علاقات مرهقة 4

نسرين موافي
نسرين موافي

نسرين موافي

ها قد وصلنا إلى العلاقة الأعظم إرهاقا على الإطلاق.. علاقة الإنسان بشريك حياته، فيها يظهر من الإنسان ما لا يعلمه هو عن نفسه، بل ويكتشف جوانب أخرى منها.. جوانب خفية تظهر فقط بوجود الشريك.. جوانب خارجة عن سيطرة العقل والحسابات.. جوانب مدفونة تفاجئنا جميعاً .

علاقة يخوض طرفاها الكثير من التحديات والمعارك، سواء مجتمعين معًا في مواجهة العالم ، أو منفردين بأنفسهم للوصول إلى مساحة مشتركة من البراح و الراحة، أو كلٌ منهما منفرداً  حيث تُرهق روحه في صراع الكبار.. الصراع بين عقله وقلبه.

صراع تتضارب فيه المصالح بين قلبك وعقلك. وأنت غارق في الحيرة فيما بينهم.. والكفة غير متعادلة والمقارنة غير عادلة، فالعقل مثقل بالتفكير، بطيء الحركة، يبحث عن الراحة مع الوقت، و يعمل بتأنٍ. والقلب أحمق متهور مندفع في مشاعره.

ولأن المشاعر والحب  كماء الحياة   للقلب. ومهما كان سنك فهي قادرة علي أن تجعله يبدأ من جديد، ليعود قلبك كطفل صغير عابث، غير عابئ بالمخاطر حتى و إن رآها، فهو بطفولته وسعادته يستصغر الخطر.. لذا، فمن الطبيعي والمنطقي أن يجرك قلبك جراً و لا يستطيع عقلك إيقافك.

كَمٌّ مهول من الإرهاق والاستنزاف لنفسك، إذا حسبته بحسابات العقل، إلا أننا اتفقنا أنك في هذه العلاقة لست أنت، لذا جرت العادة أن يستعذب المحب عذاب الحب إذا كان هذا هو السبيل لاستمرار العلاقة.

في علاقتك بشريكك أنت تعلم جيداً الخطأ من الصواب، محملاً بموروث من الأقوال المأثورة، و أحياناً بتجارب سابقة، بل وبنصائح من سبقوك في هذا الطريق الشائك وتعلم ما يجب فعله و ما يجب تجنبه،  ومتى تقف ومتى تبتعد ! كلنا يعلم… حقيقي كلنا يعلم .

إلا انك تجد نفسك تخطو بخطوات ثابتة للجحيم ، بكل ثبات تتقدم الخطوة تلو الأخرى مدفوع بطمأنينة غريبة من قلب أحمق -كما هي عادته بلا شك - وعقل نجحت في خداعه بأنك اتخذت كل أشكال الحذر و الحيطة من أي علاقة مُرهقة تستنزفه و هو يعلم انك كاذب و لكنه يعلم أيضاً  أن هذه العلاقة في حد ذاتها طريقك للحياة .

كاذب من يدعي أنه لا يحتاج لمن يملأ فراغ قلبه فكما أن هذه العلاقات في أغلبها أو كلها مرهقة إلا أن القلب الفارغ أكثر إرهاقا  للروح بل و  يؤلم أكثر من ألف شجار و قطيعة .

ظاهريا أنت هادئ لا شيء ينغص عليك حياتك ، ملك ، لا تهتم و لا تنتظر شيئاً إلا أنك  تعلم جيداً وأنت تقرأ هذه الكلمات ما و من ينقصك و تكابر إما خوفاً أو عجزاً .

هي العلاقة المُرهقة الوحيدة التي تتحملها بصدر رحب إذا كانت مشاعرك حقيقية بل و عميقة أيضا .

فدقيقة الرضا فيها تستطيع أن تعطيك آلاف الدقائق من السعادة التي تعينك علي مواجهة الحياة .

فما بالك إذا كانت ساعات كثيرة من الرضا تتخللها منغصات عادية بكثير من سعه الصدر تزول .

حتى نفسك التي بين ضلوك تثور عليك في بعض الأحيان أتستكثر ثورة حبيبك عليك وصبرك عليه ؟!

الفيصل هنا هل حقا يملك مشاعرك و تملك مشاعره ! هل يتعمد ان يرهقك ، هل يتعمد ان يغضبك ،  أم أنها الحياة و اختلاف الطبائع و في بعض الأحيان موروث الخيبات.

انت وحدك تستطيع ان تحدد و قلبك العاصي المتمرد وحده يستطيع ان يستشعر آن كان مكانه بين ضلوع شريكك آمن أم لا مكان له ط

الجميع من بعيد هاديء ،  مسلي ،  مرح ، و لطيف حتي تقترب فإن  اقتربت  بنفس التوقعات و بتوقع الإستمرار بنفس النمط بدون صعود و هبوط بدون أيام سيئة و أخري جيدة و أخري رائعة ، فانت تخدع نفسك  و حتما ستفشل علاقتك .

لكنك اذا اقتربت و انت تعلم ان هناك مساحة للإختلاف و لتحمل الآخر و ان هناك حتما وقتا لتستمع له و وقتأ ليكون سندك ، و أن كل منكما يحتاج الآخر بل و في بعض الأوقات لا يحتاج غيرك .

إذا تذكرت إنك كلما اقتربت كلما أطمئن و كلما هدأت روحه و بَعُدت فترات الجفاء و الغضب و زادت أيام الراحة و الهدوء .

 كمروض الخيول هو يضع له مسار و يحكم سيطرته و يطمئنه حتي يهدا و يطمئن ان صاحبه لن يخذله و لن يغدر به ليغدو اوفي الأصدقاء و اقرب المخلوقات

اذا تذكرت كل هذا و وصلتم  لهذا التفاهم ، التفهم و الصبر علي الآخر ، حتما تستطيعوا ان تجتازوا كل شيء معا  .

هذه العلاقة الوحيدة المرهقة حتما لكن دونما  نصيحة مني بالابتعاد أو وضع حدود فدونها موت للقلب و اذا مات قلبك فلا معني لحياتك .