ثروات ملقاة في مقالب «الزبالة».. رويات تكشف عالم «النباشين»

صورة أرشيفة
صورة أرشيفة

كتب: رحاب أسامة 

يجوبون الشوارع بحثا عن المخلفات الصلبة «البلاستيك والحديد وجميع المنتجات القابلة للتدوير وإعادة الانتاج, مهنة اصبحت غنية للغاية ودخلها اليومى جذب الكثير من الشباب خاصة العاطل عن العمل لامتهانها, ويرفضون التخلى عنها، .. النباشون فئة من طائفة جماعى القمامة، استباحوا الشوارع وحولوها إلى مراكز للفرز مما جعلها مشاهد معتادة للأهالى فى مختل فالمناطق.

وكل محاولات دمج النباشين فى منظومة الشركة باءت بالفشل فى ظل تقاضى النباشين ليوميات تتراوح من 300 الى 500 جنيه للفرد فى حين ان عامل النظافة فى الشركة يتقاضى 1500 شهريا بينما يصل دخل النباش إلى 15 ألف جنيه شهريا اى ما يزيد على عشرة اضعاف بالاضافة الى ممارسة النباشين لكل انواع البلطجة ضد العاملين بشركات النظافة.

والمحافظة تعمل على حل تلك الظاهرة التى رفض العاملون بها الدخول فى منظومة رسمية قانونية لارتفاع دخول النباشين أو فارزى القمامة من خلال إيجاد فرص عمل جديدة وفى إطار من المشروعات الصغيرة للشباب لجمع القمامة من المنازل إلى محطات وسيطة للفرز تابعة لشركة النظافة لتحقيق ربح حقيقى للشباب و نهاية مهنة الفرز فى الشوارع من خلال القضاء على فكرة وجود القمامة فى الشوارع.. الاخبار المسائى عايشت الحياة اليومية لبعض النباشين فى التقرير التالى.


يقول محمود مصطفى عامل نظافة بالشارع أن هؤلاء النباشين يقومون بفض وتمزيق أكياس القمامة على الأرض بالشارع, ليأخذوا منها المواد البلاستيكية وأى مخلفات معدنية مثل الكانز أو مخلفات الألومنيوم والحديد, وتلك مشكلة لأن أكياس القمامة الممزقة تتطاير منها القمامة بالشارع وذلك يكلف الحكومة الكثير لأن أعقاب السجائر الملقاه بالشارع تكلف الدولة مليون جنيه لتوفير عمال تنظيف ومشرفين وعربة لجمع المخلفات 
وأضاف محمود أن النباشين يمزقون شنطة القمامة, ويأخذون منها البلاستيك وآخرون يأخذون الحدايد وعلب التونة والكراتين ويبيعون كيلو الكرتون بجنيه ونصف وكيلو البلاستيك بـ 4 جنيه وكيلو الحديد بـ 5 جنيه وكيلو الألومنيوم من 10 لـ 15 جنيه, وكيلو علب الصفيح بـ 4 جنيه   ويجمعها بجونيات, وإذا عارضهم أحد من السكان أو من عاملى النظافة يردون بكل عدوانية عليهم  «بلاش نأكل عيش يعنى» .


وتابع محمود قائلا: إن هؤلاء النباشين يأخذون هذه المخلفات ويبيعونها لأصحاب المخازن, ويتم جردها بها وكثيرا ما يتشاجر عمال النظافة مع هؤلاء النباشين ويتعدوا على عمال النظافة, لأن هؤلاء النباشين كانوا يقومون بتمزيق شنط القمامة بالشارع, وهذا ما يرفضه عمال النظافة. 
وكشف محمود أن النباشين بمنطقة شبرا منتشرون بقوة ففى شارع أحمد رشدى يحصل كل نباش يوميا على 500 جنيه على الأقل, وبمنطقة سوق الخلفاوى ينتشر كل نباش بأسرته, حيث يوجد أربعة نباشين أخوات, يسرحون بأولادهم والذى ينتهى من ملئ جونيته, يتصل بوالده ليأخذها منه ويوصلها لمخزن الجرد. 


وتابع محمود عامل النظافة أن النباشين يمنعون ربات البيوت وسكان العمارات من أن يعطوا شنط القمامة لعمال النظافة وإلا يحاسبوهم عليها بدعوى أن الحكومة تدفع لهم رواتب.


وتبدأ حركة هؤلاء النباشين بمنطقة شبرا من السابعة صباحا بالتروسيكلات, ومعهم من 5 : 7 جونيات, وبعد ذلك يفرزون القمامة بالشارع وأثناء فرز القمامة , امام إحدى العمارات حاول أحد عمال القمامة أخذ راديو بلاستيك قديم فرفض النباش وتشاجر مع عامل النظافة ليمنعه من اخذ هذا الراديو. 


المفاجاة عندما إلتقينا برمضان على «أحد النباشين» بشارع الخلفاوى بشبرا, فقال أنه خريج كلية التربية وحامل لشهادة الدبلومة التربوية, وقدم بمسابقة تعيين المعلمين ولكن لم يتم قبوله لذا عمل فى مجال فصل القمامة والمخلفات الصلبة, وأنه يفصل الأطباق البلاستيك والزجاج البرطمانات والأدوية وأنواع أخرى من المخلفات الصلبة أما المواد العضوية مثل قشر البطاطس فيتم وضعها بمقلب عبود الكبير بالمظلات. 


واضاف رمضان أنهم بداوا عملهم بالزرائب بمنشية ناصر ومنشية المعتمدية بالمحور, ويربون الخنازير فيها ويعملون فى جمع القمامة وفصلها وبدا ذلك منذ ظهور شركات جمع القمامة فى عام 2002, ظهرت عمليات الفصل وكان قبل ذلك يتم جمع القمامة من البيوت ويأخذها جامعى القمامة «السريحة « كما هى مقابل الحصول على جنيهين وقتها, وينقلها للمنشية ليقوم السريح هو وأولاده بفرز القمامة ويترك المخلفات العضوية لتأكلها الخنازير. 


وتابع رمضان بعد ذلك تولت شركات القمامة وكانوا ثلاثة شركات وتم تقسيم السريحة لمجموعات وكل مجموعة تعمل تحت مسئولية متعهد «المعلم» وكل متعهد يحصل على راتب من المحليات ومبالغ مالية تتراوح  من «200 : 300» جنيه وذلك بدعوى أنهم من قسموا العقارات لمربعات, وكان السريح يحصل على 4 جنيهات من كل وحدة سكنية, هذا بالإضافة لـ 5 جنيهات التى يتم سدادها من سكان كل شقه للمحليات, وبعد ذلك تغير النظام بأن المتعهد يحصل من الشركة على 60 قرش عن كل شقة, ويعطى المتعهد لجامع القمامة 10 قروش عن كل شقة ولكن بالمقابل كان يحق للسريح نقض القمامة, ويتم نقل القمامة بسيارات نقل كبيرة تابعة لشركة أما عرب والشركات الأجنبية, ويجمع السريح المخلفات الصلبة فى الجونية أو «الأورمة» ويبيع هذه الجونية بمبالغ من» 10 : 15» جنيه لمخازن الخردة بعد نقضها وتصنيفها, أما إذا باعها للمخزن بدون فرز فيبلغ سعر الجونية على بعضها 150 قرش, والسريح إذا توافر لديه مخزن سيفرز القمامة ويبعها بسعر عالى, ولكن الشائع أن السريح لا يملك مخزن, لذا يبيع الجونية بدون فرز, ويتم محاسبة السريح بعد وزن الجونية, والفرق فى المقابل المادى لتوريد الجونية بعد تصنيف مكوناتها لان السريح يتعرض لمخاطر كثيرة أثناء الفرز فهو شخصيا اخترقت يده ورجله حقن ملوثة اثناء فرزه للجونية وليس له تامين صحى ولا اجتماعى ولا يصرف له معاش. 


وكشف رمضان أن شركات النظافة لا تؤمن على السريح أو العامل وإذا تم إنشاء مصانع لتدويير المخلفات وتقاضى السريح أجرا عن جمع القمامة من كل وحدة سكنية من 10 :20 جنيه, ويتم تجميعها بعد ذلك وصنفتها الحكومة بمصانع تدويير مخلفات, فهذا سيكون شئ إيجابى للسريح وللحكومة وللسكان أيضا لأنهم سيتخلصوا من القمامة ولن تتراكم بالشوارع. 


أما أحمد على «سريح» وهو شقيق رمضان فقال ليس صحيح أن السريح يحصل على 500 جنيه يوميا من بيع المخلفات لأن العامل يتم محاسبته بالكيلو واذا كان النباش اقصى كمية يجمعها من صنف الكرتون او الكانز او البلاستيك... إلخ لا تزيد عن 2 كيلو وسعر كيلو الكرتون بجنيه وكيلو الكانز بـ 15 جنيه. 


أما منى فتحى «عاملة نظافة» بالمترو تقول أجمع عبوات الكانز الفارغة من صناديق القمامة بالمترو, وأقوم بتورد كيلو الكانز الفارغ بخمس أو ستة جنيهات وأجمع حوالى 2 كيلو شهريا بالتقريب وأوردها لأحد المخازن وهى تختلف عن توريد البلاستيك, حيث أقوم بفرز القمامة وأوردها لزميل, وهو يقوم بعد ذلك ببيعها للمخزن. 


وأكدت مصادر داخل المحليات ان المسئولين يحاولون البحث عن حلول للأزمة ولم يجدوا ما يقدموه حتى الآن.