حكايات | من شال عزّا.. كورونا تقضي على «نصبة» عمرها مئات السنين بقنا

كورونا تقضي على "نصبة" عمرها مئات السنين بقنا
كورونا تقضي على "نصبة" عمرها مئات السنين بقنا

تتميز محافظة قنا بالعادات والتقاليد، التي يشتهر بها أبناء المحافظة منذ مئات السنين، والتي لم يستطع أحد تغييرها حتى مع تغيير الثقافات، في العصر الحديث.

وتنتشر بالقرى والمدن عادة "النصبة" ، وهى أن يقيم أهل المتوفي سرادق عزاء يستقبلون فيه الأهل والأقارب، لتقديم واجب العزاء، لمدة 3 أيام متالية، فضلا عن إقامة البعض للعزاء في اليوم الخامس عشر من وفاة الشخص وأيضًا الأربعين والسنوية.

ويلتزم أهل المتوفى بإقامة مثل هذه السرادقات، لاستقبال المواطنين، والتي تتكلف آلاف من الجنيهات، والتي لم يستطع أحد منع إقامة مثل هذه السرادقات على مر التاريخ، إلا أنه مع تفشي فيروس كورونا والخوف من العدوى، جعل المواطنون يضطرون لعدم إقامة السرادقات، والاكتفاء بمواقع التواصل الاجتماعي والمكالمات الهاتفية.

اقرأ أيضا|| مستشار الرئيس الفلسطينى لـ «الأخبار»: مصر وفلسطين فى خندق واحد

هنا في قنا، فور وفاة أحد المواطنين، يخرج " المنجب" في سيارة، عليها مكبرات صوت، ينادي في القرى والمدن، ليعلن عن وفاته، وموعد ومكان تشيع جثمانه، ويتجمع الناس من كل مكان، وقت تشييع الجثمان، ويخرجون في مواكب في سيارات لتأدية "الواجب"، منذ خروج الجثمان وحتى دفنه في مقابر العائلة، ثم يعودون لتأدية واجب العزاء داخل سرادق أقامته عائلة المتوفي لمدة 3 أيام، ولكن في هذه الأيام ينادي " المنجب"، بأن العزاء قاصر على تشييع الجنازة، كما يتم التنبيه على المقابر أنه  "من شال عزّا" ويقصد بها أهل المتوفي أنه من شيع الجثمان وحمل المتوفي على أكتافه، فإنه قدم واجب العزاء " ومفيش نصبة ولا قعدة"، لاستقبال المواطنين للعزاء.

 

 

يقول محمود النجمي، معلم، إن موضوع " النصبة"، الخاص بالعزاء، كان مكلفًا، وربما يكون أطفال المتوفي وزوجته أولى بالأموال التي تنفق على "النصبة"، إلا أن أهل المتوفي يصرون على إقامة السرادق، خشية "العار"، وأيضًا " ليه الميت مينصبلهوش هو قليل"، موضحًا أن هناك مصاريف في السرادق من فراشة وبوفيه ومقرئ، تتراوح ما بين 5 و10 آلاف جنيه، فضلًا عن أنه لا بد وأن يخرج أقارب المتوفي "صينية غدا وصينية عشا"، لمجاملة أبنائه وأقاربه من الدرجة الأولى، كنوع من "الواجب" وصلة الرحم أيضًا.

ويوضح مصطفي علي، مهندس، أن ما فعله كورونا، بالقضاء على العادات والتقاليد في الصعيد، الخاصة بـ "النصبة"، لم يستطع أحد تغييرها من مئات السنين، مطالبًا بضرورة الاستمرار في اقتصار تشييع الجثامين على الأهل والأقارب وعدم إقامة سرادقات للعزاء، بعد الانتهاء من فيروس كورونا، وأن تعود مصاريف السرادق وغيرها لأطفال المتوفى وأسرته.