خواطر

ظاهرة «المستريح».. محصلة الافتقار لفاعلية جذب مدخرات المواطنين

جلال دويدار
جلال دويدار

فى إطار الحديث عن قضية الاستثمار وعدم تحقيق ما نتطلع إليه من معدلات طموحة.. فإننا نسمع ونقرأ من وقت لآخر عن وقوع أعداد من المواطنين ضحايا لعمليات (المستريح). هذا (المستريح) يتجسد فى الشخص الذى يعمل على النصب لجمع مدخراتهم لاستثمارها. إن وسيلته للإيقاع بضحاياه تستند إلى الإغراء باستثمارها بمعدلات أرباح.. تفوق الفوائد المنخفضة التى تقدمها البنوك وكذلك المشروعات الاستثمارية الحالية.

طبعا فإن ما يدفع المواطن للوقوع فى هذا الكمين سعيه إلى تحقيق عائد لمدخراته يساعده على مواجهة متطلباته المعيشية وأعبائه المالية المتزايدة. هذا الذى يحدث ما هو إلا وليد فشل سياسات الأجهزة المعنية فى جذب هذه المدخرات من خلال أوعية ادخارية أو للاستثمار فى مشروعات. إن ذلك يجرى نتيجة الافتقار إلى المشروعات المضمونة المربحة القادرة على جذب هذه المدخرات.

هذه الحقيقة المُرة تعيدنا مرة أخرى للحديث عن فشل سياساتنا الاستثمارية وما يرتبط بها من إجراءات طاردة للاستثمار.. إن هذه السياسات وهذه الإجراءات أثبتت فشلاً مضاعفاً فى عدم الاستفادة من الجهود الناجحة لعملية الإصلاح الاقتصادى. ليس هذا فحسب وإنما هذا الفشل امتد إيضا إلى عدم استغلال الإنجازات التى استطاع الرئيس السيسى تحقيقها فى مجال المشروعات القومية وما أدت إليه جهوده واتصالاته السياسية من تحسين لصورة مصر وتعظيم الثقة فى استقرارها وسلامة مسيرتها التنموية.

فى المقابل فإن الأجهزة المعنية فى الدولة بأدائها السلبى لم تكن على المستوى الذى ترقى إليه الآمال والطموحات. إن ما يدل على هذا الوضع ما ذكرته فى مقال الأمس عن الانخفاض فى معدلات الاستثمار المحلى والخارجى وأثر ذلك على خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

بالطبع فإن هذا الخلل يعود بوضوح إلى التعقيدات وسوء الأداء وغياب الانضباط والحسم فى التعامل مع متطلبات جذب الاستثمارات وتسهيل قدومها إلى مصر رغم توافر عناصر الجذب الأساسية. هذه المسئولية تتحملها الأجهزة المتعاملة والمستندة إلى بعض التشريعات والإجراءات المعروف أنها طاردة للاستثمار.

يشارك فى هذه المسئولية البنوك بدورها المتمثل فى عدم تقديم مبادرات وأفكار لمشروعات مساهمة استثمارية تحظى بدعمها وضمانها لجذب المدخرات. إنها تفتقد لفهم أن مشكلة هذه المدخرات تتركز فى البحث عن أى نشاط يتحقق لها من ورائه العائد المجزى والذى يحقق في نفس الوقت الصالح الوطنى. 

على ضوء هذه الأوضاع غير المواتية فإن الوصول إلى غاية وأهداف التنمية المأمولة يتطلب تحركا يتسم بالشجاعة والجرأة. إننا نحتاج إلى  خطة فاعلة على نسق ما تم فى عملية تبنى برنامج الإصلاح الاقتصادى كما سبق أن ذكرت.