القارئ وأنا

الشهيد الحي

إسلام دياب
إسلام دياب

مسلسلات وطنية وتاريخية ومخابراتية كان لها نصيب الأسد من المشاهدة خلال هذا العام فى رمضان، امتزج فيها الواقع بالخيال بعيدا عن السفه الدرامى من مسلسلات تكون الجريمة عنوانها والعنف أساسها بما ينعكس سلبا على حياة الناس والمجتمع الذى أصبح شيئا فشيئا يميل إلى العدوانية فى الحديث والتعامل والجرائم التى تملأ ساحات المحاكم..

ومن خلال متابعتى للنوعيات الثلاث التى ذكرتها فى السابق خلال شهر رمضان وجدت أن هذه النوعيات لا تحتاج إلى الإنتاج الضخم المبالغ فيه ولا كما يدعى البعض بأن الجمهور يهجرها ليذهب إلى التفاهات أو الأعمال الخالية من الفكرة والمضمون، وأثناء ذلك وقع نظرى على ملحمة وطنية للكاتب الأديب محمد زيدان بعنوان «الشهيد الحى» والتى مزج فيها الواقع الذى عاصره عن تجربة ذاتية تسجل مشاركته الشخصية ضمن جنود القوات المسلحة فى معارك 67 والاستنزاف وصولا لانتصار مصر المدوى فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 فى العاشر من رمضان..

استطاع زيدان من خلال رائعته الأدبية أن يصور النكسة فى أقسى صورها وجثث الشهداء المتناثرة لدرجة أن الأهالى كان لا يعرفون هل نجلهم صار شهيدًا أم على قيد الحياة ومن خلال شخصية «فرحان» تدور القصة الذى اعتقد أهله أنه صار شهيدا وأن أهل قريته اعتبروه كذلك وحملت المدرسة بالقرية اسمه دون أن يعلموا أنه مازال حيا واستطاع أن يقدم التضحيات مع أهل سيناء خدمة لبلاده قبل أن يعود لهم ليستحق لقب «الشهيد الحى».

وفى ختام مقالى أطالب القائمين على الدراما خاصة مع تراجع دور قطاع الإنتاج الذى كان يمتعنا بمسلسلات تاريخية من سير الصحابة والتابعين والخلفاء الراشدين وشخصيات مصر العامة التى كانت مثالا يحتذى به فى الهمة والإقدام وتقديم الغالى والنفيس من أجل مصر وشعبها والمسلسلات الاجتماعية التى تحمل قيما ومبادئ وأخلاقا صارت تندثر فى عالمنا المعاصر، أن يكون لمثل هذه الأعمال نصيب كل رمضان وألا يصبح المثل الأعلى لهم ممن يجلب الحظ والمال والشهرة هو من ينتهج أساليب العنف والبلطجة والخروج عن القانون وفعل الموبقات ليصبح فى نظر الجميع «بطل الأبطال» ونخسر أجيالا قادمة نعول عليهم رفعة شأن بلادهم.