بلد النجاشى وأبرهة

د. عباس شومان − وكيل الأزهر الأسبق
د. عباس شومان − وكيل الأزهر الأسبق

اللهجة التى تحدث بها الحاج عمر رئيس المجلس الأعلى الفيدرالى الإسلامى فى إثيوبيا، عن مصر والسودان وفضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر وإمام المسلمين، طريقة لاتليق بعالم يفتي الناس، فشيخ الأزهر يعرف النجاشى وعدله، وحدث الوفد الإثيوبى الذى زار مشيخة الأزهر قبل سنوات حين طفت أزمة سد النهضة على مسرح الأحداث، مذكرا بالعلاقات التاريخية بين المسلمين منذ صدر الإسلام وحتى وقتنا الحاضر، وقال للوفد كلمات تكتب بماء الذهب ومنها: لسنا ضد انتفاع إثيوبيا بماء النيل، ولكن ليس على حساب عطش المصريين، وأذكر أن الزيارة كانت فى رمضان، ولأن الوفد كان من المسلمين والمسيحيين الأثيوبيين أمر شيخ الأزهر بتقديم الماء على مائدة الاجتماع، وسؤال الضيوف إن كانوا يريدون مشروبا من الشاى أو القهوة ؟ إلا أنهم رفضوا احتراما لمشاعر الصائمين، وهكذا يجب أن تكون أخلاق العلماء ياحاج عمر، فليس مطلوبا ولا مقبولا من إمام المسلمين التفريط فى حق بلاده التاريخي، وليس مقبولا ولا مطلوبا من فضيلته دعوة قيادة بلده ولاقيادة السودان إلى غض الطرف عن الاستفزازات الصادرة عن حكومة بلادك، فالنيل الذى ينبع من بلادكم على حسب زعمك ليس ملكا لكم، وعليك أيها المفتى أن ترجع إلى كتاب ربك لتجد الرد فى قرآن تحفظه: (أفرأيتم الماء الذى تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون) فهل أنزل ربنا ماء النيل الذى يجرى فى عدة دول دون سعى ولا إذن منكم منذ عرفت الأرض ماء النيل لكم ياحاج عمر تمنون به على من تشاؤون وتمنعون آخرين؟!.

نعم كان النجاشى الذى تعيشون على أرضه عادلا، ولكن حكومتكم ليس حكومة النجاشي، وهى ليست على سيرته، بل هى على سيرة جدكم أبرهة الذي حاول هدم الكعبة، فأثبتوا أنكم أبناء النجاشى وليس أبرهة، وأعلنوا حق مصر والسودان فعلا لاقولا، وأعلن أنت أنك حفيد النجاشى وأثبت أنك عادل مثله،فوجه قولك لحكومتك الظالمة، وليس لمصر ولا للسودان ولا لشيخ الأزهر،ولتعلم ياحاج عمر أن الحق أحق أن يتبع، وإن كنت تعلم شيئا عن تاريخ مصر، فأنت تعلم حتما أنها ستحمى حق شعبها الحاضر وأجياله المقبلة فى ماء النيل الذى وهبه الله لهم ولدوله الذى نبع منها والذى يمر فيها ومنها مصر هى نهاية رحلته ومصبه،وإن كنت لاتعلم فلتعلم أن الأيام حبلى، وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي