نقطة فى بحر

«فاينانشيال تايمز» وسوء النوايا

محمد درويش
محمد درويش

أدرك تماما أن صحيفة مرموقة عالميا مثل فاينانشيال تايمز عندما تتناول اقتصاد بلد ما فالأمر يحتاج إلى حيدة كاملة يتناول خلاله الكاتب ما لهذا البلد وماله.
ولكن المطلع على ما نشرته الصحيفة فى عددها الأحد الماضى يكفيه أن يدرك من عنوان التقرير المنشور اتجاه كاتبه.
ولأن تقريرا كهذا كان بحاجة إلى مجموعة من الصحفيين المتخصصين فى هذه الجريدة يقومون بعمليات بحث على مدى أكثر من سنوات عشر سابقة ليحصلوا على المعطيات التى تؤدى إلى النتائج التى تعيشها مصر الآن، والتى لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد أو جاهل.
تاريخيا كان على كاتب تقرير الصحيفة أن يبحث فى أكثر من خمسين عاما مضت عن حال مصر والمصريين والمسكنات التى كانت تداوى بها الأنظمة المختلفة أوجاع الاقتصاد .
لن أفند كل ما جاء فى التقرير من مغالطات سواء كانت عن عمد أو جهل ولكن يكفى أن يكون الرد من تقارير دولية لمؤسسات لها ثقلها فى عالم السياسة والاقتصاد.
فى عام ٢٠١٤ أشارت دراسة للبنك الدولى أن القاهرة يهدر فيها ٤٧ مليار جنيه سنويا بسبب الزحام المرورى وتوقعت الدراسة أن يصل الرقم إلى ٥٠١ مليار عام ٢٠٣٠، أليس هذا ناقوس خطر كان ضروريا العمل على ايقاف أجراسه بحركة تشييد وعمران لاستيعاب الاحتياج إلى مليون شقة سنويا وعدد سكان يصل عددهم إلى ١٦٠ مليونا عام ٢٠٥٠.
هل هذه المشروعات التى يصاحبها انشاءات بنية تحتية وطرق ومواصلات ستكون فرص العمل فيها بالملايين فيطلق التقرير عليها عمالة وهمية وتناسى فى اتهامه بأن هذه الانشاءات نموذج عسكرى للاقتصاد أن لا الجيش ولا وزارة الدفاع ليس لهما إلا الاشراف والمتابعة والتخطيط، وأن ما حدث بعد ٢٠١١ من تخوف الاستثمار الخاص وتداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادى فكان لابد من تدخل الجيش وقطاع الاعمال الحكومى لاستعادة الثقة والاستقرار وتهيئة المناخ الملائم لانطلاقة تضمد بها جراح عقود كثيرة كان كل شيء فيها شبه متوقف.
لماذا لم ير التقرير إلا انشاءات المدن الجديدة، ألم يسمع بمشروعات زراعية وتكنولوجية وشبكات الطرق الذى مجموع أطوالها ما كان موجودا قبل هذه المشروعات، ألم يبحث غير مشروعات البتروكيماويات وخطوط المواصلات التى ستجوب البلاد من أدناها إلى أقصاها.
ألم يطلع على تقرير التنافسية العالمية بأن ترتيب مصر فى مشروعات البنية التحتية قفز من رقم ٩٨ عام ٢٠١٣ إلى الرقم ٥٢ من بين ١٤١ دولة عام ٢٠١٩.
المساحة لا تتسع لمزيد من السطور تدحض ادعاءات ومزاعم هذا التقرير ولكن كل ما نقوله لكاتبه ان كنت مغرضا فلن يؤثر فينا شيء والقافلة سوف تسير، وان كنت حسن النية فإن الطريق إلى جهنم مليئ بحسن النوايا.