سنوات الصمود السبع

واجهت حروباً ممنهجةً.. كيف انتصرت مصر على الإرهاب؟| تقرير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 محمود بسيوني

مَثل‭ ‬تصاعد‭ ‬العميات‭ ‬الإرهابية‭ ‬عقب‭ ‬نجاح‭ ‬ثورة‭ ‬30‭ ‬يونيو‭ ‬2013‭ ‬تحدياً‭ ‬رئيسياً‭ ‬أمام‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬مع‭ ‬تولى‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم،‭ ‬وبدء‭ ‬مشروعات‭ ‬التنمية‭ ‬ومعالجة‭ ‬الازمات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وحاولت‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية‭ ‬وقف‭ ‬تلك‭ ‬الاجراءات‭ ‬عبر‭ ‬تشظى‭ ‬الجماعة‭ ‬إلى‭ ‬تنظيمات‭ ‬ارهابية‭ ‬متعددة‭ ‬تسعى‭ ‬لتدمير‭ ‬موارد‭ ‬ومقدرات‭ ‬الدولة‭ ‬بعمليات‭ ‬التفجير‭ ‬والاغتيالات‭ ‬ضد‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والشرطة‭ ‬والقضاء‭. ‬

وحاولت‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬استخدام‭ ‬بعض‭ ‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬كسلاح‭ ‬لايقاف‭ ‬علميات‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬عناصرها‭ ‬من‭ ‬مرتكبى‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬ومارست‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات‭ ‬عمليات‭ ‬تشوية‭ ‬متعمدة‭ ‬لحرب‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬اجهزة‭ ‬الامن‭ ‬المصرية‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الاوضاع‭ ‬وفرض‭ ‬الامن‭ ‬لحماية‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬وتطبيق‭ ‬إجراءات‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬وفق‭ ‬مقررات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬التى‭ ‬أعطت‭ ‬الدول‭ ‬وأجهزتها‭ ‬الإمنية‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الارهاب‭ ‬العنيف‭ ‬ومكافحته‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬فرضتها‭ ‬الامم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الاعضاء‭ ‬وفق‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭ ‬رقم‭ ‬1373‭ ‬لعام‭ ‬2001،‭ ‬و‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الامن‭ ‬رقم‭ ‬ه‭ ‬2178‭(‬2014‭) ‬بادانة‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬واقراره‭ ‬بأن‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬‏وفقاً‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬منع‭ ‬تجنيد‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬أو‭ ‬نقل‭ ‬أو‭ ‬تجهيز‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يسافرون‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬غير‭ ‬‏التى‭ ‬يقيمون‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬يحملون‭ ‬جنسيتها‭ ‬بغرض‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬إرهابية‭ ‬أو‭ ‬تدبيرها‭ ‬أو‭ ‬المشاركة‭ ‬‏فيها‭.‬

تعرضت مصر لهجمات من شبكات إرهابية محلية و دولية، وظهر فى كثير من البؤر الإرهابية إرهابيون أجانب مرتبطون بتنظيمات مثل داعش وجبهة النصرة ‏وغيرهما من خلايا تنظيم القاعدة أو الجماعات المرتبطة به أو المنشقة عنه أو المتفرعة منه.

كانت مصر تواجه نوعا جديدا من الحروب الهجينة متنوعة الادوات بين الإرهاب المسلح والتجنيد عبر ادوات السوشيال ميديا وتشويه رجال الامن والتشكيك فى قدرتهم على ردع الهجمات الإرهابية، وتعدد مناطق التهديد خاصة فى سيناء وانتقال المقاتلين الاجانب والسلاح عبر الحدود مع انتشار التنظيمات الإرهابية فى ليبيا.

بدأ الرئيس السيسى التعامل مع الأزمة فى يوليو 2014 عبر اطلاق مبادرة تصحيح وتصويب الخطاب الديني، وتفاعل معها رجال الدين وحولتها وزارة الاوقاف إلى منهج عمل فى الوزارة، ورسخ الرئيس لعملية التنسيق الكاملة بين الأجهزة الأمنية وهو ما حقق مواجهة فعالة تشترك فيها كل مؤسسات الدولة، كما وجه الرئيس مخصصات مالية ضخمة لتنمية وتعمير سيناء وتأمين الجبهة الداخلية ضد انتشار الأفكار الإرهابية فيما قامت القوات المسلحة والشرطة بملحمة حقيقية قدمت فيها تضحيات وشهداء لمنع العناصر الارهابية من الوصول إلى المدنيين.

اصطياد العناصر الارهابية

ونجح جهاز الأمن الوطنى فى احباط الكثير من العمليات الارهابية واصطياد العناصر المنفذة داخل المدن باحترافية شديدة للحفاظ على ارواح الناس المحيطة بتلك العناصر فيما قامت القوات المسلحة بحرب حقيقية ضد تواجد الجماعات الإرهابية فى سيناء، فيما قام رجال القضاء بتعقب مصادر التمويل وشكلت لجان لمكافحة تمويل الارهاب وهو ما ساعد فى تجفيف منابعه.

وتصدى الإعلام المصرى عبر مؤسساته الوطنية والخاصة لمهمة كشف مخططات الجماعة الارهابية وعرضها عبر الوسائل الإعلامية المختلفة ضمن معركة واسعة لنشر الوعى فى مواجهة شائعات الجماعة الإرهابية، وقامت الدراما المصرية بتقديم اعمال درامية مثل فيلم الخلية ومسلسلات كلبش والاختيار وهجمة مرتدة والقاهرة− كابول وغيرها من الاعمال التى ساهمت فى رفع منسوب الوعى الجمعى لدى الشعب المصرى بمخططات التنظيمات الارهابية واسلوب عملها كما ساهمت فى احباط عملية تشوية دور رجال الأمن.

والتزمت مصر خلال تجربتها لمكافحة الارهاب العنيف بما نصت عليه اتفاقيات جنيف والبروتوكول الاول ‏الاضافى بها ومبادىء حماية المدنيين خلال الحرب، باخلاء تلك المناطق ‏لحماية المدنيين من آثار الاشتباكات المسلحة مع تلك العناصر خاصة بعد ‏اكتشاف مئات الانفاق فى الشريط الملاصق للحدود مع غزة، وجاء ‏الاخلاء ضمن عملية أمنية تستهدف تجفيف منابع ‏التهديد والسيطرة على ‏الحدود بالإضافة إلى حماية المدنيين من خطر ‏الاشتباكات العسكرية ‏وقامت الدولة بدفع تعويضات للسكان وفق استبيان تم توزيعه ‏على ‏السكان، حيث طلب 65% تعويضًا نقديًا، فى حين طلب 29% ‏مبلغًا ‏نقديًا وقطعة أرض مناسبة، وطلب 2% شققًا سكنية بديلة توفرها ‏الدولة، ‏واستجابت الدولة لطلبهم.‎

العملية الشاملة سيناء 2018‏‎‎

تمكنت العملية العسكرية الشاملة (سيناء ‏‏2018) من تدمير البنية التحتية ‏للعناصر الإرهابية من الأوكار والخنادق ‏والأنفاق ومخازن الأسلحة ‏والذخائر والعبوات الناسفة والاحتياجات الإدارية ‏والمراكز الإعلامية ‏ومراكز الإرسال، وإلقاء القبض على أعداد كبيرة من ‏الأفراد ما بين ‏عناصر إرهابية وداعمة للإرهاب أو مشتبه فيها، وهو ما ‏أدى ‏لحدوث انخفاض كبير فى عدد العمليات الإرهابية فى سيناء خلال ‏عام ‏‏2018 مقارنة مع الأعوام السابقة.‎

التنمية فى مواجهة الإرهاب‎.

الطبيعة الوعرة وغياب التنمية فى مناطق شمال سيناء كانت السبب وراء ‏انتشار الفكر الارهابى وتوغله فى تلك المناطق وتراهن الدولة على ‏عمليات التنمية والتحديث ‏للقضاء على الإرهاب فى هذه المنطقة الحدوديّة، ‏حيث عاد العمل فى مشروع ترعة ‏السلام لاستصلاح 4 ملايين فدّان ‏وإنشاء مدينة رفح الجديدة استجابةً لمطالب أهالى ‏الشريط الحدودى بمدينة ‏رفح، بحيث تتضمن خدمات ومرافق حديثة، ومناطق ‏زراعية وصناعية، ‏ونماذج سكنية تناسب البيئة الصحراوية، وإمكانية تعظيم ‏الاستفادة من هذه ‏المدينة والتوسع مستقبلا فى إنشاء كليات تخصصية بها سواء فى ‏مجالات ‏الطاقة أو الزراعة الحيوية.

انتصار مصر فى مكافحة الارهاب يمثل نموذجا يمكن تصديره فى المستقبل لمكافحة التنظيمات المتطرفة والقيام بعملية تنمية واسعة فى ذات الوقت وهو ما يمكن ان نطلق عليه التجربة المصرية فى مكافحة الارهاب والتى نجحت فى تحقيق الاستقرار والامن دون المساس بحقوق الانسان المصرى.

على‭ ‬هامش‭ ‬المعركة

نجحت مصر فى الخروج من الترتيب السنوي للدول الأكثر تأثرا بالإرهاب فى العالم.

تسلمت مصر الارهابى هشام عشماوى يوم 28 مايو 2019 من ليبيا وقضت المحكمة العسكرية باعدامه 

تجربة مصر فى مكافحة الارهاب اصبحت مرجعا لعدد كبير من الدول.

وزارة الداخلية المصرية اعلنت فى ابريل الماضى القضاء على المجموعة الارهابية المنفذة لعملية قتل الشهيد  نبيل حبشي فى سيناء.

دول كثيرة تبحث تصنيف الأخوان جماعة إرهابية وعناصرها لم تعد لديها أى ملاذات أمنة بعد طردها من الدول التى استقبلتهم عقب هروبهم من مصر.