كلام فى السينما

المجد للصحافة الحرة

هويدا حمدى
هويدا حمدى

منذ بضعة أيام، استقال ثلاثة أعضاء من رابطة الصحافة الأجنبية فى هوليوود، وهى المانحة للـ «جولدن جلوب»، أكبر وأهم وأشهر جائزة سينمائية أمريكية بعد الأوسكار، وأعلن الأعضاء المستقيلون أن الرابطة أصبحت «سامة».. وكانت الاستقالات من الرابطة توالت بعد حفلها السنوى فى فبراير لينخفض عدد أعضاء الرابطة العريقة التى تبلغ من العمر ٧٥ عاما تقريبا من ٨٧ إلى ٧٨ عضوا! الماضى، وأضاف المستقيلون أن الوضع خلف الكواليس قاتم، وأن بعضهم يتعرضون للتنمر، وغالبية الأعضاء يقاومون التغيير، ولا توجد شفافية حتى الآن، وأن مدفوعات سخية لبعض المحظوظين مستمرة، ولا يعرف أحد شيئا عن البيانات المالية للرابطة المعفاة من الضرائب لكونها لا تهدف للربح، وردت الرابطة عليهم ببيان اتهمتهم فيه بعملهم لحساب أچندات خاصة!!
ويأتى هذا فى أعقاب حملة لصحيفة لوس انجيلوس تايمز سبقت حفل الجولدن جلوب، اتهمت الرابطة بالفساد الإدارى والمالى وطالبت بمحاسبتها وكشف ملفاتها خاصة وهى تتمتع بإعفاء ضريبي ولا أحد يعرف حقيقة مواردها المالية الضخمة وطرق توزيعها، فضلا عن عنصرية فجة للرابطة التى لا تضم بين أعضائها صحفيا واحدا ملونا، وتنحاز بالتالى فى اختياراتها للبيض مهما كانت الانتقادات.. بعد الحفل الباهت الذى حاولت الرابطة خلاله خداع الرأى العام والصحافة باختيار بعض السود للمشاركة فى تقديم فقراته وتقديم جوائز لنجوم سود وكأنها رشوة حتى تهدأ العاصفة.. تبرعت الرابطة لعدة جهات منها معاهد سينما بكاليفورنيا، وتعهدت بأن تعيد حساباتها وهيكلتها وتفتح الباب لانضمام أعضاء جدد من الملونين والأقليات.. لكن الحملة الصحفية استمرت، لتكشف الفساد، وطالبت صناع السينما بمقاطعة الرابطة، إنقاذا للصناعة من تدخل فاسد وتأثير خطير قد يرفع أفلاما أو يغير مصيرها بمجرد ترشيح للجائزة وليس الفوز، واستجاب للحملة نجوم منهم سكارليت جوهانسون ومارك روفالو وتوم كروز الذى اتخذ موقفا إيجابيا برد جوائزه الثلاث.. الأخطر من ذلك كانت مقاطعة الاستوديوهات والشبكات للرابطة، منها نتفليكس وأمازون لتتم محاصرة الرابطة، وتم خنقها تماما بمقاطعة شبكة NBC التى تبث الحفل السنوى مقابل ٦٠ مليون دولار تتقاسمها رابطة الصحافة الأجنبية وشركة الإنتاج التى تنقل الحفل، وبهذه المقاطعة ينتهى أمر الجولدن جلوب، ولذلك أعلن رئيس الرابطة إلغاء الحفل فى ٢٠٢٢ وربما العام الذى يليه أيضا للقيام بإصلاحات داخلية ولإعادة ترتيب الأوراق.
رغم خسارة شبكة NBC ما يقرب من ٥٠ مليون دولار قيمة إعلانات تعرض خلال الحفل، ومكاسب أخرى لترويج برامجها، إلا أنها رضخت للرأى العام وقاطعت الرابطة والحفل الذى ربما أيضا يكبد اقتصاد لوس أنجيلوس خسائر كبيرة، لكن كان الأهم هو إنقاذ الصناعة من تأثير سام للرابطة!!
وهكذا انتصرت الصحافة الحرة ومازالت تحقق انتصارات رغم وجود أغبياء ينكرون قوتها.