الدرما التليفزيونية تنقذ المجتمع من الفتن الثأرية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

القنوات الإقليمية ساعدت فى إنهاء 32  خصومة ثأرية.. وقطاع الإنتاج أنقذ البلاد من الفتنة

22 عملًا دراميًا وسينمائيًا لإعادة ترتيب المفاهيم والمواريث الاجتماعية والقضاء على الفتن في الصعيد 

 

اقرأ ايضا |  القبض على عصابة تخصصت فى سرقة هواتف المارة بالمنيا


دماء على النيل أنهى النزاع بين عائلات الصعيد بالزواج.. وصراع الوادى استبدل القتل بأحكام القضاء

الإنتاج الدرامى لماسبيرو أسهم فى القضاء على الظاهرة.. وغيّر بعض التقاليد الخاطئة 


محمد إسماعيل
عندما تعجز بعض الجهات فى التصدى للمشاكل المجتمعية .. وعندما تعجز بعض قوى المجتمع المدنى فى إنهاء خصومات عائلية .. وعندما تعجز بعض الجهود الرسمية فى إنهاء خلافات امتدت لعقود طويلة.. وعندما تعجز بعض العائلات فى جنوب الصعيد على التمتع بحياه آمنة .. هنا يلجأ الجميع إلى الإنتاج  الإعلامى لوضع حلول جذرية لإنهاء  قضايا الثأر .. وعندما يتحول الإنتاج الإعلامى إلى إنتاج درامى  "يتسلل" إلى عمق الخلافات ويحدث خلل فى الخريطة الثأرية  ويعيد مفهوم وقيمة التسامح ويقضى على خلافات ثأرية هنا فقط تظهر قوة الإنتاج الدرامى وقوة ماسبيرو والقنوات الإقليمية  فى التأثير على المجتمعات المتعصبة. 


البداية
أكثر من 22 عملا درامىا مابين إنتاج تلفيزيونى وسينمائى  يتم إنتاجهم خصيصا لمعالجة قضايا « الثأر» فى الفترة مابين 1954 حتى أبريل 2021  وتوجيه خاص من الرئيس الراحل أنو السادات  وحسنى مبارك بضرورة تصدى الأعمال الدرامية لمشاكل الثأر ومحاولة تغيير ثقافة  المجتمع الصعيدى والعمل على نشر مفاهيم التسامح من خلال الأعمال الدرامية  التى أنتجت خصيصا لمناطق النزاعات فى صعيد مصر.


«التار ولا العار».
فى بداية  التسعينيات اشتدات الصراعات القبائلية بين أبناء الصعيد بسبب « الثأر» وتسببت الموروثات الاجتماعية فى ارتفاع عدد القتلى  الذين تجاوز بكثير عدد القتلى فى حواداث السيارات على مستوى مصر  وبعد فشل الجهود المجتمعية وجهود المجتمع المدنى لجاء الجميع  إلى ماسبيرو " قطاع الإنتاج" لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها من خلال إنتاج درامى يكون قادر على إنهاء النزاعات فى الصعيد وبقرار وزارى تم تغيير الخريطة الإنتاجيه لهذا العام والتى كانت تحتوى على إنتاج 6 مسلسلات « ارابيسك .. أيام المنيرة .. السقوط فى بئر سبع .. بوابة الحلوانى جزئين .. يوميات ونيس )  إلا أن صفوت الشريف وزير الإعلام فى تلك الفترة  أصدر قرارا بإنتاج جزء واحد من مسلسل بوابة الحوانى واستبدال الجزء الثانى بإنتاج مسلسل « صفيه والدير» بسبب ظاهرة  « الثأر»  فتم إنتاج المسلسل والذى لاقى نجاحا كبيرا وتسبب المسلسل عند عرضه فى إنهاء الخصومة  الثأرية  بين  3 عائلات فى قنا. 


المسلسل دارت أحداثه حول الفتاة الشابة صفية التي تغرم بالشاب حربي ولكن ينتهي بها المطاف زوجة لرجل آخر يدعى عسران مع تطور الأحداث تنشب خلافات بين الرجلين فيلقى عسران مصرعه بأيدي حربي الذي كان في موقف دفاع عن النفس، من ثم تبدأ صفية في زرع الكره والغضب في نفس طفلها كي يشب ويثأر لوالده من حربي الذي كانت تهيم به ذات يوم .


مسلسل «خالتي صفية والدير» من إنتاج عام 1994 وهو مأخوذ عن رواية بنفس العنوان للكاتب الكبير بهاء طاهر، كتب له السيناريو وأخرجه إسماعيل عبد الحافظ، وشارك في بطولته كل من سناء جميل، بوسي، ممدوح عبد العليم، رانيا فريد شوقي، حمدي غيث.


واستمر ماسبيرو فى التصدى لهذه الظاهرة وقرر القائمون على قطاع الإنتاج خوض المعركة الأخيرة فى تغيير بعض الموروثات الاجتماعية التى كانت سببا رئيسيا فى نزيف الدماء فتم إعداد مجموعة من المسلسلات اقتربت من « 22 « مسلسلا ركزت على إعادة تشكيل الوعى ومفهوم « التسامح « وإنهاء الصراعات بمايسمى « تقديم الكفن «  والتركيز على هذه الظاهرة واعتبرها من علامات « الرجولة « والنضج  والذكاء فى إنهاء الحروب القبائلية بين أبناء الصعيد فتم إنتاج  مسلسلات « سلسل الدم « « ذئاب الجبل « « أفراح إبليس « كما تم إنتاج مسلسل « طايع «  الذى تدور أحداثه حول الطبيب طايع الذي يُدخل نفسه للسجن كي لا يسقط هو وعائلته في دائرة الثأر  وأخيرا تم عرض مسلسل « نسل الأغراب « وتدور أحداث المسلسل حول قصة قتل من الماضي، حيث يقوم أبناء العم عساف الغريب ”أحمد السقا“ وغفران الغريب ”أمير كرارة“ بتجديد التحدي الدموي ونزعة الثأر.


القنوات الإقليمية
ولعبت القنوات الإقليمية دورا كبيرا فى  إنهاء أكثر من 32 خصومة ثأرية من خلال التوعية الإعلامية وإنتاج برامج وجهت خصيصا  للقضاء على هذه الظاهرة  ويأتى نجاح القنوات الإقليمية « السابعة والثامنة « بالتحديد فى الحد من هذه الظاهرة نظرا  لوجود الإعلاميين بتلك القنوات من البيئة الصعيدية  ويعلمون عادات وتقإلىد هذه العائلات جيدا علاوة على الخبرة الإعلامية  التى أهلتهم لوضع حد لكثير من النزاعات كما قامت القنوات الإقليمية بإعادة بث « المسلسلات « التى أنتجت خصيصا لمحاربة هذه الظاهرة فى الأوقات  المناسبة  التى ساعدت كثيرا على إتمام جلسات التصالح.


قطاع الإنتاج
كما نجح قطاع  الإنتاج بماسبيرو على مدار 30 عامًا في التصدى لهذه الظاهرة من خلال الإنتاج الدرامى ومن أهم الأعمال التى كان لها تأثير كبيرا فى تغيير بعض السلوكيات فى الصعيد، الفيلم التلفيزيونى « خريف أدم « الذى تدور أحداثه في جنوب مصر على مدى عشرين عامًا مابين عامي 1948 و 1968، حيث ينتظر آدم اللحظة المناسبة للأخذ بالثأر لمصرع أبنه أثناء حفل زفافه ولا يحيا إلا من أجل هذه الفكرة التي تسيطر عليه تمامًا وسط أحداث دامية لقرية تصدر الشهداء والقتلى وتنطوي على نفسها بمعزل عن العالم.


طلقة رصاص
وطبقا  للخطة الدرامية  كان هناك إنتاجات على مدار العام  لتوصيل رسائل اجتماعية تهدف إلى الإبقاء على حالات  الهدوء النسبى بين  العائلات المتناحرة، فكانت السهرة الدرامية « طلقة رصاص « والتى أعدت خصيصا للقضاء على الفتنة الثأرية داخل إحدى قرى سوهاج  عام 1992  والتى نجحت فى إيقاف نزيف الدم.
 المسلسل دراما اجتماعية صعيدية، تناولت مشكلة وقضية في غاية الأهمية، وهي قضية الثأر في صعيد مصر، وكيف أن غالبية الأهإلى هناك يرون أن حكم المحكمة على القاتل شيء، وحكم الناس شيء آخر. المسلسل بطولة سوسن بدر وسيد زيان وحسين الشربينى.


طوفان
وفى محاولة للقضاء على سلاسل الدم التى لا ينتهى بعد أحداث سوهاج التى راح ضحيتها أكثر من 30 رجلا  بسبب الثأر  تم إنتاج مسلسل فى 2003 « بعد الطوفان « ليعيد ترتيب الأولويات الاجتماعيه داخل المجتمع الصعيدي.  « بعد الطوفان « تدور أحداثه  حول صراع دام طويلًا بين قريتي الجبالى والرجاوية بصعيد مصر وتسيطر فكرة الثأر على العائلتين، ويحاول الجيل الجديد بكل ما في وسعه لوقف نزيف الدم. المسلسل بطوله صفية العمرى وحمدى أحمد وفريدة سيف النصر.


صراع فى الوادى
وكان للسينما دور كبير ساعد ايضا  على توصيل رسائل اجتماعيه وكانت افلام السينما موجهه إلى الطبقه المتعلمه من العائلات المتناحرة  وبعد قيام الثورة « 1952» اشتدت الصراعات بين ابناء الصعيد وازداد جرائم الثأر  ودخلت السينما بأقوى ما لديه للسيطرة على ظاهرة « الثأر» فتم إنتاج فيلم « صراع فى الوادى «  الذى تدور فكرته حول الثأر  وكان الفيلم يهدف إلى توصيل رسالة أن  عقاب القاتل على يد العدالة أفضل من « قتلة « تحت مسمى الثأر  وكان الفيلم بداية للتوعية باستبدال الثأر بأحكام القضاء. 


دماء على النيل
ثم تأتى السينما بثانى أفضل أفلامها عن الثأر « دماء على النيل «  ويعد  الفيلم تحولا نوعىا فى معالجة قضايا  الثأر بالحب والزواج  بين العائلات التى تسعى للثأر قد يكون بداية للقضاء على الظاهرة التى أرهقت الصعيد  لعدة عقود .
الفيلم يحكى قصة  نيران الانتقام والثأر في قلب «هند رستم» بأخرى تسودها المحبة والتسامح عندما تتعلق بغرام عواد «فريد شوقي»، الذى قتل زوجها، وبعد أن حسمت هذه الأرملة الأمر على الأخذ بثأر زوجها، تقع فى حب الشخص القاتل وتسامحه بل وتهرب معه لتتزوج منه.ونجح الفيلم بعد عرضه 1961 فى إنهاء خصومه ثأرية استمرت لمدة 15 عاما بين الهمامية  فى قنا  وأولاد علام. 


محاولات
ولما تصمت السينما فى ملاحقة ظاهرة « الثأر» فقامت بإنتاج أكثر عمل يتحدث عن الحلول والاثأر الإيجابية بالابتعاد عن هذه الظاهرة ومن هذه الأفلام « شئ من الخوف « و « البوسطجى»  وفيلم « الثأر» وبطريقة كوميدية ساخرة وجهت السينما بعض أفلامها إلى شريحة كبيرة من الشباب  لتغير مفاهيمهم ومن هذه الأفلام  «عسكر في المعسكر وياتى فيلم «على باب الوزير»التى تنتهى احداثه  بعملية ثأر، يقوم بها أفراد من احدى عائلات الصعيد، ضد الشاب عزوز «أحمد راتب»، ولكنهم يقتلون بالخطأ الشاب خميس «سعيد صالح»، فيقرر زميله كمال «عادل إمام» الكشف عن الجناة، والذين يعترفون بالقتل أخذا بالثأر.