مصر المستقبل

بارقة أمل

رشا الشايب
رشا الشايب

بقلم/ رشا الشايب

ويليام ستايرون روائى أمريكي، يُعرف الاكتئاب أنه شعور بالغرق أو الاختناق لكنه يقر بأنه حتى هذا الوصف ليس صحيحا تماما، فالمرء يصبح مثل الزومبى بإمكانه أن يسير ويتكلم لكنه لا يشعر بأنه إنسان وهو مختلف تماما عن الحزن والكآبة المعتادة.

ويحدد لنا ستايرون مظاهر الاكتئاب وهي: الإحساس بالعصبية وانعدام الأمل والرغبة فى الصراخ والبكاء، كراهية شديدة للذات، الشعور بانعدام القيمة، أرق، ارتباك، عدم قدرة على التركيز أو اتخاذ القرارات، فقدان مؤقت فى الذاكرة، وساوس مرضية، فقدان الرغبة الحميمية والشهية، وأخيرا أفكار تتعلق بالانتحار تسلب عقل المكتئب إلى أن يقدم فعليا على خطوة الانتحار وذاك المحظور الأكبر.. وكل هذه الأعراض بل وأكثر هى حصيلة ما رأيناه لشخص يائس مسكين، كاره للحياة، لا يفصله عن الموت سوى خيط رفيع، راقت له فكرة الانتحار وتشكلت له بكل تفاصيلها، فما كان ينقصه غير تحديد الزمان والمكان وكيفية الانتحار، كان شابا فى الثلاثينات، زوجا وأبا لطفلين، مسه مرض عضال فى عظام ساقه فانتابته آلام شديدة كانت تفقده وعيه، لم يُجدِ معها أى نوع من المسكنات، فاضطر آسفا غير مكترث بالعواقب أن يتعاطى جرعات مضاعفة من أدوية فيها نسب عالية من المخدرات، فكل ما كان يشغله هو أن يخرص آلامه فحسب، وبعد فترة ليست بقليلة شُفيت ساقه ولكن!

أصبح مدمنا لأدوية المخدرات إدمانا عنيفا، فلم يتركها يوما ولم يستطع أن يعيش من دونها، فصرف كل ما يملك عليها واستدان وباع أثاث منزله كى يشترى ما يلزمه من أدوية مخدرة، ولم يفق إلا وهو لا يملك مليما فى جيبه ولا يدرى من أين سينفق على زوجته وطفليه، فندم وكره حياته وانتابته نوبات اكتئاب عنيفة ولم يبق أمامه خيار سوى الموت.

وبالرغم من ذلك كله إلا أن هناك بارقة أمل صغيرة وهى أنه دوما يصرح لمن حوله برغبته الجمة فى الاستشفاء بإرادة ورضاء تام، فاختار أن يخلص نفسه من الإدمان، وبالفعل ساعده أحد الأخيار فى ذلك ونتمنى له خالص الشفاء والاستشفاء.

ولا يفوتنى هنا أن أذكر دور وأهمية صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، والذى يقدم الاستشارة والعلاج بالمجان لمدمنى المخدرات، حقيقةً وجب أن نُعظم دور هذا الصندوق المدعوم من الدولة والذى يقدم خدماته فى مراكزه العلاجية المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية بالمجان، هدفه هو القضاء على مشكلة تعاطى وإدمان المخدرات فى مصر، ونطالبه بعمل العديد من الحملات الدعائية المكثفة لتعريف العامة بكيفية التواصل معه لطلب الاستشفاء من المخدرات.