عبد الحكيم أبو جاموس - نابلس
لَمْ يَعُدْ يُرْهِبُنا المَوتُ لأنّا
قدْ رَضعناهُ حَليباً وَلِبانا
وَشَرِبنا حَسْرةَ الفَقْدِ مِراراً
وَبَقينا وَحْدَنا ليسَ سِوانا
غيرَ أنّا لمْ نَهُنْ قَيْدَ بَنانٍ
رَغْمَ ما أُهْرِقَ غَدْراً مِن دِمانا
ما رَفَعنا الرّايةَ البيضاءَ يَوماً
مُذْ حَمَلنا الفَخْرَ رُمْحَاً وَسِنانا
نُشْعِلُ الأرضَ أُوارَاً وَلَهيباً
وَتُلألئ بالصواريخِ سَمانا
قدْ رَفَعنا أبَدَ الدَّهْرِ شِعاراً
تَرْخُصُ الرّوحُ فِداءً لِثَرانا
يَشْهَدُ اللهُ بِأنّا قَدْ ثَبَتْنا
وَصَمَدنا صُوَّمَاً في رَمَضانا
***
دَمُنا ليسَ رَخيصاً
إنّه مِسْكٌ وَعَنْبَرْ
كُلّما سالَ غَزيراً
هَلَّلَ النَّصرُ وَكَبَّرْ
صَيْحَةُ الأحْرارِ تَعْلو
حُرَّةً اللهُ أكبرْ
فَالأعادي في اضْطِرابٍ
وَلُيوثُ الحَقِّ تَزْأَرْ
نَكَصوا مِثْلَ جَبانٍ
وَعَلَوْنا كَالغِضَنْفَرْ
لَمْ نَعُدْ نَخْشَى عَدُوّاً
بَيْنَ أيْدينا تَقَهْقَرْ
قدْ قَذَفْنا الرُّعبَ فيهِمْ
يومَ هاجَمْنا المُعَسْكَرْ
***
نحنُ قدْ نُقْتَلُ يَوْماً
غَيْرَ أنّا لا نَموتُ
صُبُرٌ في الحَرْبِ دَوْماً
والأعاريبُ سُكوتُ
أَطْرَقوا دونَ حَياءٍ
يَسْتُرُ العَوْرَةَ توتُ
***
يا غَزّةَ هاشِمَ
رُدّي هذا الغَزْوَ الغاشِمْ
صُدّي بِدِمائِكِ سَيلَ النّارْ
صَارَتْ يَدُكِ اليومَ تُلاطِعُ أعْتَى مِخْرَزْ
يا غَزّةُ يا بَلَدَ الأحْرارْ
يا روحَ الثورةِ
يا نبعَ الإصْرارْ
يا مَن سَطَّرْتِ بُطولاتٍ لا تُنْسَى
وَمَلاحِمَ يَعْجَزُ عَنها جَيشٌ جَرّارْ
يا مَن مَرَّغْتِ أُنوفَ المُحْتَلّينْ
وَأَلْحَقْتِ بـ «جولاني» العَارْ
***
لن نَسْتَسلمْ
صِرْنا من فوقِ الأرضِ
وَتَحْتِ الأرضِ نُباغِتُهُمْ
وَأَظافِرُنا نَنْشِبُها في كُلِّ وُجوهْ
لَقَّناهُمْ دَرْسَاً لَنْ يَنْسوهْ
فَاسْحَبْ يا «بيبي» جَيْشَكْ
يا «بيبي» المَعْتوهْ
ما عادَتْ غَزّةُ سائِغَةً في حَلْقِكْ
واغْرَقْ في بَحْرِ حِساباتِكَ كَالمَشْدوهْ
إنّا آمَنّا بِالنَّصْرِ
وَمَنْ يَسْلكْ دَرْبَ الثُّوارِ فَلَيْسَ يَتوهْ
قدْ شَبَّ الطفلُ عن الطَّوْقِ
ما عادَ صَبِيّاً
طِفلُ الـ «آر بي جي» صارَ فِدائِيّاً
(ما قَتَلوهُ وَمَا صَلَبوهْ)
***
لنْ نَسْتسلمْ
كُلِّ الشَّعبِ يُقاومْ
أشْلاءُ الأطفالِ تُقاومْ
شَلاّلُ الدَّمِّ النّازِفِ مِن وَجَعِ القَصْفِ يُقاومْ
ذَرّاتُ الرَّمْلِ تُقاومْ
مِنْ فَوْقِ رُكامِ الدّورِ نُقاومْ
بإباءٍ وثباتْ
مِن تَحْتِ مِياهِ البَحرِ نُقاومْ
مِن وَسطِ حُقولِ الألْغامِ نُقاومْ
مِن قَلبِ الأنْفاقِ نُقاومْ
نَتَخَطّى كُلَّ الأزماتْ
لَوْ هَدَموا كُلَّ بُيوتِ الحَي
أوْ خَسَفوا فينا الأرضْ
لَو سَحَقونا بالدّباباتْ
أوْ حَرَقونا بِالغازاتْ
لنْ نَسْتسلمَ أو نَحْني الهامَاتْ
***
لا تستسلمْ
قاوِمْ حَتّى اليَوْمِ الآخِرْ
لا توْقِفْ إطْلاقَ النّارْ
فَصُمودُكَ في الهَيْجَا شَرَفٌ
وَثَباتُكَ عِزٌّ وَفَخارْ
وَاعْبُرْ مِثْلَ السَّهمْ
مِثلَ السَّيْلِ الهادِرْ
زَلْزِلْ أرْكانَ الأشْرارْ
إنْ نُضْرَبْ نَقْصِفْ عقْرَ الدّارْ
يا شَعْبَ اللهِ الغَدّارْ
***
في غزّةَ أبطالٌ إنْ قالوا فَعَلوا
رغمَ الذّبحْ
وخرابِ الدّورْ
في غزّةَ أطفالٌ يَحْدوهُمْ أَمَلُ
في غزّةَ أقمارٌ وبدورْ
وسماءٌ من نورْ
في غزةَ زِلْزالُ حِمَمْ
في غزةَ بُركانٌ من دَمّْ
يَغْلي وَيَفورْ
***
اسْمَعْ يا «موشيه يعلونْ»
اسْمَعْ يا ابْنَ المَجنونْ
الحَربُ فُنونْ
فَتَعَلَّمْ يا هذا مِنّا الفَنّا
لَنْ تَهْنَأَ أنتَ وقائِدُكَ المَأْفونْ
ما عُدْنا نُطْعَنُ
إنّا أتْقَنّا الطَّعْنا
وَسَقَيْناكُمْ كَأْسَ مَنونْ
لَسْنا مِمَّنْ هانوا
أوْ قالوا لِلأعْداءِ: (سَمِعْنا وَأَطَعْنا)
إنّا أجنادُ اللهِ ورائِدُنا (كُنْ فَيَكونْ)