شىء من الأمل

خيط رفيع !

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

فى القضايا الوطنية الكبيرة التى تتضمن تحديات نحتاج إلى تعبئة شعبية واسعة وحشد جماهير كبير، ولكى يتحقق ذلك يقتضى الأمر بناء درجة مناسبة من الوعى الجمعى بهذه القضية وتطوراتها وحجم التحدى الوطنى فيها، وهو ما يقتضى توافر المعلومات الصحيحة للناس حول هذه القضية وحجم التحدى وكيف نواجهه.. وقضية سد النهضة الإثيوبى تعد نموذجا واضحا هنا، ولذلك حسنا ان فعل القائمون على ادارة منتدى حوار الثقافات الذى ترعاه الهيئة القبطية الإنجيلية والذى يبلغ من العمر الآن نحو الثلاثين عاما، حينما اختاروا قضية أو تحدى سد النهضة الاثيوبى الموضوع الرئيسى لأول مؤتمر يعقده المنتدى بعد غياب دام ستة عشر شهرا بسبب ظروف جائحة كورونا.
وقد جاءت فعاليات المؤتمر الذى امتد لثلاثة ايام وعقد فى العين السخنة لتؤكد ضرورة وأهمية توافر المعلومات الصحيحة حول هذا الموضوع الذى صار يستأثر باهتمام جماهيرى واسع داخل البلاد.. صحيح ان مواجهة التعنت الاثيوبى أو بالأصح الأطماع الاثيوبية فى السيطرة على النيل الازرق والتحكم فى مياهه يحتاج اتباع قاعدة الاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان، خاصة بعد فضيحة المؤتمر السرى الذى عقد ايام حكم الاخوان فى مقر الرئاسة والذى اُذيع على الهواء.. لكن الأمر يحتاج ان يكون لدى عموم الناس الحد الأدنى الضرورى واللازم من المعلومات الاساسية ليس فقط حول هذا السد الاثيوبى وخطط اثيوبيا لاستغلاله فى الإضرار بِنَا نحن والسودان، وانما ايضا حول تطورات المعركة التى نخوضها بقوة لحماية حقوقنا فى نهر النيل والحفاظ على مصالحنا المائية..
وفى المعارك العسكرية تصدر عادة البيانات العسكرية بيانا بعد الآخر تباعا.. ونحن الآن فى معركة قلنا ان كل الخيارات فيها مطروحة ليس فقط دفاعا عن حقوقنا فى نهر النيل، وانما ايضا حماية لأمننا القومى الذى تهدده الأطماع الاثيوبية كما قال وزير الخارجية سامح شكرى امام اجتماع وزراء الخارجية العرب فى الدوحةَ.. ولذلك يتعين ان نوفر بشكل مستمر ومتواصل لعموم المصريين المعلومات الخاصة بتطور هذه المعركة لصياغة وعى وطنى ضرورى فى هذه القضية التى تمثل الآن اهم تحد لنا فى تقدير الأقصى والدانى معا، وذلك حتى لا يحصل المصريون على معلوماتهم من الطرف الاثيوبى الذى يروج لمعلومات مضللة وزائفة وغير سليمة حولنا وحول معركتنا الحالية معه.. فانه يجب ان يحصل المصريون على معلوماتهم من بلدهم اولا، وقبل ان يعلن عنها حتى الاشقاء السودانيون الذين صرنا معا فى خندق واحد فى هذه المعركة وهو امر يتعين الحفاظ عليه حتى نفوز بحقوقنا فيها.
ولدينا من الحصافة ما يكفى للحفاظ على ذلك الخيط الرفيع جدا بين ما يمكن ان يقال ونكشف عنه وما يتعين ان نكتمه ونحافظ على سريته ولو لبعض الوقت حتى لا يفقد فعاليته فى معركتنا هذه.