إنها مصر

استعادة الثقة

كرم جبر
كرم جبر

أعمل فى الصحافة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكانت العبارة التى أسمعها دائماً هى "كلام جرايد"، وتعنى أن الوعود لا يتم تنفيذها وتظل حبراً على ورق، ولكن فى السنوات الأخيرة، يسبق التنفيذ الوعود بمراحل كثيرة.

نفاجأ بكثير من المشروعات يتم افتتاحها دون تمهيد أو إعلان أو وضع حجر الأساس، وكثير من الناس يقولون: بنصحى الصبح نلاقى كوبرى أو شارع أو مصنع أو مزرعة جديدة.

النتيجة هى استعادة الثقة بين الدولة والمواطنين، فالإنجازات تسبق الوعود، والتنفيذ يراه الناس بأعينهم، وأصبح ما يحدث فى الواقع أكثر تأثيراً من أى كلام.

فى سنوات سابقة كنا نسمع عن مآسى سكان العشوائيات والمساكن الآيلة للسقوط، ووصل الأمر إلى درجة الشماتة والتشفي، وأنتجت أفلام سينمائية عن معسكرات الإيواء التى تمد فيها حياة من تهدمت مساكنهم إلى سنوات طويلة.

"كراكون فى الشارع" فيلم عادل إمام ويسرا، ومأساة سكان المقابر والعشوائيات، والحياة فى الخيام مثل اللاجئين، وغيرها من الصور المسيئة التى أفقدت كثيرا من الناس الإحساس بالانتماء.

الصورة الآن تتحدث عن نفسها، وأصبحت الدولة قادرة فى ساعات قليلة لنقل السكان من العشوائيات ومن تتهدم منازلهم، فى مناطق جديدة ومساكن راقية وأحياء نموذجية وشقق مفروشة ومجهزة.

المعنى هو: احترام آدمية البشر وصيانة الكرامة الإنسانية، واستعادة ثقة المواطنين فى الدولة التى ترعاهم وتتحرك بسرعة لإنقاذهم من المشاكل والأزمات.

وتجسدت استعادة الثقة فى كل مناحى الحياة، فى الشوارع الضيقة التى يتم توسعتها وتأهيلها وربطها بشبكة من المحاور والطرق التى تيسر حياة الناس وتنقذهم من الزحام، ولو لم يحدث ذلك لتحولت القاهرة والمدن الكبرى إلى ما يشبه علب السردين، وأصيبت بالشلل التام.

منذ سنوات كانت الانتقادات تتجه إلى عجز الحكومات عن علاج مشاكل المرور، والآن على كثرة شق الطرق والكباري، وشتان بين من ينتقد العجز والتقصير ومن ينتقد الوفرة وسرعة الإنجازات.

وانعكست استعادة الثقة على نظرة العالم لمصر، ومنذ أيام شاهدت الإعجاب والتقدير فى عيون وزراء الإعلام العرب الذين زاروا القاهرة، وكان السؤال الذى يتردد هو: كيف تنفذون كل ذلك بسرعة كبيرة؟

وأصبحت التجربة المصرية محط أنظار الأشقاء العرب والأفارقة، ويحاول الجميع أن يحذوا حذوها، خصوصاً وأن التنفيذ يتم بمعدلات نموذجية وفى وقت قياسى ودون صخب أو ضجيج.

العزيمة والإصرار والتحدى هى كلمات السر الذهبية التى يسير على نهجها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأتذكر قوله: كل ما يهاجمونا هنبنى ونبنى ونبني.