أسئلة شائكة

الشيمي: رسبت فى الجامعة من أجل عيون الأدب!

مصطفى الشيمى
مصطفى الشيمى

كتب عمر يوسف

فتح أبواباً جديدة فى خيال الشباب المصري، بكتاباته التى تكسر القوالب الكلاسيكية، وأفكاره المبدعة التى تناقش قضايا المجتمع المختلفة، الأديب مصطفى الشيمى الذى وصفه النقاد بالمشاغب والمثير للجدل، نظرًا لما أثاره من قضايا تمس قلوب الآلاف، كما أنه ينتهج الشك كطريقة تفكير، ويعشق اللغة الحية ابنة هذا العصر، فى هذا الحوار المشاغب نذهب فى رحلة شيقة داخل عالمه.


» فى البداية حدثنا عن أعمالك الأدبية والجوائز التى حصلت عليها؟
أعمل فى مجال أدب الطفل منذ عدة سنوات.. ولى ثلاث روايات، رواية «حي»، ورواية «سورة الأفعى»، ورواية «القط الأسود» لليافعين، وثلاث مجموعات قصصية وهى «مصيدة الفراشات» عن هيئة قصور الثقافة، و»بنت حلوة وعود»، و»هكذا تكلم الذئب»،بعض هذه الأعمال تجاوز الثلاث طبعات، منها رواية سورة الأفعى. أما الجوائز الأدبية التى حصلت عليها فأبرزها جائزة دبى الثقافية، وجائزة كتارا الثقافية، جائزة أخبار الأدب، وغيرها.


» وما الذى يميزك عن سائر أدباء عصرك؟
- هذا السؤال فخ لطيف. لابد أن يكون فى أعماق كل أديب أنه مميز، بل وأنه أفضل من الآخرين،هذه الأنا مفيدة لحظة الكتابة، وتخلق نصوصًا عظيمة، غير أننى أعتقد أن على المرء أن يخلعها مباشرة بعد الكتابة، وقبل أن أتفرغ للكتابة، تفرغت للقراءة أيضًا، أى تخليت عن الحياة لوقت، قضيته فى الكهف، الكهف الذى يحتاجه كل مبدع لبناء ثقافته، وهذا الوقت امتد لسبع سنوات، وقت دراستى الجامعية. لذلك رسبت أكثر من مرة، لأننى فضلت قضاء وقتى فى المكتبة بدلًا من قراءة الكتب الدراسية عديمة النفع، الميزة الثانية، التى أعتقدها فى نفسي، هو أننى فأر تجارب للكتابة. كل لحظة أمر بها أستغلها للكتابة، وقد ألقى نفسى فى التجارب من أجل ذلك. أعتقد، أن هذا زودنى بحصيلة جيدة، وجعلنى أبصر كل شيء بعين الفن.


» لماذا تميل إلى الطابع الجنسى فى بعض أعمالك؟
- أعتقدُ أن هذه مشكلة فى القراءة، لا فى الكتابة. ليس الفن فقط من يقترب من الجنس، بل الفلسفة أيضًا. لا نستطيع أن نلغى مفهوم «العرى المثالي» من الفن التشكيلي، وليس علينا أن نغض أعيننا عن التماثيل أو اللوحات العارية، علينا أن نتعلم تذوقها، الجنس هو ثقافة العيب فى بلادنا، لكنه فى الحقيقة غريزة دافعة للحياة، لغة للتواصل بين ذاتين، ولغة تحدد العداوةأيضًا، طبيعة الجنس تحدد طبيعتنا البشرية، لا أقول بذلك إن أعمالى حافلة بالجنس، ولا أقول أيضًا إنها تأخذ منه موقفًا عدائيًا، ما أريد قوله هو أن علينا تعلم النظر إلى الجنس فى الفن، نظرتنا ذاتها إلى حذاء فان جوخ، بوصفه، موضوعاً جمالياً.

» لماذا تفضل النزعة السياسية والإسقاط فى معظم أعمالك؟
- لا أفعل ذلك، بل ألعب لعبة العصا، اللعبة ذاتها التى لعبها الجاحظ فى كتاب العصا بكتاب البيان والتبيين. أتحدثُ بحدية عن العصا، فيهرب منى الحديث إلى الخفة،وألعاب الكتابة، أول النقاد بعد ذلك، مثلما فعلَ عبد الله الغذامى فى قراءة السخرية من مفهوم العصا، من هذه القيمة الفحولية البلاغية، بينما أؤكد أننى ألعب.عامة، لا توجد كتابة خارج السياق الثقافى الاجتماعى السياسي، لا يوجد بشر خارج السياق.


» هل ترى أن أعمالك تخاطب المستوى الثقافى المرتفع؟
- ما يريده كل كاتب أن تصل كتابته إلى مختلف القراء، آمل أن يمتلك كل نص مستويات قراءة مختلفة، لكن نعم، أعتقد أن كتابتى تحتاج إلى قارئ مثقف أو جاد، لا أظن أنها تصلح كعتبة أولى للقراء الجدد، وإن طلب منى بعض القراء الجدد ترشيح كتاب لي، أرشح لآخرين، يقدمون كتابة أبسط، قائمة على مبدأ الحكاية فقط.
 

» لماذا يصفك بعض القراء بالمشاغب والمثير للجدل؟
- هذا جيد، هذا أحد أهداف الكتابة،أن تكون الفأس الذى يحطم البحر المتجمد فينا، بتعبير كافكا. كما أن الفن هو التدمير، كسر تصوراتنا القديمة وبناء تصورات أخرى، ليس علينا أن نبصر فرع الشجرة، بوصفه فرعاً! بل أن نرى احتمالات الفرع، هذا ما فعله الإنسان البدائي، فصنع من الفرع أداة للفوز بالثمار أو اصطياد الغزلان، لقد تخيل أن هذا الفرع امتداد لجسده، هنا كان الإنسان البدائى فنانًا، وهنا غير الفن حياته، آمل أن الوصف السابق يرجع إلى أن كتابتى تفعل ذلك فى القراء.
 

» البعض يرى أن مجموعاتك القصصية غير مترابطة فى أفكارها.. ما ردك؟
- لا أرد على القراء، فلهم حق النظر، إن كنت تسألنى عن رأيي، فالمجموعة تستعير من الكوابيس تقنيتها، وتقنية الكوابيس لا تقوم على التركيب المنطقى بين الأشياء، غير أن هذه الكوابيس تدور فى رأس موظف، فى عدة وظائف، فى عدة أعمال، ليس ترسًا واحدا، بل ترصد عدة تروس فى الآلة الواحدة.

» ألا ترى أن زيادة الفانتازيا فى أعمالك يضعفها؟
- لا. لا أرى ذلك، ولا أرى الكتابة الواقعية رتيبة أيضًا إن كانت واقعية. ليس هناك فضل لنوع فنى على آخر، فى ذاته. أضع سلسلة جورج مارتن «أغنية الجليد والنار»، جوار الأعمال الأدبية الكبرى رغم فانتازيتها. غير أنى لا أقدم كتابة فانتازيا خالصة، فى الحقيقة، بل مزيج بين هذا وذاك. الغرائبية هى الوصف الأصدق، والغرائبية قد توجد فى الواقعى بأكثر مما فى الخيالي، زاوية النظر هى ما تحدد ذلك.


» لماذا تهرب من المدرسة الكلاسيكية فى جميع أعمالك؟
- لأننى لا أرى الماضى فردوساً مفقودًا، فردوسى يوجد فى هذه اللحظة الراهنة، وأنحاز إلى جماليات هذا العصر المتفكك، وإنسان هذا العصر المنبوذ، المتردد، الشاك، المعزول عن كل شيء. أكتبُ بوعى ابن لزمني.