الخواجة " نستور " يؤسس أول فبريكة للسجائر الملفوفة باليد فى مصر

اعلان فى الصحف الاجنبية عن سجائر " نستور جانكليس "
اعلان فى الصحف الاجنبية عن سجائر " نستور جانكليس "

عندما شيد الخواجه " نستور جانكليس " - 93 عاما - أول فبريكا للسجائر الملفوفة يدويا عام 1860 فى سراى جناكليس فى منطقة شبرا, نشرت الصحف المحلية والأجنبية ان سجائر " نستور جانكليس" هى الأرقى على الاطلاق فى العالم لما لها من مذاق له خصوصية فى التخمر والتفتت اللذان يحدثان للدخان حين يخلط ويفرز بطرق علمية تحت اشراف فنيين مختصين, بالاضافة لتاثير الشمس والمناخ فى مصرالذى يعطيها رائحة عطرية خاصة للدخان
ذهبنا إلى فى مقر الفبريكا بشبرا لنتعرف على كافة المراحل التى تمر بها عملية التصنيع, والتقينا بالمسيو " نستور جانكليس " الذى قال لنا وهو يطوف معنا على اقسام التصنيع انه يستورد بالات الدخان من " مقدونيا ", ولا تستعمل بالات الدخان فى الفبريكا الا بعد مرور اربع او خمس سنوات فى التخزين من تاريخ وصولها, لأن الدخان لا ينبغى استعمالة فى صناعة السجاير الا بعد ان تمر عليه تخمرات عدة, تؤخذ اوراق الدخان التى فى كل بالة ويوضع كل صنف منها فى سبت خاص لكى يستعمل بعد ذلك فى الخليط المناسب, ثم تنفض كل ورقة من اوراق الدخان بعناية حتى تزول منها المواد الغريبة مثل التراب الذى يلتصق بالاوراق عند جنى المحصول, وهذا التصنيف بالغ الأهمية عند اعداد السجاير, عمل يتطلب عناية دقيقة ونفقات باهظة, وقد اجرى معمل " باستور" تحليلا أثبت ان الدخان العالى الصنف يحتوى على جزء قليل من الحديد والزرنيخ بمقدار ضئيل.
ويقول المسيو جناكليس ان الدخان يمكث ثلاثة او اربعة اسابيع فى شكل اوراق ويخلط بصنوف مختلفة بفضل حرفية خالطى الدخان الذين يقومون بتقطيعه وضعه فى صناديق صغيرة يمكث فيها اسبوعا تحت درجة حرارة معتدلة حتى يحصل إلى التبخرالاخير ثم يعهد به إلى لفافى السجاير الذين يقومون بلف السجاير باليد, وشرح المسيو جناكليس الاهمية القصوى للف السجاير باليد فقال : " ان الآلات تعالج الدخان معالجة جافة فتبقى فيه كل المواد غير المستحبة مثل التراب وغيرها التى تندمج فى السجائر".
وقال انه لايمكن صنع سجاير جيدة بواسطة الآلات الميكانيكية لانها أعدت لانتاج سجايربكميات وافرة لاجل الجماهير, وثمة نقطة جوهرية من حيث الصحة وهى ان جميع لفافى السجائر يفتش عليهم اطباء خصوصيون فيفحصونهم ليروا اذا كانت اصابع ايديهم طويلة بدرجة كافية واذا كانت ذات مهارة فى لف السجاير, وفى صباح كل يوم تقلم اظافرهم وتنظف وتطهر ايديهم تطهيرا كافيا وذلك قبل دخولهم فى قاعة العمل
زرنا قاعة " الفافين " الذين يقومون بلف السجائر يدويا فوجدناها قاعة فسيحة طولها 40 مترا وعرضها 20 مترا بها نوافذ واسعة للتهوية الضرورية, وقبل ان توضع السجاير فى العلب وتعد للاستهلاك توضع فى صناديق حديدية بيضاء ذات ثقوب كثيرة لكى تجفف فى درجة حرارة معتدلة ولكى تختمر اختمارها الاخير, وصرح لنا المسيو جناكليس بقولة " : اريد أن يجد المدخنون فى سجايرى مصدرا للنشاط حين يدخنونها" !
وعندما طلبنا منه أن يذكر لنا الاسلوب الأمثل فى التدخين قال : " على كل إنسان ان يعرف كيف يدخن, السجائر يمكنها ان تنشط الذهنية كما انها يمكنها ان تضعفنا من الناحيتين الجثمانية والعقلية, ولكى لاتكون السجائر ضارة لصحتنا يجب على الصانع ان يكون ذا ذمة وضمير بإن يستخدم دخانا صافيا, وان تصنع السجائر الملفوفة بالايدى بعناية, وعلى المدخن ان يدخن قليلا من السجائر, ويحسن اختيار السجائرالجيدة, وان يدخن على مهل فكما ان الإنسان لا ينبغى له ان ياكل بسرعة فكذلك يجب ان يدخن ببطء ودون عصبية, وعندما سألنا المسيو جانكليس عن احساسه عندما تصدر الحكومة قوانين صارمة تحارب بها التدخين, قال : " من حقها ان تفعل ذلك طالما أنها ترى ضرر بالغ على الصحة من التدخين, ومصنعى لن يضار لأنى اعتمد على التصدير لأغلب دول العالم أكثر مما اعتمد على السوق المحلى كثيرا.
" الدنيا المصورة " 20 ابريل 1930
* كنوز : من الجدير بالذكر ان الخواجة اليونانى " نستور جناكليس " اشترى لنفسه قصرا فسيحا من احد أمراء العائلة المالكة ﺑﺷﺒﺮا يقع فى ميدان الإسماعيلى " ميدان التحرير حاليا " وقد اشترت الجامعة الأمريكية القصر الفسيح من ورثته فيما بعد.