أزمة نقل د. طه حسين من الجامعة .. واستقالة أستاذ الجيل

الدكتور طه حسين
الدكتور طه حسين

اتخذ يوم 9 مارس 1932 رمزا لاستقلال الجامعات المصرية، وهو اليوم الذى استقال فيه أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد من منصب مدير الجامعة المصرية اعتراضا على القرار الذى أصدره حلمى عيسى باشا وزير المعارف فى حكومة إسماعيل صدقى، بنقل د. طه حسين‏ المنتخب لعمادة كلية الآداب منذ عام 1930 من قبل مجلس الكلية‏ إلى وظيفة مراقب التعليم الابتدائى بديوان وزارة المعارف، وقال أحمد لطفى السيد فى استقالته ان الوزير اتخذ القرار دون الرجوع إليه أو التشاور معه، خاصة أن قرار إقالة د. طه حسين تم اتخاذه بناء على خلافات سياسية، وأدى نقل د. طه حسين من الجامعة إلى أزمة كبيرة جدا بدأت فى 5 مارس بإضرب طلاب كلية الآداب عن تلقى الدروس، وتقديم النائب د. عبد الحميد سعيد استجوابا لوزير المعارف، وتصاعدت الأزمة فى اليوم التالى عندما رفع طلبة كلية الآداب عريضة إلى جلالة الملك فؤاد يؤكدون فيها ولاءهم لجلالته والتماسهم إعادة عميد الكلية د. طه حسين إليها، وفى الثامن من مارس اجتمع مجلس كلية الآداب وأعرب عن أسفه لنقل د. طه حسين ودهشته من أن هذا النقل لم يصل إلى علمه إلا عن طريق الصحافة وطالب بإصدار لائحة للتوظيف بالجامعة.

وقرر طلبة كلية العلوم أن يضربوا عن حضور الدروس أيضا، ووصلت الأزمة لذروتها فى التاسع من مارس عندما أضرب طلبة كليتى الطب والحقوق، واجتمع اتحاد الجامعة وأعرب عن أسفه الشديد لنقل د. طه حسين، وقد التقى أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد مع رئيس الوزراء إسماعيل صدقى باشا لإيجاد حل للأزمة، إلا أن صدقى باشا لم يلتزم بما اتفقا عليه، فتقدم أحمد لطفى السيد باستقالته التى احتج فيها على نقل عميد الأدب العربى كنوع من العقاب ردا على المواقف التى اتخذها وأغضبت الحكومة، خاصة عندما رفض طلب وزير المعارف بمنح الدكتوراة الفخرية لعدد من الأعيان، ورفضه للعرض الذى قدمه له رئيس الوزراء إسماعيل صدقى باشا بالاستقالة من الجامعة والعمل كرئيس تحرير لجريدة " الشعب " التى أصدرها حزب الحكومة.

وأعلن د. طه حسين فى رفضه أنه ليس من مصلحة الحكومة أن يعرف الناس أن الموظفين يكتبون فى صحفها ولا ينبغى لعميد كلية من الكليات أن يفعل ذلك فيتعرض لازدراء الزملاء والطلاب جميعاً، وقال أحمد لطفى السيد فى نص الاستقالة: " إن نقل طه حسين على هذه الصورة بدون رضا الجامعة ولا استشارتها كما جرت عليه التقاليد منذ نشأة الجامعة.. كل ذلك يذهب بالسكينة والاطمئنان الضروريين لإجراء الأبحاث العلمية وهذا بلا شك يفوِّت عليَّ أجلَّ غرض عهدت إليه فى خدمة الجامعة ".


ومع ذلك نفذ د. طه حسين النقل إلى وزارة المعارف، وبعد شهر واحد تم فصله من الوزارة إمعانا فى التنكيل به، وعندما تولى محمد توفيق نسيم باشا الوزارة، عاد د. طه حسين إلى وظيفته أستاذاً بكلية الآداب فى ديسمبر 1934، واشترط أحمد لطفى السيد على وزير المعارف نجيب الهلالى تعديل قانون الجامعة بحيث يتعين الحصول على موافقة الجامعة على نقل أى أستاذ منها، وعدل القانون بالفعل استجابة لشرط أحمد لطفى السيد الذى عاد إلى منصبه مديرا للجامعة فى أبريل 1935، وانتخب د. طه حسين للعمادة مرة ثانية من عام 1936 حتى عام 1939.


من كتاب " حياتى "

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي