الاتحاد الأوروبي: متضامون مع الشعب اللبناني.. والمساعدات مرهونة بالإصلاحات

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

دعا جوزيب بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية، القادة اللبنانيين لتحمل مسؤولياتهم وتشكيل حكومة جديدة وتطبيق الإصلاحات الأساسية فوراً بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن مجلس الاتحاد الأوروبي يدرس خيارات أخرى للتعامل مع الأزمة اللبنانية من بينها فرض عقوبات مستهدفة، ومشددا على أن الاتحاد يأمل ألا يكون "مضطرا" للقيام بذلك.


جاء ذلك خلال استقبال الرئيس اللبناني ميشال عون، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية، الذي بدأ زيارة للبنان اليوم /السبت/، تستمر لمدة يومين في محاولة لحث الفرقاء اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة بعد 8 شهور من التعثر منذ تسمية رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة.


وأكد بوريل أن الأزمة التي يواجهها لبنان هي محلية وداخلية والعواقب على الشعب كبيرة جداً، معربا عن دعمه للشعب اللبناني، مشددا على أنه جاء إلى لبنان اليوم كصديق ولا يتهم أحدا، بل للتحدث مع اللاعبين المحليين ولفهم أكبر للصعوبات.


وأضاف أن هذه الزيارة تأتي قبل اجتماع لجنة الشؤون الخارجية للاتحاد بعد غد /الاثنين/ في لوكسمبورج، وهي جزء من الجهود لمعرفة كيفية المساعدة والاستمرار قدماً.. مجددا التأكيد على رغبة الاتحاد الأوروبي ألا تكون هناك حاجة إلى إقرار العقوبات، ولكن المسألة طرحت وهي قيد الدراسة، ولم يتم إقرار أي شيء بعد بشأنها.


وقال بوريل إن مسار العقوبات طويل ويحتاج إلى معلومات جيدة لمعرفة من يقوم ومن لا يقوم بشيء، مشددا على أنه يود معرفة الصعوبات التي تواجه لبنان، وفهم المشاكل الموجودة على الطاولة، ومحاولة إيجاد حل لها، داعيا لعدم وضع الزيارة في إطار توجيه أصابع الاتهام نحو أحد، بل للاطلاع على الوضع بشكل أفضل.


ولفت إلى أن لبنان على حافة الوقوع في الانهيار المالي.. معتبرا "أنه ليس من العدل القول بأن الأزمة في لبنان هي بسبب اللاجئين، ولا يمكن للاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات من دون قيام لبنان بالإصلاحات علما بأن الاتحاد لديه الموارد للمساعدة".


وعبر عن بالغ قلق الاتحاد الأوروبي بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، معربا عن التضامن مع الشعب اللبناني.


وأضاف أن الاتحاد على استعداد لمواصلة تقديم الدعم للبنان وشعبه، مؤكدا أن العام الماضي قام الاتحاد الأوروبي بتوفير 330 مليون يورو كمساعدات للبنان، أي ما يقارب مليون يورو كل يوم، كما وضع إطارا بالتعاون مع الأمم المتحدة، لتقديم المساعدات للشعب اللبناني بشكل مباشر.


وأضاف:"لدينا طرق وأدوات أخرى مختلفة لمساعدة الحكومة اللبنانية، ونحن مستعدون لتحريكها فور حصول تقدم ملموس في ما يتعلق بعملية الإصلاح الضرورية، فنحن لا نستطيع تقديم المساعدة من دون إصلاحات يحتاجها لبنان لتخطي الأزمة الحالية.. ودعوني أكون واضحاً، نحن كاتحاد أوروبي لدينا الموارد والنية والاستعداد لتقديم المساعدة، ولكن في المقابل علينا أن نرى تقدماً في تنفيذ عملية الإصلاح وتسريعها لتخطي الوضع الحالي.. ومثال على ذلك، نحن على استعداد للنظر في القروض وبرامج المساعدة الاقتصادية ودراستها، وهي تدابير ستساعد بالتأكيد على إعادة إطلاق عملية نهوض الاقتصاد اللبناني فور تطبيق برنامج الصندوق النقد الدولي".


وتابع بوريل: "سأتوجه برسالة صارمة، باسم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، إلى كل القادة السياسيين اللبنانيين، إن الأزمة التي يواجهها لبنان هي أزمة محلية الصنع، فرضت من الداخل وليس من الخارج.. إنها صناعة وطنية، صنعها اللبنانيون بأنفسهم، وعواقبها على الشعب كبيرة أيضاً.. أصبحت نسبة البطالة 40%، وأكثر من نصف الشعب يعيش ضمن معدل الفقر، وهذه الأرقام دراماتيكية، وعلى الرؤساء والقادة اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويضعوا التدابير الضرورية لتطبيقها من دون أي تأخير".


واستطرد قائلا: "فقط اتفاقية فورية مع صندوق النقد الدولي ستنقذ لبنان من انهيار مالي، ولتجنب هذا الانهيار، يحتاج لبنان إلى اتفاقية مع صندوق النقد وليس هناك من وقت لإضاعته.. أنتم على حافة الوقوع في الانهيار المالي، ومنذ وقت قصير، تحدثت في هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية اللبنانية، وسأتابع مباحثاتي ومناقشاتي في هذا الأمر مع القادة اللبنانيين، كما مع رئيس الحكومة المكلف وأيضاً مع الرئيس حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري".


وعن الانتخابات النيابية المقبلة، قال بوريل إنه يجب إجراؤها ضمن التاريخ المحدد لها، وعدم تأجيلها، مؤكدا استعداد الاتحاد الأوروبي لإرسال فريق مهمة لمراقبة الانتخابات في حال تمت دعوته، معتبرا أن الفريق سيساعد كثيراً في إتمام العملية الانتخابية للتأكد من أن الانتخابات ستحصل بطريقة تحترم المبادئ الديموقراطية وبطريقة عادلة".


ولفت إلى أن السلطات اللبنانية عليها أن تحقق بانفجار ميناء بيروت، وأن يؤدي هذا التحقيق إلى نتيجة.


وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية: "إذا كان لبنان مستعد لتحمل مسؤوليته، فإن الاتحاد الأوروبي سيقوم بما عليه.. نحن بالتأكيد مستعدون لتقديم المساعدة وأن نكون إلى جانبكم، وزيادة مساعداتنا.. وآمل أن تتسنى لي الفرصة لأقوم بذلك".


من جانبه، قال رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون إن الإصلاحات هي المعركة الأساسية التي ستخوضها الحكومة الجديدة بعد تذليل العقبات الداخلية والخارجية التي توضع أمام عملية التشكيل، مشدداً على خصوصية الوضع اللبناني التي تتطلب مقاربة واقعية وتشاركية وميثاقية في تكوين السلطة التنفيذية.


وعرض عون الأزمات التي ترهق كاهل الشعب اللبناني وخصوصا مسألة النزوح السوري والوضع الاقتصادي الصعب وجائحة كورونا، ثم الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت في 4 أغسطس الماضي.


وطالب الرئيس عون، بوريل، باستمرار تقديم المساعدات للبنان، لافتاً إلى أهمية مساعدة أوروبا في استعادة الأموال المهربة إلى المصارف الأوروبية، مؤكداً في الوقت نفسه، الاستمرار في التدقيق المالي الجنائي على رغم العراقيل التي توضع أمام هذا العمل الأساسي لمكافحة الفساد الذي تقف وراءه منظومة تضم مسؤولين وسياسيين واقتصاديين ورجال مال وأعمال. 


وشدد الرئيس عون على أن لبنان يرحب بأي دعم يقدمه الاتحاد الأوروبي لتشكيل الحكومة الجديدة التي لا بد أن تكون ذات مصداقية وقدرة على إجراء الإصلاحات، وتنطلق من الأصول الدستورية والأعراف والعادات المنبثقة منذ سنوات والتي نريدها أن تستند إلى أسس الوفاق الوطني.


ولفت عون إلى أن الدعم الذي يريده لبنان من المجتمع الدولي ليس فقط في الشق الإنساني، بل أيضاً في الشق التنموي، مجدداً موقف لبنان من ضرورة إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، خصوصاً بعد استقرار الوضع الأمني في معظم الأراضي السورية، لأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل تداعيات هذا النزوح على القطاعات كافة.