يوميات الأخبار

قبعة بايدن ولعبة نيوتن

نوال مصطفى
نوال مصطفى

 «خطوة كبيرة أهم هدف معلن لها هو إطلاق قناة مصرية إقليمية للأخبار على مستوى القنوات الإخبارية العالمية»

تأخذنى الرواية التى تخرج من كاتبها كأنها ولادة طبيعية لا قيصرية، لا تشعر أنه جاهد نفسه حتى تأتى المولودة بعد عسر، بل تتسلل سطورها إلى إحساسك بانسياب رائق، وتتدفق أحداثها بصدق فنى مذهل يسحبك دون إرادة لتصبح جزءًا من عالمها المثير. تستهوينى الحكاية، ربما لأنها جزء أساسى من حياة البشر، الأديب العالمى «جارسيا ماركيز» اختار عنوانا لمذكراته «عشت لأروى». فالحكاية فعل إنسانى، رغبة فى مشاركة التجربة أيا كان نوعها مؤلمة أو مبهجة. مفيدة أم عابثة.

أقرأ هذه الأيام واحدة من تلك الروايات العظيمة، عنوانها «المخطوط القرمزى» للأديب أنطونيو غالا، الذى اشتهر بروايته عن فترة حكم العرب فى الأندلس. تدور الرواية حول آخر أيام الحكم العربى فى الأندلس، بعد انهيار الحضارة العربية الإسلامية فى محطتها الأخيرة فى مدينة غرناطة عام 1492 ميلادية. فى رواية «المخطوط القرمزى» يحكى أبو عبد الله الصغير آخر سلاطين الأندلس مذكراته، بكلمات مغموسة فى اللوعة والندم، مبللة بالدموع على مجد زال، يستدعى أبو عبد الله الصغير ذكريات مليئة بالتفاصيل المبهرة، فترة مشتعلة بالأحداث السياسية الساخنة، واصفا صراع القوة والسلطة، يبكى سنوات شامخة لحضارة الأندلس التى كانت نبراسا للعالم كله بالعلم والتقدم الذى انتقل إلى أوروبا، وكانت وقتها ترزح تحت ظلام الفكر وانعدام المعرفة. يتحدث فى مذكراته عن فترة تميزت بالثقافة الرفيعة، الفن الراقى والإبداع الفريد. أقرأ «المخطوط القرمزى» وأبكى ليالى الوصل فى الأندلس.

لعبة نيوتن

استطاع المخرج تامر محسن أن يورطنى فى لعبته الدرامية المرسومة باحترافية عالية، وأن يوقعنى فى فخ الترقب، وفضول التوقع على مدى ثلاثين يوما متصلة. المخرج هو الأب الحقيقى للعمل الدرامي، هذا أمر مفهوم، لكننى مع مسلسل «لعبة نيوتن» التقيت فعلا بمخرج مختلف، لديه أسلوبه الخاص وبصمته التى لا تشبه أحدا. لن أتحدث عن قدرته المذهلة فى الاحتفاظ بتركيز مشاهديه طوال شهر كامل، ولا على دقته، وحرصه على امتلاك عناصر قوية يرفع بها أساسات العمل: السيناريو والحوار (الورق) واختيار أماكن التصوير فى مصر والولايات المتحدة الأمريكية، اختياره الرائع لـ(الكاستينج). تامر محسن لديه أسلوبه المختلف، الجديد، الذى يخلق التشويق، يزرع التوتر فى أعصاب المشاهد من أول دقيقة فى المسلسل إلى آخر دقيقة، وهذا جديد تماما على الدراما المصرية التى يعانى معظمها من التطويل الممل والترهل فى المشاهد وتفكك السيناريو والأحداث.

رأيت فى «لعبة نيوتن» مشاهد مصنوعة بدقة. لحظات الصمت التى تصاحبها تعبيرات وجوه الممثلين تقول أكثر مما يمكن وصفه بالكلمات، كل مشهد لوحة ناطقة، نابضة، تتدفق بمشاعر إنسانية مختلفة، متناقضة، متواترة، يصنعها ممثلون بارعون الفنانة المتمكنة الرائعة منى زكى، بركان المشاعر والتعبير محمد ممدوح، الفنان محمد فراج الذى صنع دور عمره فى هذا المسلسل «الشيخ مؤنس». سيد رجب الفنان الذى خلق جو الغموض والترقب بأداء مذهل، آدم الشرقاوى أو «بيج زى» الشاب الأمريكى ذو الأصول المصرية الذى أضاف نكهة جميلة ومحببة للعمل. ليس هذا فحسب، بل موسيقى تامر كروان، وأداء مجموعة من الفنانين سواء من كانوا أمام الكاميرا أو خلفها من مهندسى إضاءة، ومصورين، ومساعدى المخرج، ولا يمكن أن ننسى مها الوزير رئيسة ورشة الكتابة والمجموعة المشاركة.

فى النهاية أحيى تامر محسن مايسترو هذا العمل المحترم الذى امتعنا فى رمضان وأشكر عاشقى النجاح محمد سعدى وإيهاب جوهر اللذين تركا بصمة عميقة مع أول إنتاج درامى للشركة التى يمتلكانها ويديرانها بشغف المبدع، وفكر الحالم.

الإعلام

نقلة ضخمة ينتظرها المجتمع المصرى بشكل عام، والإعلاميون بشكل خاص مع القرارات التى أعلنتها مؤخرا الشركة المتحدة للإعلام. هيكلة مدروسة، اختيار شخصية مصرفية لها تاريخ وإنجاز فى مجال المال والأعمال لتولى رئاسة مجلس الإدارة هو حسن عبد الله، تعيين محمد سعدى رئيسا للشركة القابضة للدراما، والكاتب خالد صلاح رئيسا للشركة القابضة للصحف والمواقع الإخبارية، بالإضافة إلى مستشارين لكل منهم خبرة طويلة فى مجالى الإعلام والدراما.
خطوة كبيرة أهم هدف معلن لها هو إطلاق قناة مصرية إقليمية للأخبار على مستوى القنوات الإخبارية العالمية، تتوفر لها كل الإمكانات المادية والبشرية لأداء الدور المهم فى نقل صورة مصر الحقيقية للعالم كله من خلال رؤية واستراتيجية إعلامية تقدم باحترافية عالية.

أما الأهداف الأخرى فتحمل آمالا طموحة فى فتح الباب أمام مبدعى مصر من مؤلفين ومخرجين وممثلين ليدخلوا سوق الدراما وينافسوا بإبداعاتهم المتميزة. الرسالة التى تريد قرارات الشركة المتحدة إيصالها هى أن الباب أصبح مفتوحا للكل، والتعاون بين مصر والسعودية من خلال إنتاج مشترك تدعمه قنوات الإم بى سى أصبح حقيقة واتفاقات وبروتوكولات تعاون. شيء مبشر بالخير لمصر وعودة قوية لقوتها الناعمة من خلال الدراما والإعلام.

«بايدن» يرفع القبعة

مع رحيل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته عن المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض، انتابتنا جميعًا المخاوف من تراجع العلاقات المصرية الأمريكية فى ظل حقبة الرئيس الديمقراطى الجديد جو بايدن إلى ما كانت عليه فى عهد باراك أوباما. الذى كانت تجربتنا المؤلمة معه لموقفه العدائى من مصر، تفتح باب الهواجس، وتدفع رياح التشاؤم فى قلوب المصريين.

رغم كل تلك التوقعات السلبية لمسار العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، نجحت مصر من خلال دورها المحورى فى المنطقة العربية، يدعمه ثقلها السياسى ووزنها الاستراتيجى فى أن تحفظ كفة الميزان لصالحها. وأن تصبح تلك العلاقة المهمة قوية ربما أكثر من أى وقت مضى.

يكفى أن يتصل الرئيس الأمريكى جو بايدن بالرئيس عبد الفتاح السيسى تليفونياً مرتين فى أسبوع واحد! فى المكالمة الهاتفية الأولى أبدى الرئيس بايدن سعادته بالدور المصرى المهم فى اتفاق التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، والذى تم بدعم أمريكى كامل. وفى المكالمة الهاتفية الثانية التى لم يفصل بينها وبين الأولى سوى ثلاثة أيام، أكد الرئيس الأمريكى اهتمامه بقيمة الشراكة المثمرة والتعاون البناء والتفاهم المتبادل بين الولايات المتحدة ومصر. وتبادل الرئيسان الرؤى حول العديد من القضايا الإقليمية.

تلك الاتصالات المكثفة من الإدارة الأمريكية تعكس تطلعها لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات، خاصةً فى ضوء دور مصر المحورى إقليمياً ودولياً، وجهودها السياسية الفعالة فى دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة وتسوية أزماتها.

تثبيت اتفاق الهدنة

زيارة اللواء عباس كامل مدير المخابرات العامة لإسرائيل التى تمت أمس أول، والتقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو وكذلك محمد عباس «أبو مازن» وممثلى الفصائل الفلسطينية المختلفة تؤكد الدور المصرى المحورى فى القضايا العربية الملحة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، هدف الزيارة هو تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين. معنى ذلك إن مصر لم تكتف بالخطوة الكبيرة التى حققتها بالوساطة والعمل الديبلوماسى المكثف من إجل وقف إطلاق النار، لكن واصلت جهودها ولاتزال من أجل دعم هذا الاتفاق وتثبيته بكافة الطرق السياسية والديبلوماسية الحكيمة.

العريس: رئيس وزراء

عقد رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون وخطيبته كارى سيموندز قرانهما فى حفل سرى. أقيم حفل الزفاف بحضور عدد قليل من الأصدقاء المقربين والعائلة بحسب ما جاء فى الصحف البريطانية.

ووفقا لصحيفة «ذا صن» البريطانية، فقد أتم جونسون البالغ من العمر 56 عاما وسيموندس البالغة من العمر 33 عاما مراسم زواجهما فى كاتدرائية «وستمنستر» وسط لندن، على بعد نحو ميل واحد من مقر الحكومة، وهى نفس الكاتدرائية التى شهدت تعميد ابنهما ولفريد العام الماضي.

نشرت الصحيفة صورة للعروسين، السيدة سيموندز وهى ترتدى ثوبا من الدانتيل الأبيض تكمله باقة من الزهور البيضاء تزين شعرها وهى تنظر بلطف إلى زوجها فى الحديقة فى ضوء الشمس. أما جونسون فكان يرتدى بدلة داكنة أنيقة، ولوحظ إنه قام بتمشيط شعره من أجل هذه المناسبة، لكن ربطة عنقه ظهرت رغم ذلك منحرفة قليلا عن مكانها.

حسب الصحيفة أن الثنائى أرسلا الدعوات لأقاربهما وأصدقائهما فى اللحظة الأخيرة لحضور الحفل وسط لندن، مضيفة أنه حتى كبار أعضاء مكتب جونسون لم يكونوا على علم بخطط الزفاف. الطريف فى الموضوع هو أن رئيس وزراء بريطانيا وشريكته مخطوبان وينتظران مولودهما الثانى.

سمير غانم

غيب الموت قيمة فنية كبيرة، الفنان القدير سمير غانم الذى طالما أضحكنا وأسعدنا. يشاء القدر أن يكون مشهد النهاية فى حياته تراجيديا، قاسيا، فقد غادر الحياة دون أن يهمس بكلمة وداع أخيرة لشريكة حياته وحبيبة أيامه ورحلة عمره الفنانة القديرة دلال عبد العزيز. الشيء الوحيد الذى أسعدنى خلال تلك الملحمة التراجيدية الحزينة هو موكب الحب، وباقات الدعاء التى أرسلها ملايين المحبين لسمير غانم تطلب له الرحمة من الله العلى القدير والمغفرة، وتتمنى له حياة أجمل فى رحاب الله، وفردوس جناته.

أما الحبيبة الصديقة الغالية الفنانة دلال عبد العزيز، التى لاتزال ترقد فى المستشفى، تصارع متاعب ما بعد الكورونا اللعينة، فأتمنى أن تعود إلى جمهورها العريض، وعائلتها الجميلة، المترابطة، دنيا، إيمى، حسن الرداد، ورامى رضوان فى صحة وعافية. ربنا يصبر قلبك يا دلال ويلهمك الصبر والسكينة لعبور هذه المحنة الكبيرة التى داهمت عائلتك الجميلة المتحابة.

كلمات: 

«لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر، تعلمت أن الجميع يريد العيش فى قمة الجبل غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن فى تسلقه»
جابرييل جارسيا ماركيز