يوميات الأخبار

الشـارع.. لمـن؟!

محمد الشماع
محمد الشماع

أى مشروع تطرحه الحكومة أصبح محل شك بفعل الشائعات المغرضة وعدم الفهم ويثير من المعارضة أضعاف مايجد من تأييد...!!

صدرت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم انتظار المركبات فى الشوارع بعد عدة أشهر تقترب من العام عقب صدور القانون الذى استغرق سنوات طوالا من المعاناة لملايين المصريين ممن كانوا ومازالوا يتعاملون مع ظاهرة السايس البلطجى الذى يؤجر الشارع والارصفة للمواطنين طبقا لاهوائه وتقديره الشخصى ويفرض بالقوة دفع مبالغ مالية مغالى فيها مقابل انتظار سياراتهم باعتبار أن الشارع «تركة» ورثها بمفرده!

ومن البلطجية من أتى بابنائه لكى يعاونوه فى حصد الإيرادات خاصة فى ساعة الذروة!!

ضغوط كبيرة مورست على مجلس النواب السابق للاسراع فى إصدار العديد من القوانين وتعديل الكثير من القوانين السارية التى عادة ما يكون قد طرأت عليها تغييرات أو ربما تكون قد أصبحت غير ملائمة للظروف الحالية. ويظل اصحاب الرأى والمفكرون والمواطنون والكتاب يطالبون مجلس النواب بالإسراع فى اصدار تلك القوانين أو تعديلاتها نظرا لحاجة المجتمع الشديدة لضبط العلاقات وتحقيق مصالح المواطنين والامن والاستقرار، مما يدفع البرلمان لمواصلة جلساته صباحا ومساء  لكى يصدر القانون أو يوافق على التعديل، وبعد ذلك يهدأ الجميع ويطمئنون إلى أن كل المشاكل تم حلها على الورق وليس على أرض الواقع!

وهذا بلاغ إلى مجلس النواب لكن نعرف لماذا تأخر التطبيق ونعرف لمن الشارع اليوم للمواطنين أم للبلطجية.. لم يتم تفعيل القانون ولا تطبيق الاجراءات التى تضمنتها اللائحة التنفيذية للقانون بالرغم من أن القانون واللائحة قد صدرا منذ ما يقرب من العام إلاأن كل تلك الجهود والتشريعات لم يظهر لها أى أثر فى الشارع المصرى ومازال البلطجى يفرض سطوته ويحدد قيمة انتظار السيارة ويتقاضى المبلغ مقدما ويحدد القيمة المالية التى تحسب بالدقيقة فى أماكن معينة ولاتقبل الفصال مهما كانت الظروف واللى مش عاجبه يورينا ماركة سيارته!. 

اذا كنا نقدر حجم الضغوط الواقعة على أجهزة الادارة المحلية وعلى جهاز الشرطة إلا أننا نود التنبيه إلى أهمية تحقيق انضباط الشارع وتطبيق القانون أمام الناس، ذلك يؤدى إلى تحقيق هيبة الدولة، ثم إنه من الناحية الاقتصادية فإن الخسائر التى تلحق بالاقتصاد القومى نتيجة شيوع البلطجة ومايترتب عليها من صدامات تذهب إلى اقسام الشرطة وقاعات المحاكم، ومن اصابات تذهب إلى المستشفيات يؤدى إلى نزيف فى الاقتصاد القومى يفوق ما ينبغى ان تنفقه لتحقيق الانضباط فى الشارع، دع عنك النزيف الاخلاقى الذى يترتب على سيادة القهر وفرض القوة التى تنتشر فى الشارع والتى احدثت خللا فى أخلاق وسلوك المواطن المصرى المسالم، فأصبحنا نتناطح بدلا من أن نتساند ونتعاون، ذلك مؤشر خطر أردت التنبيه إليه فالصعوبات التى يلاقيها صاحب سيارة خاصة فى الوصول إلى عمله وفى قضاء مصالحه ليست بالهينة ويجب أن نعطى مثالا عمليا لعهد جديد من الانضباط واحترام القانون وهيبة الدولة، إن أى ضعف يصيب هيبة الدولة، تترتب عليه مخاطر عظيمة تصيب كل فئات المجتمع وقد اختبرنا ذلك فى احداث ثورة يناير حيث انسحبت الدولة من الشارع وخرج  إليها البلطجية واللصوص من كهوفهم لكى يفرضوا سيادتهم على الشارع، ويؤدى ذلك إلى خسائر اقتصادية مروعة دفعنا جميعا ثمنها، وفى العودة إلى تطبيق القانون وتنقية واخلاء الشوارع من الزوائد والانتهاكات التى يرتكبها أصحاب المقاهى العمومية عن طريق بسط الكراسى والطاولات فى الشوارع أو بعض اصحاب المحلات الذين يخرجون محلاتهم إلى بطن الشارع أو أولئك الذين يحتلون الارصفة عن طريق وضع حجر يعوق المرور أو موتوسيكل يقف بالعرض او دراجة تحتل جزءا من الشارع يضعها صاحبها لمجرد جر شكل اصحاب السيارات إن حاولوا الوقوف فيها!

المحليات والشرطة

كل ذلك ظواهر غير حضارية تنتهك حقوق المواطن فى ان يجد طريقا آمنا ومكاناً مناسباً يركن فيه سيارته فلماذا تتلكأ المحليات وشرطة المرافق والمرور فى فرض القانون وقد صدرت اللائحة التنفيذية له من شهور تقترب من العام.. تلك قضية هامة لأن الحياة فى المدن المصرية أصبحت بطيئة لا تحتمل. وعلى جهات تنفيذ القانون ان تهرع إلى تنقية الشوارع من تلك التشوهات التى لحقت بها وعلينا جميعا كمواطنين ان نتفهم تلك الضرورة الحضارية فليس من طيبة القلب أن يقول «قائل» هذا بياع مسكين دعوه وبضاعته لأن الاعاقة التى تحدث للحركة فى الشارع المصرى تؤدى إلى وقف حال الحركة الانسانية والتجارة الداخلية وعلينا أن نبحث عن حلول علمية للمشاكل.

واذا كان الهدف من القانون الجديد هو حماية المواطن من بلطجة السايس والحفاظ على املاكه والقضاء على العشوائيات المرورية التى تؤدى إلى ازدحام واختناق حركة المرور فلايجب أن يكون المقابل هو اضافة اعباء مالية كبيرة على المواطن البسيط الذى يحاول أن يوفر لنفسه ولاسرته وسيلة مواصلات معقولة.

سلم المفتاح والأجرة!

ما تضمنه القانون من آليات لحصر وتحديد مناطق وأماكن انتظار المركبات بالشوارع فى جميع المحافظات وتحديد مواصفات واشتراطات من يعمل بهذه الوظيفة «السايس» من خلال المحليات واجهزة الشرطة لتحديد هويتهم وفحصهم جنائيا ومدى مطابقتهم للوظيفة التى اقرها القانون الجديد.. أخشى ما أخشاه هو أن تستغرق هذه الاجراءات عدة سنوات أخرى لتشكيل اللجان وحصر المناطق والشوارع والمرافق وطريقة الركن واختيار الشركات والافراد الذين سيقومون بهذه الوظيفة وما هى الضمانات لاصحاب السيارات فى حالة الفقد أو السرقة أو حدوث خسائر  بسياراتهم. وهل سيرضخ اصحاب السيارات لأوامر «السايس» الذى يجبرهم على دفع الاجرة مقدما وتسليم مفتاح السيارة قبل أى كلام؟!

الإخراج السيىء!

أى مشروع تطرحه الحكومة أصبح محل شك بفعل الشائعات المغرضة وعدم الفهم ويثير من المعارضة اضعاف ما يجد من تأييد قبل أن تتضح معالمه، فالمهم أن نرفض المشروع اولا وبعدين نحاول نفهم ونتفاهم.

لكن حكومة الدكتور مصطفى مدبولى حققت نجاحا كبيرا فى تنفيذ مشروع حضارى ضخم فى قلب القاهرة هو مشروع مثلث ماسبيرو الذى فشلت فيه حكومات متعددة سابقة تلك المنطقة التى كانت تمثل قمة العشوائية والمخالفات الصارخة فى منطقة ذهبية. نجحت الحكومة فى البدء بتنفيذ المشروع دون أى شكاوى من الآلاف من ساكنى ومالكى تلك المنطقة ووضعت الحلول التى ضمنت حقوق آلاف الاسر. وتركت الاختيار لهم وكانت أما أن يتم صرف تعويض مجز أو الانتقال إلى مسكن جديد أو الانتظار لعودة السكن والاقامة فى نفس المنطقة وبالفعل تم تنفيذ كل تلك الخيارات وبالفعل بدأت اعمال تشطيبات العمارات التى سيتم اعادة تسكين ابناء المنطقة الذين اخلوا مساكنهم القديمة. وتم صرف التعويضات وكذلك تسليم الفئة الثالثة مساكن جديدة ولم نسمع شكوى واحدة! وتلك تجربة ناجحة بكل المقاييس ومشروع حضارى ضخم يتم تنفيذه على أعلى مستوى تكنولوجى عالمى، لماذا لا يتم تطبيق هذه التجربة فى المشروعات المماثلة. يجب على الحكومة ان تدرس علاقتها بالمواطنين دراسة عميقة لتعرف سر عدم الرضا المرتبط بها فى الاذهان، لقد أصبح مبدأ«عارض ثم افهم» شعاراً جديداً فى مواجهة شعار الادارة القديم «ادفع ثم اشتكي»

المكالمة مسجلة!!

أخيرا تأكدت أن الارباح التى تحققها شركات الاتصالات ترجع إلى مكالمات الشكاوى التى لا تنقطع بسبب الاعطال المتكررة والدائمة وسوء الخدمة وارتفاع فواتير الاستهلاك ولايتم اصلاحها لكى يتحدث العميل من خلال الاتصال التليفونى المرتفع الثمن لخدمة سيئة تعتبر من أعلى الخدمات تكلفة فى العالم وهذا هو سر تحقيق الارباح فى هذاالقطاع.

العميل يقدم عشرات الشكاوى ويتحمل على اعصابه وحرق دمه الناتج عن انتظارالرد بعد سماع فواصل اعلانية ووصلات اتصالية ثم تهديد بتسجيل المكالمة «عشان العميل» المقهور والمفروس من سوء الخدمة ما يفتحش فمه أو حتى يبدى أى ضيق أو اعتراض ويتحدث بذل واستكانة حتى يتم الاستماع إلى شكواه وبعد كل ذلك لا يتم الاصلاح .. أما ارتفاع الفاتورة فلأنك تستخدم «ألعاب وتسالى»!!

ويرد العميل وهو يكاد ينفجر من الغيظ أنا لم اطلب اللعب لأنى معرفش ألعب.. ويسمع الرد قبل اغلاق الخط.. حنشوف ونبقى نرد عليك وغالبا لا نسمع أى رد!

ما ترجوه مصر

كل ما ترجوه مصر أن تكلل مفاوضات المصالحة واجتماعاتها المتلاحقة هذه الأيام بالنجاح واقرار حكومة وطنية تحظى باحترام العالم وتعطى الفرصة لجهود الاعمار المصرية والأهم أن نعطى فرصة لبقاء ما يتم تعميره لتتفرغ الاطراف بعد ذلك لمحاصرة اسرائيل بمطالب السلام الدائم والكرة الآن فى ملعب الفلسطينيين والادارة الامريكية الجديدة  ليبدأوا من حيث انتهت مصر.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي