القضاء: لا يجوز للزوج وأهله إهانة زوجته وحرمانها من شهادة ميلاد المولود

المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى

بشهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا في يونيه عام 2021 بعدم طعن الحكومة المصرية على الحكم التاريخي الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بأنه لا يجوز للزوج وأهله إهانة زوجته وحرمانها من حقها في استخراج شهادة ميلاد المولود، وأن الخلافات الزوجية أثناء الحمل لا تحرم الزوجة من حق المولود في أوراقه الثبوتية وأن الإسلام جاء بإعزاز المرأة وإكرامها، و لزوم معاشرة الزوجات بالمعروف حقًا واجبًا.

وأكدت أن مرارة تجرُّع كؤوس الإهانة من الزوج وأهله تذهب بكل محبَّة للزوج في قلب زوجته فلا نعيم ولا راحة وأن الزوجة تشارك الزوج حقها فى استخراج شهادة ميلاد المولود وحصنتها ضد تعسف الزوج  وهو ما يعد انتصارًا جديدًا للزوجة المصرية  تجاه تعنت الزوج وأهله ورغبتهم فى الانتقام من الزوجة والنكاية لها وإذلالها وقد أصبح هذا الحكم نهائيًا وباتًا غير قابل للطعن.

اقرأ أيضا|بعد قليل الحكم في دعوى حظر نشاط حزب «مصر القوية»

وتثير هذه القضية ذات الرأى العام حالات عديدة فى مجتمعنا المصري والعربي حينما تشتكي العديد من الزوجات اللاتي تزوجن حديثا بتعرضهن  للإهانة من أزواجهن وأهليهم خاصة بعد الأشهر الأولى من الحمل بالتقليل من شأنهن أمام أنفسهن والآخرين وأن الأهانة تتخذ صورًا عديدة بعضها جسدي وبعضها نفسي بل ويتمادى ذلك بعد وضع الزوجة للمولود للإيذاء بها وبه فماذا قالت المحكمة فى هذه القضية الهامة؟.

تعود وقائع القضية عندما نشبت خلافات زوجية دبت بين زوجين حديثين الزوجة «ر.ا.م» وزوجها «أ.ع.ط» من دمنهور ذهبت على إثرها الزوجة  للمحكمة فقال القاضى لها: «أريد أن اسمعك» فانهمرت بالدموع وقالت إنها ارتبطت بعقد شرعي صحيح بموجب وثيقة عقد زواج رسمي بزوجها المذكور ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلا أنها تعرضت للإهانات المستمرة والذل والهوان على يديه وأهله أثناء حملها وأنها صبرت حتى فاض بها الكيل فتركت منزل الزوجية وهي حامل وذهبت لأهلها وأنجبت منه الطفل «نور» على فراش الزوجية إلا أن زوجها نكاية فيها أبلغ مكتب الصحة بدمنهور بأن تسجيل المولود يجب أن يكون عن طريقه هو وحده دون زوجته فحررت له محضرًا بالواقعة إداري بمركز شرطة دمنهور وبعدها توجهت إلى مكتب الصحة لإثبات ميلاد مولودها واستخراج شهادة ميلاد له إلا أنها فوجئت باستجابة مكتب الصحة لرغبة الزوج وأهله عندا فيها فطلب القاضي من الزوجة اختصام زوجها وتم إعلانه إلا أنه امتنع عن المثول وأهله أمام المحكمة أكثر من جلسة فقال لها القاضى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي الحكم آخر الجلسة.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه السلبي بالامتناع عن اثبات واقعة ميلاد إبن المدعية الطفل «نور» في السجلات المعدة لقيد المواليد وما يترتب على ذلك من أثار أخصها الزام جهة الإدارة باثبات واقعة ميلاد الطفل المذكور فى سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان. 

قالت المحكمة إن الدستورارتقى بحقوق الطفل وجعل لكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية والزم الدولة في جميع أجهزتها أن تعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التى تتخذ حياله ولكل طفل الحق في أن يكون له اسم يميزه، ويسجل هذا الاسم عند الميلاد في سجلات المواليد وفقا لأحكام هذا القانون فلكل شخص الحق في تمييز ذاته بحيث يصبح كل شخص متميزًا عن غيره من الأشخاص وهذا التمييز يكون عن طريق أن يكون له اسم يميزه عن غيره والإسم من بين عناصر الشخصية القانونية فهو ليس مجرد بطاقة أو مجرد رقم قيد وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرًا من مظاهر الوجود والحياة.

ويجب التبليغ عن المواليد خلالخمسة عشر يومًا من تاريخ حدوث الولادة، وأن التبليغ عن المولود ليس حكرًا فقط على والد الطفل إذا كان حاضرًا بل تشاركه أيضًا والدة الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية وهو ما يتوفر للمدعية التى قدمت للمحكمة وثيقة عقد زواج رسمى ولم يمتثل الزوج رغم اختصامه وإعلانه وتحرير محضر ضده فمن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن إثبات واقعة ميلاد الطفل «نور» في السجلات المعدة لقيد المواليد مخالفًا مخالفة جسيمة لأحكام الدستور ومعتديًا عدوانًا صارخًا على ما هو ثابت للطفل من حق دستوري في أن يكون له اسم يميزه وأوراق ثبوتية.

وأضافت المحكمة أنه يتعين على الزوج وأهله أن يهيّئوا للزوجة من أمرها خيرًا ورشدًا، فإذا ما حلت الجفوة في المعاملة الزوجية لا يكون العدل والاحسان قوامها ويذكيها الإساءة من الزوج وأهله فتصبح ألفها ووفاقها حسيرًا بديلًا لما يجب أن يكون معروفًا  كريمًا فلا يتخذ الزوج وأهله من العلاقة الزوجية وسيلة لإهانة الزوجة أو إذلالها أو تحقيق مآرب لهم لا صلة لها بالمودة والرحمة فتسطيل الإهانة أثناء حملها وتصبح حياتها طريقًا عسيرًا.

وأشارت المحكمة أن رابطة الزواج تفرض على الزوج وأهله حسن العشرة مع الزوجة بالرفق واللين وطيب الكلم، وعدم إساءة الخلق معها، لأن الإسلام جاء بإعزاز المرأة وإكرامها فالعلاقة الزوجية يجب أن تقوم – كما أمر الإسلام الحنيف - على المودة والسَّكِيْنة والعطف والرحمة بين كِلا الزوجين؛ ليسكن كل منهما للآخر، وتتوطد أواصر المحبة والرحمة والعطف بينهما، بحسن معاملة الزوج وأهله لزوجته.

وكانت سيدة أخرى تدعى «ن.م.ح» من كوم حمادة قد حصلت في 20 نوفمبر الماضي 2020 على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد أن الحكومة لم تطعن أيضًا على الحكم الصادر لصالح طفلتها «منة» الصادر من القاضي ذاته الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بأحقيتها في الأوراق الثبوتية فى شهادة الميلاد باسم والدها .