المجلس المصري للشؤون الخارجية: مصر لن تُهزم.. ودبلوماسيتها بأزمة سد النهضة قوية

د. أيمن سلامة
د. أيمن سلامة

حوار: محمد رياض
 
نشاط دبلوماسي مكثف للخارجية المصرية على المستوى الدولي والعربي تكلل بنجاح حشد موقف عربي موحد للذهاب إلي مجلس الأمن من أجل وضع نهاية لأزمة سد النهضة وسط التعنت الإثيوبي المستمر، خاصة مع اقتراب الملء الثاني لبحيرة السد بعد أقل من شهر تقريبا.. وحول دور مجلس الأمن في حل هذه الأزمة تحدث خبراء القانون الدولي.



الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصر للشؤون الخارجية، قال إن مصر قامت حتي هذه اللحظة بمحاولات حثيثة وعديدة من أجل ان يضطلع مجلس الأمن بمهامه في حفظ الأمن والسلم الدوليين بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يجعل من المجلس الجهاز الرئيسي المعني بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين.



وأضاف ففي الأول من مايو 2020 قامت مصر بإرسال مذكرة تنبيهية لمجلس الأمن بموجب المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة؛ تنبه المجلس، بأن الاحتكاك والنزاع الذي يحدث بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر حول بناء وتشغيل وملأ سد النهضة من شأنه تهديد السلم والأمن الدوليين. ولكن المجلس بطلب من الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة دائمة بالمجلس قدمت الطلب المصري وبالفعل انعقد المجلس في الـ29 من يونيو 2020.

وتابع قائلا "بإجماع الأعضاء البالغ عددهم 15 دولة تم إحالة النزاع  لمنظمة الاتحاد الأفريقي، ومنذ هذه اللحظة اضطلعت منظمة الاتحاد الأفريقي برعاية المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا ، ولكن للأسف لم تفلح في التوصل لتسوية سليمة وإقناع إثيوبيا بعد تقريب وجهات النظر، لاتفاق قانوني يحدد ويؤطر كيفية ملأ وتشغيل سد النهضة".

وأوضح أن مصر أخطرت مجلس الأمن في مذكرة احتجاج رسميا تحيط علم أعضاء مجلس الأمن ورئيسه والتي مفادها أن إصرار إثيوبيا على الإجراءات الانفرادية المنتهكة لاتفاقية إعلان المبادئ لسد النهضة عام 2015، بإصرارها على الشروع في الملء الثاني للسد قبل التوصل لاتفاق أو بروتوكول دولي وقانوني ملزم مع مصر والسودان يحدد كافة القواعد التفصيلية والتشغيلية والتنفيذية لتشغيل سد لنهضة والانتفاع المنصف بمياه النيل الأزرق الدولي بعد إنشاء السد الإثيوبي، من شأن هذا تهديد الأمن والسلم الدوليين".

وأضاف سلامة ان مصر لن تنهزم، ورأينا قوة مصر في توحيد الصف العربي تحت سقف الجامعة العربية، وهو موقف قوي ومهم جدا. فالجامعة العربية منظمة دولية اقليمية قوية اقدم من الامم المتحدة ، حيث نشأت عام 1945 وبها 22 دولة عربية ، ورغم الانقسامات والشروخات بين بعض الدول العربية ولكن موقف الجامعة كان موحدا وداعما بقوة لمصر والسودان .

وأوضح سلامة، أنه ليس من المحتمل أن يتناول مجلس الأمن مرة ثانية النزاع الذي لا يزال في حوزة الاتحاد الأفريقي، وإن حدث ذلك فمن المستبعد أن يصدر المجلس قرارات منعية أو تدابير كبحية لوقف الملء الثاني لسد النهضة وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ ولذلك ليس من المرجح أن يصدر مجلس الأمن قرارات بوقف استمرا تشييد السد لنهايته أو وقف الملء الثاني لحين الوصول لاتفاق قانوني ملزم للأطراف الثلاثة المتنازعة "مصر والسودان وإثيوبيا". 

وأشار إلى أن مجلس الأمن يجابه تحديات كبيرة داخله جعلته سابقا في الـ 29 من يونيو يحيل النزاع الي الاتحاد الافريقي. وعلى رأس هذه التحديات أن هذا النزاع ليس نزاعا عسكريا ولا قانونيا ولا فنيا فقط ، إنما هو نزاع متعدد الأصعدة ، فهو نزاع سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني . ومجلس الأمن لم يسبق له ان يتعرض لمثل هذا النوع من النزاعات .  

ويشير سلامة الي أن هذه الازمة ليست الاولي التي يشهدها العالم ، فهناك سابقات دولية لها مثل هذه الظروف والأحوال . ومثلما تتعنت الآن إثيوبيا فقد لجأت العديد من الدول المتنازعة في افريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية ، الى ابرام اتفاقية نهائية دولية من أجل الانتفاع المنصف والمشترك بمياه الانهار الدولية . ودليلا على ذلك اتفاقية نهر النيجر في افريقيا واتفاقية نهر الأوروجواي في امريكا اللاتينية واتفاقيتي نهر الميكونج والاندوس في آسيا ، حتى أن الدولتان اللتان ابرمتا اتفاقية نهر الاندوس وهما الهند وباكستان ، وبالرغم من اندلاع حربين ضروستين بينهما في عامي 1965 و 1971 وبالرغم من ذلك ظلت هذه الاتفاقية ملزمة للطرفين .