«البطاريات» معضلة تهدد مستقبل السيارات الكهربائية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تسير البشرية في اتجاه مزيد من التحول من استخدام السيارات التقليدية التي تعتمد على البنزين أو الديزل أو الغاز إلى السيارات الكهربائية .

 

 اقرأ أيضا| قطاع الأعمال: مشروعات جديدة بـ100 مليار جنيه.. وإنتاج أول سيارة كهربائية


فالمعدل الذي تنمو به الصناعة سريع للغاية في عديد من الدول خاصة الأوروبية، وبينما يقدر عدد السيارات الكهربائية على المستوى العالمي بحلول عام 2030 بنحو 145 مليون سيارة كهربائية، فإن أكثر من نصف مبيعات السيارات الجديدة وثلث الأسطول العالمي من السيارات أي ما يعادل 559 مليون سيارة ستعمل جميعا بالكهرباء بحلول عام 2040، كما أن دول الاتحاد الأوروبي تأمل أن يكون هناك 30 مليون سيارة كهربائية تسير على الطرق الأوروبية بنهاية هذا العقد، بحسب ما جاء بموقع الاقتصادية.


بالطبع يحظى هذا التحول السريع بدعم قوي من قبل عديد من الحكومات الأوروبية، وتراهن تلك الحكومات على أن يكون الاستخدام المتنامي للسيارات الكهربائية، أحد العوامل الرئيسة لمكافحة التغير المناخي، عبر خفض معدلات الانبعاثات الغازية خاصة غاز ثاني أكسيد الكربون، حيث لا ينبعث أي من تلك الغازات من السيارات الكهربائية.


لكن بالطبع لا يبدو الطريق باتجاه واحد، فكما للأمر جوانبه الإيجابية، فإن له سلبيته، وكثيرا من التحديات التي تؤرق الخبراء.


واحد من أبرز تلك التحديات أنه في غضون عشرة إلى 15 عاما ستواجه الدول ذات معدلات الاستخدام المرتفع من السيارات الكهربائية، فيضا من البطاريات التي انتهى عمرها الافتراضي، فأغلب مكونات السيارات الكهربائية مشابه للسيارات التقليدية، لكن الفارق الكبير يكمن في البطاريات.


في الوقت الحالي، فإن إعادة تدوير بطاريات السيارات التقليدية يتم على نطاق واسع وفي أغلب دول العالم، إلا أن الأمر لا ينطبق على بطاريات السيارات الكهربائية، فهي أثقل وأكبر من البطاريات العادية، وتقنيا تتكون من مئات من خلايا الليثيوم أيون التي تحتاج إلى تفكيك لاحتوائها على مواد خطيرة، وإذ لم تفكك بطريقة صائبة فإنها قابلة للانفجار.


ويقول الدكتور ديفيد لي أستاذ ميكانيكا السيارات في جامعة شيفيلد: "إذا كان هناك عامل قد يحد من انتشار السيارات الكهربائية فإنه سيتعلق بالبطارية، سواء من حيث قدرتها على إمداد السيارة باحتياجاتها من الطاقة لفترة طويلة، أو كيفية التخلص منها عند نفاد قدرتها، فكثير من الراغبين في شراء السيارات الكهربائية أو حتى الهجين يتوقفون عن المضي قدما في عملية الشراء، لأنهم يريدون ضمانات بأن التخلص من البطارية بعد انتهاء عمرها الافتراضي سيكون مسؤولية الشركة المنتجة للسيارة".


الدفعات الأولى من بطاريات السيارات الكهربائية والهجينة بلغت حاليا سن التقاعد إذا جاز التعبير، لكنها غير متجهة إلى مكبات النفايات بعد، فبطاريات الليثيوم أيون يمكنها تجميع الكهرباء وتفريغها لمدة تراوح بين سبعة وعشرة أعوام بعد إخراجها من الاستخدام في السيارات، وتلك مدة طويلة ستكون لها تداعيات على شركات صناعة السيارات الكهربائية بل وموردي المواد الخام.


وتجاهد شركات السيارات الكهربائية للعثور على طرق لإعادة استخدام بطاريات السيارات الكهربائية، حيث من المتوقع أن يتجاوز المخزون العالمي 3.4 مليون بطارية بحلول عام 2025.


وفي هذا السياق، تحذر المهندسة الين ويليام أحد أبرز قادة منظمة "الحلفاء الخضر" التي تعد من كبريات المنظمات البريطانية العاملة في مجال حماية البيئة، من أن عدم التوصل إلى حلول عاجلة للتغلب على مشكلة كيفية التخلص من بطاريات السيارات الكهربائية قد يوجد مشكلات بيئية، ربما تتجاوز مخاطرها النتائج السلبية الناجمة عن أضرار السيارات التقليدية.


وتقول إنه لا توجد لدينا أرقام دقيقة أو مفصلة حول النسبة المئوية لبطاريات الليثيوم أيون المعاد تدويرها، لكن أغلب التقديرات تدور حول 5 في المائة، وفي بعض الدول النسبة أقل من ذلك بكثير، فالمصنعون يجب أن يكونوا مسؤولين عن التأكد من أن منتجاتهم يتم التخلص منها ببساطة عند نهاية عمرها الافتراضي، لكن مع الأسف لم يرتقوا بعد إلى المستوى المطلوب، لكنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح".


وفى الصين يتم بيع نحو نصف المركبات الكهربائية في العالم، جعلت شركات صناعة السيارات الكهربائية مسؤولة عن البطاريات منتهية الصلاحية، وإبقائها خارج مدافن النفايات.


ويعتقد عديد من الخبراء أن كثيرا من الحجج الاقتصادية تصب في مصلحة إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، خاصة أن أغلب العناصر المستخدمة يصعب الحصول عليها في كثير من الدول، ومن ثم فإن تلك المواد يمكن إعادة استخدامها مرة أخرى لتصنيع بطاريات جديدة بتكلفة أقل.


ويستهدف المجتمع الدولي حاليا أن يكون في إمكان شركات صناعة السيارات الكهربائية بحلول عام 2030 إعادة استخدام نحو ثلاثة أرباع البطاريات المستهلكة وتدويرها للحصول على المواد الخام.


لكن المهندس ام . دي السون من شركة أبحاث تخزين الطاقة الدائرية والاستشارات في العاصمة البريطانية لندن، يشير إلى أن الاتجاهات الحديثة لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية لا تقف عند حدود استخدام المعادن التي تتألف منها تلك البطاريات .


ويقول إنه يتجلى انخفاض أداء تلك البطاريات من خلال قيادة السيارة عددا أقل من الأميال مع مرور الوقت، وعادة يتم تبديل المكونات بعد نحو عقد من الزمان في السيارات العائلية وأربعة أعوام في الحافلات وسيارات الأجرة، وتلك البطاريات مثالية للمهام الأقل تطلبا مثل تخزين الكهرباء من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.


ويختتم قائلا: "إذا لم نقم بعملية تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، فسنضر بالبيئة وسنخسر اقتصاديا، وهذا إهدار لا تستطيع الشركات أو النظام البيئي أو الاقتصاد العالمي تحمله".