول حروب الجيل الرابع، وقريبا سيعرض لك فيلم العارف ويتناول أيضا الحروب الاليكترونية، هل لديك شغف شخصى بهذا النوع من الموضوعات؟

بالتأكيد، لكن فكرة العارف تدور فى إطار عام وطنى، نحن نقدم شكلا آخر من الحروب التى تنتمى لحروب الجيل الرابع والتى تعتمد على اختراق المؤسسات واستخدام الشبكات الاليكترونية للتحكم فى مصائر الشعوب.

- أخيرا وبعد ثمانى سنوات من 30 يونيو ماذا تقول لجمهورك؟

عايزين نشتغل اكتر ونتعب اكتر عشان بلدنا تستاهل أكتر من كده بكتير.