‏نسرين موافي تكتب: قائمة الأمنيات

نسرين موافي
نسرين موافي

‏فكرة..كثيراً ما تراودني منذ سنين أن أكتب قائمة أمنياتي،و ما أريد أن أصل إليه عملياً و معنويًا..أن أحاول حصر أهدافي و طموحاتي و ترتيب الطريق للسعي إليها..قائمة لا تختفي مع الأيام لكنها تتبدل،فتتأجل و تتغير.. كل هذا في حوار مطول مع نفسي و علي مهل و كأني خالدة لن اغادر هذه الحياة و سأدركها حتمًا بلا أدنى شك، حالة لم تغيرها أي أحداث..حتى و إن كانت وفاة أقرب الأقرباء.

‏هكذا نتعامل مع الحياة و كأننا نعيش أبدا و لا نتخيل أبدا أنها تأتي بغتة.


‏في ربوع العالم الافتراضي، و في السنوات الأخيرة…خلقنا لأنفسنا أهلًا و رفقة ، أصدقاء يرقى بعضهم لمرتبة الأشقاء…عائلة حقيقية، تشعر بهم و يستشعرون آلامك..يساعدونك و يفرحون لفرحك و يحزنون لحزنك..يخافون و ينتابهم القلق عليك … تغضب منهم و يغضبون منك..ثم تصفوا الأمور  لتعودوا و كأن شيئاً لم يكن،كما هو حال الأقارب و الأهل…يوجعنا منهم التوبيخ و نفرح لتقديرهم لنا..عائلة لم تفرضها روابط الدم، بل اخترناهم بكامل إرادتنا ،فكان من الطبيعي أن يحتلوا مساحة في حياتنا تليق بهذه العلاقة..

‏حتى وقت قريب، اصطدمنا جميعا بحالتي وفاة لشباب في عمر الزهور..
‏عرفنا معهم معنى أن تترك سيرة جميلة و أثرًا طيبًا،أنه لا معنى لوجودك وحيدًا لا يتذكرك أحد.. بل إنك إن أثرت في شخص بكلمة طيبة سيذكرك بدعوة في يوم لا تنفع فيه إلا الذكرى، سيذكرك بكل الكلام الطيب أو الخير  الذي فعلته ليقرأه غيره و يدعو لك و يدعو لأهلك و أحبابك..تعلمنا منهم و بسببهم أنها ليست بأسباب…كانوا معنا يضحكون و يجبرون الخواطر  و في لحظة غابوا و تركوا في القلب أوجاعًا و في الروح ذكرى لا تموت.. 

‏رحلوا و تركوا تساؤلات…هل ترانا إن غبنا سيفتقدنا أحد كما افتقدناهم !؟  
ترى هل فكرنا في هذا اليوم و نحن نؤجل قائمة أحلامنا و أمنياتنا ؟! 
هل فكرنا أننا لن ندركها إذا ظللنا نؤجل و نؤجل و نظن ان العمر خالد لا ينتهي؟؟ 
إذا كانت إحدى أمانيهم هي  أن يتركوا أثرا طيبًا يكون سبب في دعاء فقد نجحوا ، نجحوا في ترك السيرة التي لا تموت بمعاملة و أفعال تشعر معها بالضآلة و بطول المشوار الذي ينتظرك لتصل لهذه المكانة…أدرك أمنياتك و ضع سيرتك العطرة هدفا أمام عينيك..أدركها قبل ان يدركك الموت ، ضعها و تمسك بها و حاول و حاول..و حتى ان فشلت حاول من جديد فالتحقيق يستحق ، يستحق أن تُذكر بكل طيب و ان تترك اثرا مادياً و معنوياً يستحق  ان يقف بجانب اهلك احبابك الذين اخترتهم و ان ترحل و الجميع يتذكرك بكل الخير 
‏رحمكما الله فقد كنتما ملاكيين بيننا في خفة النسيم و عمر الزهور .