بعد التنحي.. جمال عبدالناصر يمتنع عن حضور الأفراح 

الرئيسان الراحلان جمال عبدالناصر وأنور السادات - أرشيفية
الرئيسان الراحلان جمال عبدالناصر وأنور السادات - أرشيفية

لم يكن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر يرى مصر يوما منغلقة على نفسها ولكنه كان يعرف أين تقع مصر من العالم ويعرف أيضًا أين يقع العالم من مصر؟، ولهذا كان إيمانه أن مصر جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وأن الثورة المصرية جزء لا يتجزأ بل إنها العمود الفقري للثورة العربية. 
 

كان عبدالناصر يريد أن تتحرر مصر وتقوى لتقوم بدورها التاريخي والحضاري، فإذا ما أصبحت مصر القوة الرئيسية فسوف تتحد الأمة العربية. 
 

حلم ناصر تجسد في أن يكون لكل فلاح قطعة أرض وأن تقوم زراعات عصرية في حقول مصر، وأن تعم مصر المصانع التي يملكها ويديرها وينعم بخيرها العمال، وأن تتسلح مصر بالجيش الثوري والشعبي، وأن تتعلم وتزدهر ثقافتها استمرارًا لحضارتها. 
 

كما كان يحلم بكل هذا ليعيش الفلاح ويموت في سبيل قطعة أرضه، ويعيش العامل ويموت في سبيل مصنعه، ويعيش المثقف ويموت في سبيل إبداعه، ويعيش الضابط والجندي ويموت في سبيل شعبه ووطنه، وذلك بحسب ما تم نشره في جريدة الجمهورية في 15 أكتوبر 1970. 
 

بعد كل هذه الأحلام التي اقتصرت على مصلحة مصر والعالم العربي كان من الطبيعي أن يخرج الملايين للتظاهر رفضًا لتنحيه عن رئاسة مصر يوم 9 يونيو 1967 بعد الهزيمة في حرب 5 يونيو من نفس العام. 
 

ولم يقتصر الرفض الشعبي على مصر فقط ولكن شمل الوطن العربي بأكمله، حتى الجاليات العربية في المهجر تظاهرت رفضا لقرار استقالة عبد الناصر. 
 

وقال عبد الناصر في خطاب تنحيه الذي أذيع على كافة وسائل الإعلام: «هل معنى ذلك أننا لا نتحمل مسؤولية تبعات هذه النكسة؟، وأقول لكم بصدق إنني على استعداد لتحمل المسؤولية كلها، ولقد اتخذت قرارا أريدكم جميعا أن  تساعدوني عليه، لقد قررت أن أتنحى تماما ونهائيا عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر». 
 

وأكمل قائلاً: «إن قوى الاستعمار تتصور أن جمال عبد الناصر هو عدوها، وأريد أن يكون واضحا أمامهم أنها الأمة العربية كلها وليس جمال عبد الناصر».

 

وختم: «لقد كنت أقول لكم دائما إن الأمة هي الباقية، وأن أي فرد مهما كان دوره ومهما بلغ إسهامه في قضايا وطنه، هو أداة لإرادة شعبية وليس هو صانع هذه الإرادة الشعبية».
 
وتنازل عن السلطات الرئاسية إلى نائبه في هذا الوقت زكريا محيي الدين، الذي لم تكن لديه معلومات مسبقة عن القرار، وقد رفض هذا المنصب مئات الآلاف من المتعاطفين مع ناصر من الذين تدفقوا إلى الشوارع في 9 و10 يونيو 1967،  وهتفوا: «نحن جنودك يا جمال!»  
 

تراجع جمال عن استقالته بعد كل هذه المظاهرات الحاشدة التي طالبت بعودته إلى الرئاسة وكان هذا في اليوم التالي بعد تقديم استقالته. 
 

وبعد ذلك قال إنه لن يحضر أفراحًا أو أي احتفال إلا بعد إزالة آثار العدوان ولكنه طلب من أعضاء اللجنة التنفيذية العليا والوزراء جميعًا بالقيام بهذه المهام. 
 

جمال عبدالناصر ولد في 15 يناير 1918 في حي باكوس بالإسكندرية، وعمل وكيلاً لمكتب بريد باكوس،  وتزوج من السيدة "فهيمة".  
 

تولى السلطة من سنة 1956 إلى وفاته في 28 سبتمبر 1970 أثر نوبة قلبية وبعدها عمت حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي. 

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي