خالية من التلوث وأسماكها الفاخرة تـُصدر لأوروبا

بحيرة البردويل.. الرزق «على وش الميه»

رزق كثير .. وخير وفير
رزق كثير .. وخير وفير

تعتبر بحيرة البردويل فى شمال سيناء، أنقى بحيرة فى العالم لخلوها من كل أنواع التلوث، وبعد عمليات التطوير التى تشهدها، بات الرزق الوفير «على وش الميه»، فقد زادت الثروة السمكية، فانخفضت الأسعار محلياً، وباتت فى متناول جميع الفئات، ووصل الإنتاج إلى دول أوروبا.

فى هذا التحقيق، تابعت «آخرساعة» عمليات تطوير البحيرة وكيف أسهمت فى زيادة الإنتاجية، كما تابعت أصداء الخير من خلال آراء الصيادين، ورصدت انتعاش أسواق السمك فى العريش.

جاء التكليف الرئاسى بشأن مشروع تطوير البحيرات، ليفتح أبواب الرزق مع تنمية موارد «البردويل»، وتحسين بيئتها البحرية، إلى جانب خلق نظام بيئى متزن، يساعد على تنوع التركيب المحصولى فى الإنتاج السمكى، حيث تصدِّر البحيرة أسماكها الفاخرة إلى دول الاتحاد الأوروبى، بالتالى تسهم فى زيادة الدخل القومى للدولة، وتوفير فرص عمل لأبناء سيناء، كما أن هذه الخطوة تمثل بداية جادة للحفاظ على البحيرة بتميزها وقدرتها على المنافسة عالمياً.

فى هذا السياق، قال اللواء محمد عبدالفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، إنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى من تطوير وتنمية بحيرة البردويل، حيث قامت شركة القناة لأعمال الموانئ والمشروعات الكبرى، التابعة لهيئة قناة السويس بأعمال تطهير البواغيز الرئيسية للسماح بدخول وخروج أكبر عدد ممكن من الأسماك، وعمل قنوات شعاعية لزيادة المساحة المستغلة للصيد من المسطح المائى  للبحيرة.

وأشار المحافظ إلى أنه تم البدء فى المرحلة الثانية، بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحيث يتكامل مشروع تنمية بحيرة البردويل مع الإطار الاستراتيجى العام لتنمية سيناء، مع توفير عوامل النجاح للمشروع.

وأوضح أنه جرى تشكيل لجنة برئاسته لدراسة موقف الملاحات المقامة فى نطاق البحيرة ومدى تأثيرها فى إنتاج البحيرة من الأسماك، من أجل الحفاظ على مسطح البحيرة من دون أى تعديات، وتضم اللجنة فى عضويتها سبع جهات معنية، منها المعهد العالى لعلوم البحار، وهيئة تنمية الثروة السمكية وهيئة الاستشعار عن بعد والبيئة، وممثلين عن الملاحات وجمعيات صائدى الأسماك.

ولفت المحافظ إلى أنه تم افتتاح الصيد فى المسطح المائى للبحيرة بالتزامن مع احتفالات المحافظة بالذكرى التاسعة والثلاثين لتحرير سيناء والعيد القومى للمحافظة، وذلك عقب فترة منع الصيد لتكاثر الزريعة ونمو الأسماك الصغيرة،  وأن زيادة إنتاجها أدى لانخفاض أسعار الأسماك بما يتناسب مع مختلف مستويات الدخل.

وتمثل «البردويل» باب رزق لنحو 4 آلاف صياد من أبناء سيناء يعتمدون على حرفة الصيد فى تسيير حياتهم وتوفير متطلبات منازلهم وأسرهم طوال فترة الموسم التى تمتد من أبريل إلى ديسمبر من كل عام، حيث يخرجون مع أول ضوء شمس إلى المسطح المائى للبحيرة ويعودون مع آخر ضوء بالخير الوفير من أجود أنواع الأسماك.

وإنتاج البحيرة خلال الأيام الثلاثة الأولى من بداية موسم الصيد هذا العام، بحسب المحافظ، بلغ 245 طناً من أسماك الدنيس والموسى والبورى والقاروص، علاوة على كميات من الكابوريا.

خطة لزيادة الإنتاج

من جانبه، لفت الدكتور صلاح مصيلحي، رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، إلى أنه تم إعداد خطة لزيادة إنتاجية البحيرة من الأسماك المطلوبة محلياً ودولياً مثل الدنيس والبورى والقاروص، عبر إقامة حضانات لزريعة الأسماك ومناطق محمية لتنمية الثروة السمكية بالبحيرة والحفاظ على التنوع السمكي، لا سيما أنها تنتج الأنواع القاعية التصديرية والفاخرة.

وتابع: «تضمنت خطة التطوير تطهير البواغيز الرئيسية التى تربط مسطح البحيرة بمياه البحر، وكذلك أطراف البحيرة التى تعرضت لعمليات تصحر بفعل حركة الكثبان الرملية أثناء هبوب الرياح والتى غطت أجزاء من الجانب الغربى للبحيرة، مشيراً إلى أن التطوير يستهدف زيادة حجم الأسماك، ومنع صيد الزريعة، وزيادة المخزون السمكى، وحظر الصيد فى مرحلة التكاثر (الراحة البيولوجية)».

وأشار إلى أن عملية تصدير الأسماك للخارج يتزايد بصورة مطردة بعد التزام الشركات بالمواصفات والمعايير التصديرية، والتى تخضع لإجراءات الهيئة العامة  للخدمات البيطرية، بجانب وجود ضوابط أعلنتها وزارة الزراعة بشأن عمليات الصيد بالبحيرة، أهمها منع استخدام غزولات الجر المسماة بـ«الكلسة» داخل المسطح المائى للبحيرة والسماح بالصيد للرسو فى المراسى المصرح بها، كما تم تحديد 5 حرف رئيسية للصيد داخل البحيرة.

فيما قال الدكتور شكرى سليمان، المدير التنفيذى للبحيرة، إن البردويل تخضع سنوياً لأعمال تطوير دائمة لزيادة الإنتاج والحفاظ على نقائها، وكذلك ملاحقة المتعدين على البحيرة وضبط الشباك المخالفة، وتشمل عملية التطوير «بوغاز1» عن طريق كراكة «25 يناير»، حيث تم تطوير «بوغاز2» بكراكة تابعة لهيئة قناة السويس، وتطوير المراسى التابعة لها، وإنشاء الحواجز والقنوات الشعاعية، عن طريق كراكة ذات قدرة عالية للعمل داخل البحيرة باستمرار، بجانب تطوير مراسى البحيرة، وإقامة أعمال الحماية اللازمة للحفاظ عليها وتنمية الثروة السمكية بها.

مقاومة غراب البحر

ولفت إلى أن الإدارة تتصدى لكل التحديات التى تواجه عملية الصيد من أجل الحفاظ على الإنتاج السنوى من الأسماك كماً ونوعاً، والحفاظ على تصدير الأسماك الفاخرة، كما تمت مقاومة طائر غراب البحر إذ يصل إجمالى أعداد الطائر لنحو 15 ألف طائر سنوياً، والذى يعتمد فى غذائه على الأسماك الفاخرة، حيث تم استخدام مراكب الصيد داخل البحيرة فى القطاعات الأربعة التى تم تقسيمها وهى، التلول، أغزيوان، نجيلة، أبوصلاح، لتطفيش الطائر.

ولمنع خروج الأسماك من البحيرة إلى البحر، تم تركيب شباك أمام فتحات البواغيز، بالإضافة إلى أن مراكب الجر التابعة لمحافظتى بور سعيد ودمياط تقوم بصيد زريعة الأسماك وأمهاتها من أمام البواغيز أثناء خروج الأسماك للبحر، ما يؤثر فى المخزون السمكى خاصة أثناء فترات التكاثر.

وأوضح أن المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد «محطة بحوث التلول» قامت بعمل دراسات بيولوجية على بعض أنواع الأسماك الفاخرة التى تنتجها بحيرة البردويل، بإجراء عمليات تشريح الأسماك وإجراء أبحاث عليها من خلال بيانات تتضمن الأعمار ومعدلات النمو، وكذلك اكتمال أجهزتها المختلفة، ودراسة نسب التلوث فى البحيرة، وتأثيره فى تكاثر الأسماك ونموها، ومدى توفر الغذاء الطبيعى لزيادة أحجام الأسماك التى تتميز بها البحيرة، وتستهدف الدراسة تحقيق التنمية المستدامة  للبحيرة وزيادة معدلات الإنتاج السمكى.

رمضان.. والصيد

وتابع شكري: الصيد طوال شهر رمضان الماضى كان بمعدل 3 أيام فقط فى الأسبوع (السبت والأحد والإثنين)، ومن المقرر تغيير المواعيد فى الفترة المقبلة، مؤكداً أن الضوابط التى تم اتخاذها فى عمليات الصيد تصب فى مصلحة الصياد بالدرجة الأولى، وتتضمن الالتزام بضوابط تشغيل العائمات ومنها السروح من أول ضوء حتى آخر ضوء، وعدم السماح بالمبيت داخل البحيرة. وقال إن إدارة البحيرة حدّدت  6 أنواع لحرفة الصيد فى المسطح المائى للبحيرة، وهى الدبة، والدبديبة، والكابوريا، والسنار، والدهبانة، ومنع الصيد بخلاف تلك الحرف، حيث يعرض الصيادون المخالفون أنفسهم لغرامات تصل أحياناً إلى إيقاف تراخيص الصيد.

وأشار إلى أن البواغيز تعمل على تجديد وتحسين خواص البحيرة بتبادل مياهها مع البحر وخروج الأمهات من البحيرة إلى البحر للتكاثر، وعودة الأمهات ومعها الزريعة إلى البحيرة حيث الغذاء الطبيعى والمياه الهادئة داخل البحيرة، لافتاً إلى أنه تم الاستعانة بكراكة عملاقة من هيئة قناة السويس لاستخدامها فى عمليات التكريك، وفقا لجدول أسبوعى، وأوضح أن هناك كراكة جديدة تعمل لتطهير البواغيز، بجانب الجهود التى بذلتها الإدارة البحرية لاستخراج مخلفات الهياكل الحديدية وخزانات المياه القديمة التى يتم إلقاؤها لتجمع الأسماك عليها، وإزالة الكاوتشات والمخلفات التى يضعها الصيادون فى المياه لصيد الأسماك الطويلة مثل البورى، خاصة أن  هذه المخلفات تعوق عملية الصيد وتسبب حوادث وتقطع الشباك.