هل تتحول إسرائيل من حكومة البطولة «المطلقة» إلى «المشتركة»؟

أقطاب الحكومة الإسرائيلية السادسة والثلاثين
أقطاب الحكومة الإسرائيلية السادسة والثلاثين

بعد سنوات من البطولة المطلقة لرئيس الوزراء السابق نتانياهو، تتحول إسرائيل إلى فن البطولة المشتركة فى الحكم، إذ تقدم الحكومة السادسة والثلاثون الجديدة نموذجًا غير مألوف فى إسرائيل؛ إنها حكومة الأقطاب الخمسة لكل منها ثقله السياسى وقناعاته الأيديولوچية المختلفة.

على مدى سنوات حكمه كان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أقوى رجل فى الساحة، أفرغ وزارة الخارجية من صلاحياتها وكان ظله  دائماً هناك فى المجال الأمنى أيضًا، اعتاد نتانياهو إقامة علاقات وثيقة، وكثيرة دون علم الوزير.. ولم يسمح لأى شخص بالتدخل فى الحدث.. الحكومة الناشئة الآن ستكون من النوع الذى لم تألفه إسرائيل.

يدخل الوزراء الجدد مكاتبهم ويطلب منهم معالجة القضايا الملتهبة التى خلفها أسلافهم - وتم إهمال الكثير منها فى السنوات الأخيرة. مع ذلك ونتيجة لتعدد الأقطاب قد تمتنع الحكومة ببساطة عن التعامل مع القضايا الخلافية ولن تتخذ قرارات رئيسية، لاسيما وأنها تحمل فى رحمها بذور التفرق والانقسام بسبب بند يمنح حق الڤيتو لكافة أطراف الائتلاف.

بافتراض أنه يمكن صياغة إجماع عملى حول قضايا السياسة الخارجية والأمن الرئيسية مثل العلاقات مع الولايات المتحدة أو العلاقات مع الصين أو الاتفاق النووى الإيراني، فلا يزال هناك أكثر الأمور إثارة للجدل والانقسامات واحتمالية الانفجار: القضية الفلسطينية غير الملزمة باتفاقات ائتلافية، والقدس واشتعالاتها المتكررة.. من حيث الأقطاب فإن الخارجية لها مكانة مرموقة يتولاها القطب الأول يائير لاپيد رئيس أكبر فصيل فى الائتلاف لكنه يواجه تحديات: تعبئة القوى ضد إيران واستئناف الاتصالات مع الفلسطينيين.

وسيتعين عليه وعلى بينت أيضًا تشكيل علاقات إسرائيل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وتجديد العلاقات مع السلطة الفلسطينية التى تم إهمالها فى السنوات الأخيرة وتعزيز الاتصالات مع الدول العربية الأخرى الساعية لتوقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل.. القطب الثانى هو أڤيجدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا وزير المالية ويهيمن على لجنة المالية بالكنيست ما يجعله رئيس الوزراء الاقتصادى لإسرائيل. هذا السياسى الذى لا يرحم ويتمتع بحكمة تقديرية بشأن كيفية تقسيم الكعكة بين الوزراء سيكون قادرًا على استخدام حق النقض ضدهم جميعًا. التحدى الأول أمامه هو التصويت على اقتراح الميزانية، الذى يمثل التهديد الرئيسى لاستمرار وجود الحكومة.. القطب الثالث هو رئيس حزب أزرق- أبيض بينى جانتس. وزير دفاع ذو خبرة عسكرية لكنه أمام رئيس وزراء جديد بلا خبرة. يمنحه هذا ميزة فى العلاقة بينه وبين بينت - وداخل مجلس الوزراء الذى يضم أعضاء جددَا، لذلك سيكون له تأثير حاسم على الشئون العسكرية. مع ذلك، أمامه تحديات رئيسية كالتصويت على ميزانية وزارة الدفاع إضافة إلى قضايا جوهرية يثيرها اليمين، كالبناء فى المستوطنات وصنع السياسات فى الضفة الغربية وإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية وتقديم سياسة حكومية واضحة بشأن تجنيد الأرثوذكس المتطرفين فى الجيش.
وزير العدل جدعون ساعر فى المركز الرابع. واحد من الأقدم والأكثر خبرة فى حكومة التغيير. شخصية رئيسية، ليس فقط فى التعيينات الجوهرية لقضاة المحكمة العليا، ولكن أيضًا المدعى العام وهى تعيينات تثير الاضطرابات والانفجار كلما ظهرت على جدول الأعمال.. القطب الأخير هو رئيس الوزراء المعين نفتالى بينت. يمنحه دوره الرسمى تلقائيًا قوة كبيرة، لكنه يحتاج إلى كسب الأقطاب الأربعة الأخرى، ولكى ينجز بنجاح مثل هذه المهمة المعقدة يرى المحللون ان عليه بناء استراتيجية داخل الحكومة تقوم على علاقات جيدة.