مئات الأطفال بلا نسب.. والسر المأذون خميس

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

جلس يفكر في طريقة يزيد بها موارده، حتى هداه تفكيره في أن يعمل مأذونا، وارتكب جرائم كان مجموع المبالغ التي حصل عليها لا يزيد عن 200 جنيه، لكن كل جنيه من هذه الجنيهات كان سببا في أن عدد من أطفال القرى بمحافظة الشرقية لا تعترف الأوراق الرسمية بـ"آباءهم".. فما السر؟

 

وقع عدد كبير من ضحاياه، ليس لهم ذنب، وحرمهم من نعمة الاستقرار وجعلهم في نظر القانون أبناء بلا آباء، وأمهاتهم زوجات بلا أزواج.

 

بدأت جرائم الشيخ خميس والذي ذاع صيته كمأذون بإحدى القرى في الشرقية مع بداية تتدخله لعقد القران بين أبناء وفتيات القرية، دون أن يكتشف أحد أنه ليس مأذونا، حتى تقدم أحد الأشخاص ببلاغ إلى الجهات المختصة، يفضح فيه سر الشيخ خميس.

 

ذكر هذا الرجل في بلاغه أن الشيخ خميس عقد قران شقيقته، وكانت البلدة كلها في فرح والموسيقى تطوف الأزقة يتبعها موكب من الفرح والسرور، وفي الليل عقد الشيخ القران، بعد أن تسلم أجره والرسوم، ووعد بأنه سيرسل وثائق الزواج حينما يتسلم دفتر القسائم من المحكمة.

 

وخرج الشيخ واستأنف موكب السرور بشوارع القرية، التي لم تعرف الهدوء حتى لاح نور الفجر، ومضت الأيام وشهر العسل وشهور الحمل، حيث رزقت شقيقة مقدم البلاغ بطفلة لتزيد عرس الزوجية توثقا وقوة، لكن أعباء الحياة وأثقالها كانت أقوى من حب الزوجين، ومن حب الطفلة بعدما دب النزاع بين شقيقتي وزوجها.

 

أصبح لا مفر من أن تفصل المحاكم في هذا النزاع، وبحثوا عن قسائم الزواج فلم يجدوها، وتوجهوا إلى الشيخ خميس يطالبونه بالقسائم، كي يمضوا في النزاع أمام المحكمة، لكنه طلب منهم الحضور في الغد، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة عام 1948.

 

ومضى مقدم البلاغ في حديثه: "بالفعل قام باعطائي القسائم، وما إن أمسكت بها في يدي اقرؤها، اكتشفت بأن تاريخها هو تاريخ اليوم، وليس تاريخ الزواج الذي عقد منذ فترة كبيرة، وبسؤالي للشيخ خميس: كيف هذا؟ فأجابني بحدة قائلا: ذلك لا يهم في القضية تعاظمت الدهشة على وجه الرجل بينما نهره الشيخ وأوضح له أنه سجل الزواج بتاريخ اليوم وانتهى الأمر".

 

وانهمرت الزوجة في بكاء مرير تحمل طفلتها، وتنتحب قائلة: معنى هذا إن ابنتي هذه "بنت حرام"، ووقف الجميع لم يتكلموا، لا يدرون ماذا يفعلون أمام هذه المشكلة الكبرى، إلا إنني أسرعت بتقديم تلك البلاغ، وصدر أمر بالقبض على الشيخ خميس.

 

هنا كانت الصدمة لعشرات الأزواج والزوجات الذين تبين أنهم جميعا من زبائن الشيخ خميس، والذي حضر ليالي زفافهم وتلا صيغة العقد وتصرف في القسائم والعقود على هواه، وتقدموا جميعا للنيابة وقلوبهم ترتجف، هل هم الآخرون كانوا يعاشرون أزواجهم وزوجاتهم بصفة غير شرعية؟

 

واتضحت الحقيقة المؤلمة بأن مصيرهم كان كذلك أيضا وأن أولادهم، وبناتهم طوال هذه الفترة غير شرعيين على الأقل في نظر القانون، وألقي القبض على الشيخ خميس، وأحيل إلى النيابة، لتتوالى القضية.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم