الفنان أحمد بدير: «المداح» خطفنى من أول نظرة

أحمد بدير فى كواليس تصوير مسلسل «حكايتى»
أحمد بدير فى كواليس تصوير مسلسل «حكايتى»

رضـا الشناوى

لأنه فنان كبير.. قدير وابن بلد أدار بكل توازن مشوار احترافه ووضع نفسه بصدقه وتلقائيته على درجات سلم النجومية منذ بداية دخوله بلاتوهات السينما والتليفزيون فترة السبعينيات والثمانينيات، وأدرك فى وقت قصير مفاتيح التألق ونجح فى الغوص بها تجاه محطات الإبداع بأعمال لها مذاق خاص.

عن مشواره الفنى الكبير وقراءته لكتاب حياته دار الحوار مع النجم أحمد بدير، بتلقائية وبساطة ومصارحة..

> لاحظنا تعاطف الجمهور مع الشيخ سلام فى «المداح».. ما سر قبولك ورفضك للأعمال فى دراما رمضان الأخيرة؟

ــ دائما ما أركز على الورق عندما يعرض عليّ أى دور وأجعل السيناريو وطبيعة الشخصية سببا لقبولى أو رفضى للعمل.. وبالنسبة لمسلسل «المداح» فاختيارى يرجع لكونه عملا يجذب أى فنان بمجرد قراءة السيناريو وبعد قراءة الدور وتأثيره فى نسيج العمل تشبثت بالدور أكثر لأن الشيخ سلام شخصية من لحم ودم بها الخير والشر والجوانب الإنسانية وتحمل أبعادا كثيرة، وهذا ما أفضله.. فأنا لا أحب الشخصيات الملائكية، كما أن شخصية الشيخ سلام تمر بتحولات نفسية كثيرة وتدور حولها أحداث العمل.. كما أن وجود الفنان الكبير جمال عبدالناصر والنجوم حمادة هلال - نسرين طافش ـ خالد سرحان، جعلنى لا أتردد فى قبول العمل والحمد لله أعتبر نفسى محظوظا لكونى ضمن فريق عمل محترم سواء فى التأليف أو الإخراج أو التصوير والإضاءة والديكور وحتى عامل الكلاكيت..

>  وما مدى صحة أن كواليس المداح كانت ورشة عمل؟

- بالفعل كانت كذلك ـ فقد شهدت تحضيرات وجلسات متكررة تضم كل فريق العمل للحديث عن كل شخصية بشكل منفرد وطبيعة تصرفاتها وردود أفعالها وكان المخرج أحمد سمير فرج دائما ما يجمع الفريق بالكامل والهدف كان الخروج بالعمل بأفضل شكل والحقيقة أن هذه الروح تعتبر من أهم عوامل النجاح الكبيرة فى أى عمل لأن كل العاملين حريصون على إنجاحه والمخرج المبدع والنجم حمادة هلال والفنان الكبير جمال عبدالناصر أضافوا اعلى هذه الروح مزيدا من الطاقة الإيجابية والحب..

>  وافقت على الاشتراك فى مسلسلى «بين السما والأرض» و«بنت السلطان» بالرغم من أنك لا تحب العمل فى أكثر من مسلسل فى وقت واحد؟

- أعتبر نفسى أعيش مرحلة جديدة فى عمرى الفنى أبحث فيها عن العمل الجيد الذى يساير واقع المجتمع بمشاكله وقضاياه التى تتطلب معالجة صادقة وتقترب من فكر وعقل الناس ـ معالجة لا تضحك عليهم ولا تسخر من عقولهم ورؤيتهم للأشياء ـ ولكونى فنانا محترفا أسعى لتقديم العمل المتميز مادام الدور جيدا وله تأثير محورى على الأحداث.. وله قيمة درامية مؤثرة.. ومشاركتى فى «بنت السلطان» ترجع إلى أنه عمل جيد يحمل فكرة جديدة ودورى فيه هام ومحورى مع نجوم العمل روچينا وباسم سمرة وسوسن بدر وبيومى فؤاد ومن تأليف أيمن سلامة وإخراج المتميز أحمد شفيق.

فى مسلسل بين السما والأرض يكفى أنه مأخوذ من قصة أديب الكبير الراحل نجيب محفوظ.. سيناريو وحوار إسلام حافظ وإخراج المبدع ماندو العدل وأعجبتنى شخصية دكتور الجامعة المثقف.. الذى يمتلك مكتبة كبيرة كانت مطمعا للكثيرين لموقعها الاستراتيجي، ومع تطور الأحداث وتفاقم الحيل والمؤامرات للاستيلاء على المكتبة، انتقلت للعيش فيها أنا ونجلى للقضاء على تلك المؤامرات، كما أن وجودى مع ممثلين ونجوم مميزين أمثال هانى سلامة ـ يسرا اللوزى، وكان أحد أسباب قبولى الانضمام للمسلسل، وبصراحة هو عمل جيد جدا ولاقى نجاحا جماهيريا كبيرا، بالإضافة لإشادات النقاد.

> الشخصيات الشريرة تستفزك.. فهل هناك شخصيات أخرى تتمنى تقديمها؟

- أنا محظوظ بأدوارى وأتمنى تقديم كل شخصية لم أقدمها من قبل، وبشكل عام الشخصية الشريرة تجذب انتباهى وسبق أن قدمتها فى أعمال كثيرة منها «بطل من ورق ـ شوادر ـ الأوباش ـ حالة تلبس ـ أبناء وقتلة»، و غيرها.. هذا بجانب الأدوار الإنسانية وأدوار ولاد البلد أصحاب المواقف تجاه مجتمعهم ـ وفى رأيى الفنان الحقيقى يتقمص أى دور ويعيش فيه حتى لو كان مخالفا لطباعه وشخصيته فى حياته العادية، وأقرب دليل على ذلك ما استفدناه من أساتذتنا الكبار الراحلين أمثال زكى رستم ـ محمود المليجى، ونحن كجيل آخر تعلمنا منهم وأخذناهم قدوة لنا فى مسيرتنا الفنية.

> ولكن أدوار الشر سلاح ذو حدين إما أن تكون تحذيرية للناس من النهاية أو أن تكون مؤشرا لكوارث تحدث فى المجتمع بسبب ما تصدره من أفكار سلبية.. ما ردك؟

- بالطبع سلاح ذو حدين لكن عادة ما تكون فى الدراما تحذيرية.. وليست تحفيزية ـ ومن الطبيعى أن الإنسان بداخله خير وشر بنسب متفاوتة تختلف من شخص لآخر.. فالمشاهد المسالم الذى يفقد متعة المشاهدة فقط سيشاهد دور الشر من جانب الموعظة على عكس مشاهد آخر أيضا.. وهناك فرق أن أجعل بطل العمل بلطجيا ويكون قدوة وأن أقول إن هذا الرجل شرير ولكن فى كل الأحوال أدوار الشر لابد أن تتواجد فى الدراما لأنها تجسيد للحياة التى بها الخير والشر.

> ما رأيك فى العمل مع مخرج المداح؟

- أنا أعرف من زمن أنه مخرج موهوب من عائلة فنية ومعروف جيدا من هو والده.. وبجانب موهبته فقد درس الإخراج فى الخارج وأعرف دماغه الإخراجية عن قرب.. ونسيجه الفنى مليء بالإبداع الدرامى ولديه أداء جميل كمخرج.. وكذلك توجيهه للممثل حلو وراق، وكنت متأكدا مع غيرى أن لديه القدرة على الوصول بالعمل إلى شاطئ الأمان ويقدم مسلسلا جيدا، مضمونا نجاحه، وها هى الأيام أكدت هذا النجاح الباهر للعمل، خاصة أن شركة الإنتاج سنيرچى تختار جيدا وبدقة من سيخرج أعمالها.

> بعيدا عن أحداث المسلسل هل تؤمن بالسحر والشعوذة؟

- السحر ذكر فى القرآن والله يمهل ولا يهمل لمن يرغب فى إيذاء الغير بالسحر.. ولكنى أحفظ نفسى بقراءتى المستمرة للقرآن الكريم.. وبكونى ابن بلد وتقاليدى صعيدية أتفاءل بذبح «ندر» عند تقديم عمل جديد فى السينما أو المسرح أو التليفزيون لأول مرة.

> لماذا ابتعدت  عن السينما عندما انتشرت أفلام المقاولات؟

ـ ابتعدت مؤقتا للأسباب التى تم ذكرها، لأنه لا ينفع مشاركتى فى أى فيلم حتى أحافظ على اسمي، فكل الناس يعرفوننى ولن أفوز بوسام إذا قدمت للناس فيلما دون المستوى، والأفضل أن أنتظر العمل السينمائى الجيد أو أقدم فى التليفزيون مسلسلا جيدا يكون بعشرة أفلام من الأفلام التى أقصدها، ولن ينسانى الناس لأن من يتفرجون على السينما هم أنفسهم الذين يتفرجون على التليفزيون، وللعلم القاعدة الجماهيرية للتليفزيون أكبر من السينما.

> ماذا تعنى لك مشاركتك فى أفلام يوسف شاهين؟

- الراحل يوسف شاهين مخرج عالمى كبير.. وأؤكد أن مشهدا واحدا فى أفلامه شرف كبير لى ولأى فنان عمل معه.. وقد حظيت بالعمل معه فى مجموعة أفلام متميزة منها إسكندرية ليه ـ سكوت هنصور ـ عودة الابن الضال ـ المهاجر.. وأعتبر هذه الأعمال وساما على صدرى خلال مسيرتى الفنية.

> شاهدنا أعمالا من ملاحم وطنية بطولية.. هل تؤيد تدريسها ضمن المناهج التعليمية؟

- نحن أحوج ما نكون لعلاج غياب قيم الانتماء، وبالفعل هناك العديد من الملاحم الجديرة بتدريسها لطلابنا فى مراحل التعليم المختلفة مثل دموع فى عيون وقحة ـ رأفت الهجان ـ الصعود إلى الهاوية ـ الحفار ـ الطريق إلى إيلات وهذه الملاحم هى الجذور التى تثبت أقدام الشباب وتصنع الاعتزاز الوطنى وتؤكد على الهوية التى تمتلك ملاحم بطولية سواء كانت شعبية أو عسكرية.. وللأسف لا نعطى هؤلاء الأبطال ما يستحقون ولا نستثمر هذا الرصيد الوطنى فى تربية أولادنا من أجل الحفاظ على هويتنا.. فتدريس هذه الملاحم ضرورة، وأضع تحتها مائة خط من أجل استعادة الهوية وتدارك ما تم التشكيك به فى الحضارة والتاريخ.. ومحاولة هدم الثقة بالنفس ومحاولات تزييف وعى هذا الجيل، على أن يقوم بالكتابة خبراء ماهرون ومتمكنون من إبداع الكتابة.. والخلاصة أن تدريس الملاحم يصنع الرجال ويغرس الوطنية فى الدماء.

> وماذا عن توقفك عن المسرح؟

- المسرح هو عشقى الخاص الذى أتنفس من خلاله رحيق الإبداع، وأعتز برصيدى من الأعمال المسرحية التى قدمتها سواء الكوميدية.. والأخرى التى تحمل چينات الكوميديا السياسية خاصة أنها تطرح مشكلات وهموم المواطن المصرى البسيط ومنها «بنسيون الأحلام ـ ريا وسكينة ـ جوز ولوز ـ الصعايدة وصلوا»، وغيرها..

> أخيرا.. ما جديدك؟ وهل استطعت تحقيق ما تطمح إليه؟

- هناك فيلم جديد أشترك فى بطولته بعنوان «تحت تهديد السلاح» إخراج ماندو العدل، وأتوقع أن يكون قنبلة كوميدية، وهناك فيلم «قمر ١٤» لم يعرض بعد.. ومازلت أبحث عن التميز والإبداع فيما أسعى لتقديمه ـ فالطموح مستمر بلا نهاية كى أقدم نموذجا مشرفا للفنان المصري.