فى الصميم

مقاولو العشوائيات وشروط البناء!!

جلال عارف
جلال عارف

شروط البناء التى تم الإعلان عنها فى القاهرة وباقى المحافظات ينبغى أن تتحول إلى قانون ثابت يلتزم به الجميع، ويغلق الأبواب نهائيا أمام مافيا البناء والعشوائى التى اغتالت الكثير من جمال مدننا الكبيرة، واعتدت على الأرض الزراعية، وتركت للدولة عبء التعامل مع حصيلة سنوات العشوائية فى البناء بتكاليفها الهائلة ماديا وبشريا.
 فى الستينيات اخترت السكن فى حى هاديء وجميل قريب من ميدان روكسى هو حى «منشية البكرى»، معظم الحى كان «فيلات»، بجانب عدد محدود من العمارات التى تراعى بكل صرامة شروط البناء كان من نصيبى شقة صغيرة بإحدى هذه العمارات. الآن لن تجد مكانا لتسير فى شوارع ازدحمت بالسيارات والبشر بعد أن تحولت الفيلات والعمارات الصغيرة إلى أبراج شاهقة. وهو نفس ما حدث فى أحياء عديدة مثل مدينة نصر والمهندسين وغيرهما.
أما الأسوأ فكان فى الأحياء التى نشأت خارج القانون وبدون أى تنظيم، لتتحول أرض زراعية إلى أبراج سكنية فى حوارى ضيقة دون أى مراعاة لشروط البناء، أو لاحتياجات الحياة، أو لوجود المرافق وقدرتها، أو لتأمين الناس من مخاطر الحريق أو من فساد البناء.
الآن، وبعد أن أدركت الدولة حجم العبء الذى سببته عشوائية البناء وبدأت فى التعامل مع المشكلة.. تعود الدولة لتضع الشروط التى تكفل ألا تكرر ما حدث على يد تحالف فساد المحليات مع مقاولى العشوائيات. الشروط الجديدة تفرض ألا يتجاوز ارتفاع البناء أكثر من مرة ونصف عرض الشارع وبحد أقصى ستة أدوار. هذا هو الملائم لإنقاذ القاهرة وعواصم المحافظات من هجوم العشوائيات. وهو الملائم لدولة تريد أن توسع العمران بدلا من التكدس على الشريط الضيق المحاذى للنيل. وهذا هو الأنسب لتوفير المرافق وصيانتها بسهولة ولتوفير الأمان والسلامة للمواطنين مقاولو العشوائيات وفساد البناء يراهنون على أن هذه شروط مؤقتة ينتظرون نهايتها(!!) على الدولة أن تؤكد أن الشروط الأساسية التى وضعت للبناء باقية، وأن العودة للعشوائية وفساد البناء هى المستحيل.