في ذكرى احتلال القدس بأكملها.. سياسات «التهويد» و«الاستيطان» لا تتوقف

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

مع حلول اليوم الاثنين السابع من يونيو يكون قد مرّ 54 سنة على احتلال إسرائيل كامل أراضي القدس الشرقية، لتضمها على القدس الغربية، وتحتل مدينة القدس بأكملها.

أرض الفلسطينيين وأجدادهم من العرب والمسلمين أضحت في قبضة المحتل الإسرائيلي منذ ذلك اليوم، ليتحول من وقتها صاحب الأرض إلى مناضلٍ يسعى لاستيراد حقه المسلوب، الذي سطا عليه غيره بقوة السلاح لا بقوة الحق أو العدل.

ومع حلول 54 عامًا على احتلال كامل أراضي القدس، لا تزال زهرة المدائن تتعرض لمشاريع استيطانية إسرائيلية تهدف بقوة إلى تهويد المدينة، ولعل ما يحدث حاليًا في حي الشيخ جراح من جهة وبلدة سلوان، وتحديدًا حي بطن الهوى من جهة أخرى، خير دليلٍ على مشاريع التهويد الخارجية عن كل الأطر والأعراف الدولية.

إجراءات من جانب واحد

ويقول حنا عيسى، أستاذ القانون الدولي والأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، إنه منذ حرب 1967 وإعلان إسرائيل ضم مدينة القدس الشرقية إليها واعتبارها العاصمة الأبدية لإسرائيل رغمًا عن إرادة أهلها الفلسطينيين، تعاقبت الحكومات الإسرائيلية على العمل لإقرار وتطبيق الإجراءات من جانب واحد، خارقةً بذلك القواعد والقوانين الدولية وضاربةً بعرض الحائط جميع القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومختلف المنظمات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي جميعها اعتبرت مدينة القدس جزءا لا يتجزأ من الأراضي العربية المختلفة.

ويضيف عيسى "منذ ذلك الحين عمدت سلطات الاحتلال لتهويد المدينة وتوطيد السيطرة عليها من مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات، حيث اتبعت إستراتيجية التهويد العمراني ومصادرة الأراضي واستخدام أساليب مصادرة الأراضي المتنوعة، ومن أهم هذه الأساليب كانت مصادرة أراضي الغائبين ومصادرة الأراضي لأغراض عسكرية وأمنية، كما هناك مخططات هيكلية تهدف إلى زيادة عدد السكان اليهود عبر التطور الإسكاني، وشملت مصادرة أراضي القدس الشرقية، ومنع توسيع الأحياء الفلسطينية وتحويل مساحات واسعة منها إلى مناطق خضراء يحظر البناء فيها، ناهيك عن شراء الأراضي عن طريق الصندوق القومي والتي تعتبر مؤسسة «هيمنوتا» المسئولة عن عملية الشراء هذه".

ويشير عيسى إلى أنه منذ احتلال القدس 1967 بذلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جهودًا كبيرة في سبيل تغيير الطابع العربي الإسلامي للقدس، ملكيةَ أرضٍ ومعالمَ وسكانًا، عن طريق القيام بممارسات متعددة الأساليب والصور، كان أبرزَها السعيُّ إلى تغيير رجحان الميزان السكاني فيها لصالح اليهود، كي يغدوا غالبية سكانها، مضيفًا: "لا شك أن هذه الممارسة كانت الأبشع أيضًا لأن تنفيذها كان يعني المباشرة بطرد أكبر عدد من سكان القدس العرب، وتكثيف مشاريع الاستيطان فيها وحولها، وترغيب اليهود في سكناها، كما أفصح ديفيد بن جوريون صراحةً، أمام الكنيست في جلسته التي انعقدت في 31 يوليو 1967، مقترحًا توسيع أعمال الاستيطان في كلا شطري القدس".

التهويد والاستيطان «مستمران»

ويؤكد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس أن سياسات القضم والإبعاد والتهويد الإسرائيلية لا تزال تتواصل في المدينة المقدسة، منوهًا إلى أنه لتثبيت ما تمَّ القيام به من إجراءات تهويدية، ولإضفاء لون من "الشرعية" على تلك الإجراءات، أصدر الكنيست، عام 1980، ما عُرِف بـ"قانون القدس" الذي أكد في بنده الأول إعلان القدس بشطريها، عاصمةً موحدة لإسرائيل، وهو قانون صدر عام 1980، جاء فيه أن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل.

ويتابع قائلًا: "كان الاستيطان هو الوسيلة الأكثر نجاعة في مجال إنجاح مخطط التهويد المطلوب، حيث تم مصادرة مساحات واسعة من الأراضي العربية، تحت مختلف الحجج والذرائع، ووفقًا لمجموعة من القوانين والقرارات سنَّتها سلطاتهم، عقب احتلالها للقدس العربية مباشرة، كقانون السلطة والقضاء المعدَّل وقانون أملاك الغائبين، و قانون المناطق المحلية أو المناطق المغلقة لأسباب أمنية، وقانون الاستملاك للمصلحة العامة، وقانون تنظيم الاستيلاء على عقارات في ساعة الطوارئ، الصادر عام 1949 تحت الرقم (5710)، وكانت جميعها مجموعة ذرائع حاكتها السلطات الإسرائيلية، بوحي من رغبتها في ضم المناطق العربية المحتلة وتهويدها".

ويمضي قائلًا: "وفي إطار تهويد المدينة المقدسة قام المحتل الإسرائيلي الغاشم بإقامة تجمعات وبؤر استيطانية، وبناء جدران أسمنتية أحاطت القدس وكبلتها، وشوهت هدوء المدينة وروعتها، وحجبت جمالها عن العالم بأسره لتكون مدينة حصرية لليهود، حيث يعملون ليل نهار على سرقة تاريخها العربي وحضارتها الإسلامية، وتزوير حقائقها ومعالمها لتصبح القدس كما يتمنون ويحلمون، حاضنة لكنسهم وحدائقهم التلمودية".