الروشتة غير مفهومة.. كوراث طبية متكررة بسبب الدواء الخاطيء

الروشتة غير مفهومة
الروشتة غير مفهومة

» صيدلى غيرمؤهل.. وروشتة غير مفهومة .. اتهامات متبادلة  للهروب من جريمة الإهمال الطبى 


كابتن خالد مهدى: دواء خاطىء يصيبنى بغيبوبة 3 أيام.. وبمراجعة المخطئ نهرنى قائلاً: «خطأ طبى مسموح به»


مرضى: «الدكتور قاللى أنا طبيب مش خطاط».. ولدينا صيدلية بلا متخصصين 

شيماء مصطفى _رانيا عبدالكريم


لم يتوقع المرضى أن تكون نهايتهم على يد من يعالجوهم من”أطباء وصيادلة” فقد تعددت فى الآونة الأخيرة حالات صرف الأدوية بالخطأ ومع كل واقعة يتبادل الطرفان الاتهامات فيما بينهما لإبراء ساحة كل منهما والضحية في الآخر مريضاً يتكبد عناء تناول أدوية ليس لها علاقة بعلاج مرضه وفى كثير من الأحيان لها آثار جانبية أشد خطراً من مرضه الأصلى لتضيف إليه أمراضاً فوق مرضه وآلاماً فوق آلامه.


 حيث يؤكد معظم الصيادلة أن كثير من الأطباء يكتبون روشتاتهم بخط غير مقروء بينما يتهم الأطباء أقرانهم الصيادلة بأنهم يعتمدون على أشخاص غير مؤهلين من حملة الدبلومات ليقوموا بدور الصيدلى فكيف يتم فك الاشتباك للحفاظ على صحة المرضى ووقايتهم  من تلك الغلطات المميتة.


فى البداية يقول الكابتن خالد مهدى مدير الكرة بنادى الإنتاج الحربى وأحد ضحايا صرف الدواء بالخطأ أن الدكتور المعالج “ع.ا” استشارى الباطنة والكبد قام بكتابة الروشتة بالكمبيوتر وتضمنت علاج مدِّر للبول وقمت بصرف الروشتة من إحدى صيداليات مدينة بنها بخطأ من الشخص الموجود بالصيدالية “غير صيدلى” كما اتضح لى فيما بعد، حيث قام بصرف دواء مسكن للعظام “بروكستين” شديد الخطورة على مرضى الكبد وأنا أحدهم بدلاً من الدواء المطلوب لحالتى وتناولته لمدة  أسبوع ما أدى إلى دخولى فى غيبوبة لمدة ثلاثة أيام وعندما قام ابنى بمراجعة الطبيب المعالج لتغيير الدواء وارسال العلاج الذى اتعاطاه من خلال الواتس انتفض صارخاً متهماً الصيدلى بالإهمال الجسيم مؤكداً أن نسبة شفائى من الغيبوبة لا تتعدى الـ10% نظراً لطبيعة مرضى الحساسة لتلك الدواء علماً بأننى أتعالج من مرضى الأصلى منذ ثلاثة أشهر انفقت خلاله ما يقرب من 150 ألف جنيه وكانت الأمور قد بدأت فى التحسن وجاءت تلك الواقعة لتعيدنى إلى المربع صفر مرة أخرى.


وأضاف قائلاً، “والغريب أنه عندما قامت ابنتى بمعاتبة هذا الشخص مؤكدة له أنه السبب فى تدهور حالتى وأننى كنت أقرب إلى الموت من الحياة قام بتعنيفها مبرراً أن هناك نسبة معترف بها للأخطاء الطبية ولولا حضور صاحب الصيدلية والاعتذار لقمت بتحرير محضر ضد هذا الشخص غير المؤهل وغير الأمين على صحة المواطنين.


 كما تقول أم عبدالله إننى وجميع أفراد أسرتى دائمو التردد على أحد الأطباء بالحى الشعبى الذى نسكن فيه والحق أنه من أشطر الأطباء وعيادته دائماً مملؤة بالمرضى ولكن لديه مشكلة واضحة جداً ويعانى منها كل مرضاه وهى عدم وضوح خط يده أثناء كتابة الروشتة وتقريباً اتصل به كل مرة خلال صرف الدواء من داخل الصيدلية ليشرح للصيدلى اسم الدواء المطلوب ورغم ما تربطنا به من علاقة طيبة إلا أنه نهرنى بالحديث عندما طلبت منه توضيح الخط أكثر من مرة قائلاً “أنا دكتور مش خطاط إللى واقف فى الصيدلية مش دكتور”
وأشار سعد جميل المحامى إلى نشوب العديد من المشكلات بسبب الصرف الخاطئ للأدوية فى أحد الصيدليات المجاورة ويملكها أحد العاملين  بإحدى شركات الأدوية ومتعاقد مع أحد الصيادلة وعادة لا يتواجد بها الصيدلى ويعمل بها العديد من الأشخاص غير المؤهلين وللأسف هذا هو دور وزارة الصحة وشؤون الصيادلة بها وهو غائب ويجب تفعيله للحفاظ على صحة المرضى.    


ومن جانبه أكد دكتور محمد الشيخ نقيب صيادلة القاهرة أن المسؤول عن صرف الروشتات قانونياً الصيدلى وليس أى شخص آخر مهما كانت خبرته أو معرفته بأنواع العقاقير، وأى تجاوز عن هذا فإن التفتيش الصيدلى ينزل ويتخذ الإجراءات اللازمة، لافتا إلى أن هناك الكثير من الحالات التى تم غلق الصيدليات بها بسبب تلك المخالفات القانونية.    


وعن اللبث فى صرف الروشتة فقال الشيخ “هذا موضوع نادينا به مراراً وتكراراً، وكان آخره الأسبوع الماضى، وكان هناك حملة من شباب الصيادلة تتحدث عن الروشتة الإلكترونية وأهميتها للمريض أولاً وأخيرا”، لافتا إلى أن هناك أكثر من 700 ألف حالة على مستوى العالم تتوفى سنوياً بسبب صرف أدوية خطأ، وأكثر من مليون ونصف لديهم مضاعفات لنفس السبب. 
وأضاف الشيخ انه تم مطالبة الأطباء كثيراً لكتابة الروشتات إلكترونيا حتى لايتم صرف أى دواء بالخطأ نتيجة عدم وضوح خط الطبيب، وخصوصاً أن بعض الأطباء يعمل ساعتين فى مستشفى ما.. ويمشى بعدها، أو فى عيادته ولا يرد على هاتفه بعد انتهاء مواعيد العيادة، وهنا لن يجد الصيدلى أحد يتواصل معه فى حال تعثر قراءة الروشتة،  ولكن لو مكتوبة إلكترونية سيمنع أى خطأ وارد بنسبة 99% ، وهذا كله مقصود به مصلحة المريض. 


وعن خطأ الروشتة الخاصة بالكابتن خالد مهدى فأوضح إلى أنه لا مجال للخطأ فى صرف روشتة إلكترونية، قائلا “ولكن لايمكننى التعقيب عليها لأني لاأعرف بالواقعة، ولا استطيع أن أجزم أين الخطأ هنا”. مؤكداً أن كتابة الروشتة إلكترونيا سيقلل الكثير من المشكلات التى قد تقع فى حق المريض، مشيراً إلى أنه فى الخارج من الطبيعى أن يكون للمريض ملف إلكترونى بما فيه الروشتات الخاصة به، وهذا يحدث مع منظومة التأمين الصحى الشامل، ولكن إلى أن نصل لتلك المرحلة التى يرسل فيها الروشتة على الإيميل للصيدلية كما يحدث فى الخارج على الأقل تكون الروشتة إلكترونية.علماً بأن هناك برامج حديثة تسهل كتابة الروشتة إليكترونيا، ولابد أن تتعاون معنا نقابة الأطباء وتأخذ الموضوع على محمل الجدية، وهذا لا يقلل منها فى شئ بل على العكس، لأننا جميعنا نسعى لمصلحة المريض، بالإضافة إلى أن عمل الطبيب ملف للمريض لديه بما فيه روشتاته، يساعده بعد ذلك على تذكر الحالة بسهولة”. ولكن للأسف يوجد مقاومة من الأطباء بشأن الروشتة الإلكترونية، وعادة ما يلقون بالعبء واللوم على الصيدلى،  وأن الطبيب لا وقت لديه للكتابة على الكمبيوتر والمرضى تنتظر فى الخارج، والبعض من الأطباء لا يوجد لديه القابلية للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة”.


الدكتورة إيناس عبدالحليم عضو لجنة الصحة بمجلس النواب قالت إن المشكلة فى أن الصيدلى أحياناً يعطى بدائل للدواء المكتوب من الطبيب المعالج، والتغيير للبديل يحتاج الرجوع إلى الطبيب المعالج وليس قراراً من الصيدلى نفسه، فمن الممكن أن يكون المريض يتناول أدوية أخرى يحدث تفاعل بينها وبين بدائل الصيدلى، قائلة:  “الصيدلى لا يصح له وصف وكتابة دواء للمريض أو تغيره ببديل، كتابة الدواء من الطبيب المعالج فقط، لأنه المنوط بذلك”.


وأكدت عبدالحليم على ضرورة العودة لما كنا عليه، والصيدلى لايصح وصف العلاج للمريض أو قياس السكر والضغط، لأن ذلك غير قانونى، ولايوجد قانون يعطيه الأحقية فى ذلك، مضيفة أنه كان يقوم الصيدلى بإرسال الدواء للطبيب للتأكد من الدواء والجرعات، ولكن الآن لا يحدث ذلك، بل يحدث أخطاء من خلال إعطاء البدائل.
وأكدت عضو لجنة الصحة بالبرلمان على ضرورة أن يكون من يقف بالصيدلية متخصص، ففى بعض الأحيان يكون الموجود بالصيدلية مؤهل متوسط، وهم القائمون بالتعامل ويقوموا بصرف الأدوية، فأغلبية الصيدليات القديمة كل من يقف بها مؤهل متوسط، ويكتفى الصيدلى الكبير بمباشرة الصيدلية وتعليم المساعد للتعامل مع المرضى.


وقالت عبد الحليم إنه من الأفضل أن تكون الروشتة إلكترونية، حتى لا يحدث لبس فى قراءة خط الطبيب، بالرغم أن أغلب الأطباء الآن يكونوا على تواصل مع صيدليات بعينها والتى تكون فى محيط عيادتهم.


اقرأ أيضا |إعلانات «الفنكوش» تبيع الوهم للمواطنين الغلابة